خبراء يحذرون من هجمات لـ"الذئاب المنفردة" في أوروبا بأعياد الميلاد
مع اقتراب احتفالات أعياد الميلاد يحذر خبراء أمنيون من هجمات إرهابية لداعش عبر أنصاره من "الذئاب المنفردة" داخل عدد من الدول الأوروبية.
ومؤخرا، أعلنت الشرطة الفرنسية، القبض على شخصين كانا يخططان لتنفيذ عمليات طعن خلال احتفالات عيد الميلاد، وعثر بحوزتهما على "منشورات دعائية" لتنظيم داعش، خلال عملية الاعتقال التي جرت بالقرب من العاصمة باريس.
كما أعلنت شرطة لندن منتصف نوفمبر/تشرين الثاني الماضي أن انفجارا وقع خارج مستشفى في ليفربول كان حادث إرهابيا، ورفعت السلطات البريطانية مستوى التهديد الإرهابي في البلاد إلى "شديد"، وهو ما اعتبره مراقبون "رسالة تحذيرية" لهجمات محتملة مع قرب أعياد الميلاد بعد فترة كمون منذ جائحة فيروس كورونا.
وذكرت صحيفة "لا راثون" الإسبانية مؤخرا أن "داعش" نشر عبر منصاته الإعلامية مجموعة من الروابط لكتيبات وفيديوهات تحتوي على طرق تصنيع عبوات ناسفة، وقنابل للتفجير عن بعد باستخدام الهواتف المحمولة، واستهداف المركبات لبث الذعر والفوضى في الدول الغربية.
إعلان عن النفس
الدكتور جاسم محمد رئيس المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب، ومقره ألمانيا، أشار في حديث خاص لـ"العين الإخبارية" إلى أن التنظيمات المتطرفة تنشط خاصة تنظيم داعش من داخل أوروبا خلال احتفالات أعياد الميلاد، للإعلان عن نفسها.
وأضاف: "الحد من مخاطرها يعتمد على الرد السريع من قبل أجهزة الشرطة على الأرض".
كما نوه في هذا الصدد، بأن الإجراءات الأوروبية تمكنت بشكل كبير من خفض وتيرة العمليات الإرهابية، وبدأت تدريجيا تؤتي ثمارها في إطار التعاون والتنسيق المتكامل بين الدول الأوربية لمواجهة خطر تطرف الإخوان، إلا أن الأمر يحتاج مزيداً من التعاون والتنسيق.
لكنه يرى أيضا أن تنظيمات الإسلام السياسي تحتاج بشكل مستمر إلى عملية رصد دقيقة، وتعقب للمطلوبين وفرض الرقابة على حركة أموال هذه التنظيمات، والعلاقات الإدارية بين التنظيم والوجهات التي يعمل خلفها، والكشف عن هذه العلاقة وإيجاد شواهد وأدلة.
"حزب الله" خطر آخر
وبدوره، قال فهد الشليمي، مدير مركز الشرق الأوسط للاستشارات السياسية والاستراتيجية بالكويت إن "أوروبا مستهدفة ليس فقط من تنظيمي داعش والقاعدة، بل أيضا من حزب الله المصنف كحركة إرهابية".
وترتفع وتيرة اليقظة والانتباه الأمني بدول أوربا وأمريكا فى أعياد الميلاد، لمراقبة ودرء أي أخطار، بسبب تصاعد خطر الإرهاب، -وفقا للشليمي- الذي أكد جاهزية أجهزة الأمن لمواجهة داعش، وما بات يعرف بـ"الذئاب المنفردة".
ويشير الخبير الأمني الكويتي في حديث لـ"العين الإخبارية"، إلى ضرورة قيام حكومات الغرب بزيادة تعاونها الأمني مع دول بالمنطقة، اكتوت بنار الإرهاب للاستفادة من تجاربها في مواجهة الإرهاب.
ودعا الشليمي حكومات دول الغرب فتح خطوط أمنية مباشرة مع دول بالمنطقة مثل مصر والسعودية؛ إضافة إلى زيادة التنسيق والتعاون الاستخباراتي، بما يسهم في خفض التهديد الموجه ضد الغرب.
وبدوره، قال الدكتور محمد عبد الوهاب رفيقي الباحث المغربي في شؤون حركات الإسلام السياسي، في حديث خاص لـ"العين الإخبارية" إنه من المطلوب اتخاذ أجهزة الأمن الحذر اللازم والمطلوب حتى لا تتكرر مآسي الهجمات الإرهابية مرة أخرى في مثل هذا التوقيت.
تقهقر الإرهاب
ولمح رفيقي إلى عدم إغفال عنصر هام وهو أن الحركات الإرهابية والمتطرفة تعيش مرحلة ضعف وتقهقر بفعل عوامل متعددة أبرزها الهزائم التي حلت بها بالعراق وسوريا، ثم الهزائم التي حلت بها مؤخرا في ليبيا ومنطقة جنوب الصحراء والساحل.
وأردف مستبعدا وقوع هجمات جديدة: "الأجهزة الأمنية سواء العربية أو الأوروبية هي فى موضع قوة، لذا فمن المستبعد وقوع هجمات إرهابية خلال الفترة المقبلة، كالتي شهدتها فرنسا والنمسا سابقا".
وقال رفيقي إن "استغلال مناسبة احتفالات رأس السنة وأعياد الميلاد للقيام بعمليات إرهابية هو أسلوب أقرب للتقليدي، والتنظيمات الإرهابية تحاول أن تجدد دائما من تكتيكاتها، وتغيير خططها بما يربك خصومها في رأيها، وسترى أنه من المخاطرة التفكير في القيام بعمليات في فترة أعياد الميلاد".
ولفت الباحث المغربي إلى ضرورة مراعاة عنصر آخر، وهو القيود الأمنية والإجراءات الاحترازية بشأن السفر والتجمعات التي تفرضها مكافحة فيروس كورونا، بما يضفي المزيد من القيود على تحركات التنظيمات الارهابية.
وكان "مرصد الأزهر لمكافحة التطرف"، قد أكد مؤخرا ضرورة اتخاذ التدابير الأمنية اللازمة، بعد دعوة "داعش" أنصارها في الدول الغربية (الذئاب المنفردة) لشن هجمات إرهابية بطرق بسيطة ومتاحة كعمليات الدهس بالمركبات.
ودعا المرصد إلى وضع رسالة "داعش" لذئابه المنفردة في الاعتبار، واتخاذ التدابير الأمنية كافة، وتشديد الرقابة.
أفول الإخوان
وفي سياق متصل قلل الخبراء الأمنيون من قدرة وتأثير اللجان النوعية التابعة لتنظيم لإخوان، سواء في مصر أو دول أخرى في الظروف الراهنة على القيام بأحداث عنف بالتزامن مع احتفالات أعياد الميلاد.
وقال جاسم محمد: "تنظيم الإخوان وخاصة في منطقة الشرق الأوسط في وضع مأزوم جدا، في ظل الانشقاقات الأخيرة التي ضربت هرم التنظيم المركزي؛ لذلك فمن المستبعد أن يكون هناك نشاط لخلايا التنظيم خارج السجون خلال هذه الفترة".
واتفق الخبير الأمني الكويتي فهد الشليمي مع رؤية جاسم محمد، قائلا إن: التنظيم تضاءل وفقد تأثيره الجماهيري، إضافة إلى الانقسام في قمة رأس التنظيم؛ لذا فلم يعد له أي تأثير بعد أن أصبح غير مرغوب فيه لدى العديد من الدول التي كانت تمثل في وقت سابق مأوى له.
أما الدكتورة دلال محمود أستاذة العلوم السياسية بجامعة القاهرة، فأشارت في حديث خاص لـ"العين الإخبارية" إلى أن تنظيم الإخوان أصبح يدرك جيدا تراجع القبول الشعبي له ليس في مصر فقط، ولكن في دول العالم، وهو ما سيدفعهم الى البحث عن شكل أخر للظهور أوروبيا من خلال منظمات اجتماعية وخيرية مختلفة، لمواراة استخدامهم للعنف، وتجديد خطاب المظلومية والاستضعاف.
تاريخ دام
وشهدت القارة الأوروبية في السنوات الأخيرة سلسلة من الهجمات الإرهابية الدامية أوقعت عشرات القتلى تبنى أغلبيتها تنظيم داعش الإرهابي إلا أنها خفتت منذ حالة الإغلاق المرتبطة بكورونا.
ورصد مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة التابع لدار الإفتاء المصرية، في تقرير سابق العمليات الإرهابية التي قام بها التنظيم خلال أعياد الميلاد في أعوام سابقة.
ففي ديسمبر/كانون الأول 2016، نفذ التنظيم هجومًا إرهابيًا استهدف به سوقا بالعاصمة الألمانية برلين؛ مما أسفر عن مقتل 12 شخصًا وإصابة 50 آخرين.
كما تمكنت السلطات النمساوية في العام نفسه من إحباط هجوم إرهابي كان يعد له "داعش" عبر ثلاثة شبان تأثروا بإيديولوجيا التنظيم، وكانوا يسعون لشن هجمات إرهابية على سوق في العاصمة فيينا.
aXA6IDE4LjExNy45OS4xOTIg
جزيرة ام اند امز