قمة الاتحاد الأوروبي.. "ترويض" أردوغان وترتيب البيت الداخلي
قمة مِفصلية للاتحاد الأوروبي، تناقش في المكشوف أبرز تحديات السياسة الخارجية للتكتل، وتضع على بساط البحث قضايا داخلية شائكة تبحث عن حل.
أجندات قادة الاتحاد الأوروبي في قمتهم التي تنطلق اليوم الخمس، وتستمر حتى غد الجمعة، ستركز خارجيا بالأساس على الملف التركي، والعلاقات مع موسكو، وقضايا الهجرة والمثليّين، فيما تفرض الرياضة نفسها بين الملفات الداخلية.
ابتزاز الهجرة وترويض أردوغان
لطالما كان ملف اللاجئين في تركيا؛ التي تؤوي حوالي 4 ملايين لاجئ سوري، ورقة "ابتزاز" لدى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للأوروبيّين، منذ توقيع الاتحاد الأوروبي مع أنقرة عام 2016 اتفاقاً يهدف إلى وقف تدفق المهاجرين لقاء تقديم مساعدة مالية للمنظمات الإنسانية الناشطة في البلد.
وسيبحث قادة الدول والحكومات الأوروبية اقتراحا قدمته المفوضية الأوروبية لتخصيص 5,7 مليار يورو كمساعدات للاجئين السوريين في تركيا ولبنان والأردن حتى عام 2024، ومن ضمنها 3,5 مليار يورو للاجئين في تركيا.
وسبق أن خصص الاتحاد الأوروبي أكثر من ستة مليارات يورو لتركيا في إطار الاتفاق الموقع عام 2016، تم صرف 4,1 مليار منها حتى الآن.
ويطالب الأوروبيون الرئيس التركي بضمانات لقاء استئناف "تدريجي ومشروط ويمكن العودة عنه" للتعاون.
بيد أن ملف الهجرة ليس وحده نقطة الخلاف مع أردوغان، فالأوروبيون يأملون في مواصلة "خفض التصعيد" الجاري منذ مطلع العام في شرق المتوسط، وكذلك قضية قبرص المقسومة التي يرى دبلوماسي أوروبي أنها أمر "مقلق".
وأكد الدبلوماسي ذاته لوكالة "فرانس برس" أن "حلاً على أساس دولتين ليس خياراً بنظر الاتحاد الأوروبي" للجزيرة التي تحتل تركيا ثلثها.
وبين إغراء أردوغان بالأموال الأوروبية تحت عنوان اللاجئين، ستكون نقاشات قادة الاتحاد منصبة على ترويض الرئيس التركي، عبر مقايضات لا تنتهي بالملف الليبي، وشرق المتوسط عموما، بل تمتد إلى أفغانستان، وتأمين أنقرة مطار كابول، بعد انسحاب القوات الأمريكية والغربية من البلد الملتهب.
صيغة توافق مع موسكو
ويبحث الأوروبيون حول مأدبة العشاء الخميس مسألة دبلوماسية كبرى ثانية هي علاقات الاتحاد مع روسيا التي تشهد تدهورا متواصلا منذ ضم موسكو شبه جزيرة القرم الأوكرانية واندلاع النزاع مع الانفصاليين الموالين لروسيا في شرق أوكرانيا في 2014، وهي اليوم "في أدنى مستوياتها" بحسب وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل.
وسيناقش القادة صيغة الحوار الذي ينبغي إقامته مع فلاديمير بوتين، في وقت تشدد ميركل والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على ضرورة عقد لقاءات مع الرئيس الروسي لمعالجة المواضيع ذات أهمية بالنسبة للاتحاد الأوروبي، وفق ما أوردت مصادر أوروبية. لكن من غير المؤكد التوصل إلى توافق بهذا الصدد..
الهجرة والرياضة.. خلافات داخلية
على جدول أعمال قادة الاتحاد الخاص بترتيب البيت الداخلي، ستناقش القمة فتح البرتغال حدودها أمام السياح من بريطانيا، الذي انتقدته بشدة، المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل.
وأعادت البرتغال فتح حدودها أمام السياح القادمين من المملكة المتحدة بين منتصف أيار/مايو ومطلع حزيران/يونيو في وقت كانت هذه النسخة المتحورة من فيروس كورونا بدأت الانتشار وهي تتسبب منذ ذلك الحين بزيادة في الإصابات.
وأسفت ميركل لعدم اعتماد "موقف مشترك" للدول الأعضاء حول قواعد السفر، رغم محاولات التنسيق على المستوى الأوروبي.
وتبقى مسألة ضبط الحدود من صلاحيات البلدان، ويمكن للاتحاد الأوروبي إصدار توصيات بهذا الشأن لا تكون ملزمة. غير أنه نجح في إقرار شهادة صحية أوروبية مشتركة بين الدول الـ27، ستكون سارية بشكل تام اعتبارا من الأول من تموز/يوليو لتسهيل حركة السفر داخل التكتل.
كذلك يبحث قادة الدول الـ27 لأول مرة منذ حزيران/يونيو 2018 مسألة الهجرة البالغة الحساسية التي تثير انقسامات شديدة بينهم.
لكن من المتوقع أن تركز المحادثات على شق من الموضوع أقل جدلية هو البعد الخارجي للهجرة ولا سيما تعزيز التعاون بين دول المصدر ودول العبور في التعامل مع تدفق المهاجرين وعودة من تُرفض طلباتهم للجوء.
وضمن ترتيب البيت الداخلي كذلك من المتوقع أن تتطرق القمة إلى القانون المجري المثير للجدل الذي دفع 17 دولة أوروبية حتى الآن إلى تأييد إعلان صدر الثلاثاء يدعو المفوضية إلى التحرك.
وتصاعدت اللهجة الأربعاء حين وصفت رئيسة المفوضية أورسولا فون دير لايين القانون الذي يحظر الترويج للمثلية بين القاصرين باعتباره "معيبا"، فردت بودابست معتبرة هذا الموقف "معيبا".
وطال الخلاف مجال الرياضة، مع رفض الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (ويفا) الثلاثاء خطط مدينة ميونيخ الألمانية لإضاءة ملعب "أليانز أرينا" بألوان قوس قزح، خلال مباراة ألمانيا والمجر في كأس أوروبا 2020 لكرة القدم المقررة الأربعاء، مشددا على أنه "منظمة محايدة سياسيا ودينيا"، ما أثار انتقادات.
وستحضر هذه المسألة حول مائدة العشاء مساء الخميس، وفق دبلوماسيين.
وأخيرا، يستعرض الأوروبيون صباح الجمعة ما تم إنجازه بالنسبة لخطة إنعاش الاقتصاد التي يتوقع صرف دفعاتها الأولى بعد شهر. وسيحاولون تسوية الخلافات بينهم حول مشروع إصلاح الضرائب المفروضة على الشركات المتعددة الجنسيات، قبل اجتماع حاسم لمجموعة العشرين في يوليو/تموز في البندقية.