"بي بي سي": موجة الشعبوية تهدد المشروع الأوروبي
عام 2016 كان صادما للاتحاد الأوروبي لكن الأمر ازداد سوءا وربما يشهد العام المقبل تحول التهديد الوجودي للاتحاد إلى حقيقة.
عام 2016 كان صادما للاتحاد الأوروبي، لكن الأمر ازداد سوءا الآن، وربما يشهد العام المقبل تحول التهديد الوجودي للاتحاد إلى حقيقة، في ظل احتمالات نهاية المشروع الذي كان من المقرر أن يستمر 60 عاما لتغيير سياسة قارة بأكملها.
ويمكن أن يستقبل البعض هذه الفكرة بسعادة، بينما يستقبلها آخرون برعب، لكن عددا قليلا فكر فيما يمكن أن يعنيه انهيار الركائز، حسب تقرير لهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي".
وبمقارنته باستفتاء خروج بريطانيا من أوروبا "بريكسيت" قبل أشهر، اعتبرت "بي بي سي" أن الاستفتاء الإيطالي يعكس موجة شعبوية معارضة للنظام السياسي طردت رئيس وزراء، لافتة إلى أنه في إيطاليا وبريطانيا، على حد سواء، يمكن مباركة رئيس وزراء جديد دون عناء انتخابات عامة، وأن هذا قد يؤجج الغضب الشعبي في إيطاليا على عكس الوضع في بريطانيا.
ولفتت إلى أن إيطاليا كانت مسقط رأس الاتحاد، حيث تم توقيع معاهدة روما في 1957، وعاجلا أم آجلا، ربما تنتخب حركة المعارضة الرئيسية في إيطاليا، "النجوم الخمسة"، التي تعهدت بإجراء استفتاء على عضوية اليورو، ما لم يكن الاتحاد الأوروبي نفسه.
وأشارت إلى أن الاتحاد الأوروبي يحتفظ بالكاد بثقته في نفسه، واقتصاد القارة لا يزال مترنحا، بينما يشكك الأعضاء في مشروع الاتحاد الكبير الآخر؛ وهو منطقة مشتركة دون حدود، في ضوء أزمة المهاجرين.
وقالت إنه لا يمكن إنكار إن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يعتبر "صفعة قوية" على وجه الاتحاد الأوروبي، محذرة من أن هولندا وهي أحد مؤسسي الاتحاد أيضا ربما تحذو حذوها في انتخابات العام المقبل، حيث يتوقع أن يفوز حزب "من أجل الحرية" اليميني المتطرف، وربما يصبح زعيمه خِيرت فيلدرز رئيسا للوزراء.
أما بالنسبة لفرنسا فالأمر أكثر تعقيداً، حيث تتوقع الأغلبية أن تشهد الانتخابات الرئاسية منافسة شرسة بين فرانسوا فيون، الذي ينتمي إلى تيار يمين الوسط، وحزب "الجبهة الوطنية" اليميني المتطرف بقيادة ماري لو بان التي تعهدت بدورها بإجراء استفتاء فرنسي على عضوية الاتحاد الأوروبي، بينما يريد فيون إنهاء أحلام أوروبا الفيدرالية.
وبحلول العام المقبل، سيطرح الإيطاليون والفرنسيون والهولنديون تساؤلات عميقة حول الاتحاد الأوروبي، وسيكون مصير الاتحاد هو المشكلة المركزية في انتخاباتهم، وفقا لـ"بي بي سي"، التي أوضحت أن النجاح الجلي للأحزاب اليمينية المتطرفة سيدفع الأحزاب الأساسية للتفكير في أفكارهم الأكثر شعبوية.
ورحيل إيطاليا من اليورو سيمثل صدمة كبيرة للاتحاد، وعلى الرغم من ذلك يمكن أن ينجو، لكن هل تنجو منطقة اليورو دون فرنسا وهولندا بالإضافة إلى بريطانيا؟ نظريا، يمكن أن يبقى في غياب أكبر 3 اقتصادات في أوروبا، لكنه سيكون مختلفا للغاية.
أما فيما يتعلق بألمانيا، فقالت "بي بي سي" إن جميع المحللين يعتقدون أن أنجيلا ميركل ستصبح مستشارة لولاية رابعة، بعد خوض منافسة قوية في الانتخابات، فلا يتوقع أحد أن تخسر، بالرغم من أن حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني المتطرف ربما يشكل تحديا خطيرا، وهو يرغب في مغادرة اليورو.
ونوهت "بي بي سي" إلى أن ما يردده المعارضون للاتحاد حول أسباب تعثره، أنه "جرى قبل أن يتمكن من السير"، و"أزال الحدود الداخلية بدون تأمين الحدود الخارجية"، و"ووضع عملة مشتركة دون سياسة ضريبية مشتركة لازمة لجعلها تعمل بسلاسة".
ووفقا لـ"بي بي سي" إذا نجحت عملية انتخابية أو أكثر من هذه الانتخابات في تسديد صفعة قوية للاتحاد، سينتشر التصدع فيه ببطء وبشكل فوضوي، لافتة إلى أنه ينبغي التفكير بجدية في عودة أوروبا بدول غير متصلة، دون سوق وحدود موحدة، وعلينا أن نتساءل ما أوجه التعاون والسياسة المشتركة التي ستتبقى.
ورجحت أن روسيا ستكون "مبتهجة"، ومن المحتمل جدا أن يحظى فلاديمير بوتين برفاهية اختيار الأصدقاء والأعداء دون مواجهة كتلة تفرض عقوبات، مضيفة أنه تم تأسيس الاتحاد لاحتواء قوة ألمانيا، ويصعب الآن التنبؤ بمصيرها، ومن غير المحتمل تغيير ذلك إلا إذا وصل اليمين المتطرف للسلطة بالفعل.
واختتمت بالإشارة إلى أنه من الصعب أيضاً التنبؤ بكيف تقود ألمانيا وسط أنقاض مشروع فريد طموح استثمرت فيه الكثير.
aXA6IDUyLjE0LjE1MC41NSA= جزيرة ام اند امز