100 يوم على COP28.. خطة من 4 محاور لقمة استثنائية
تركيز جهود التكيف على البشر وتحسين الحياة وسبل العيش
نحو 100 يوم تفصلنا عن انطلاق أكبر حدث عالمي على صعيد العمل المناخي هذا العام، وهو مؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ.
تحظى هذه الدورة من مؤتمر الأطراف COP28، التي تستضيفها دولة الإمارات العربية المتحدة، في الفترة بين 30 نوفمبر/ تشرين الثاني و12 ديسمبر/ كانون الأول 2023، بأهمية بالغة لما تمثله من أمل لكثير من شعوب العالم في إعادة العمل المناخي على المسار الصحيح، وإنقاذ الأرض من تداعيات التغيرات المناخية، التي باتت تهدد مقومات الحياة على الكوكب.
وتمثل قمة المناخ هذا العام، علامة فارقة في جهود مكافحة تغير المناخ على الصعيد العالمي، سواء في مسار تخفيف انبعاثات الاحتباس الحراري، في ضوء أهداف اتفاق باريس، أو فيما يتعلق بسياسات التكيف مع التداعيات الناجمة عن ظواهر التطرف المناخي، وحتى إقرار الآليات التنفيذية لصندوق الخسائر والإضرار لتعويض الشعوب المتضررة من الكوارث المناخية.
كما يوفر مؤتمر COP28 فرصة عالمية استثنائية لتوحيد جهود كافة الأطراف، من قادة العالم ورؤساء الحكومات ومنظمات المجتمع المدني، وكذلك القطاع الخاص وأصحاب الأعمال، والشباب والسكان الأصليين، نحو تحقيق تقدم ملموس باتجاه الحفاظ على معدلات الاحترار العالمي دون 1.5 درجة مئوية أعلى من مستويات ما قبل الثورة الصناعية.
ومما يجعل مؤتمر المناخ هذا العام قمة استثنائية، تتميز عن غيرها من مؤتمرات الأطراف الـ27 السابقة، أنها تتزامن مع إعلان الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، العام الجاري 2023 باعتباره "عام الاستدامة"، في إطار رؤية القيادة الإماراتية لدفع جهود العمل المناخي، لضمان مستقبل أفضل للبشر ولكوكب الأرض.
وفي سبيلها لتحقيق هذه الرؤية، وضعت الرئاسة الإماراتية لمؤتمر الأطراف الهدف الطموح لاتفاق باريس، الخاص بالسعي لتجنب ارتفاع حرارة الأرض بمعدل أكثر من 1.5 درجة مئوية، نصب أعينها، وأعلنت عن خطة عملية قابلة للتنفيذ، تتضمن 4 محاور رئيسية، لتوحيد جهود الأطراف المختلفة، ودفع العمل باتجاه تحقيق هذا الهدف.
الانتقال العادل والمنظم والمسؤول في قطاع الطاقة
أول محاور الخطة التنفيذية، التي أعلنت عنها الرئاسة الإماراتية لجعل مؤتمر COP28 قمة استثنائية، يتمثل في تسريع تحقيق الانتقال العادل والمنظم والمسؤول في قطاع الطاقة، وهو ما أكد عليه الدكتور سلطان بن أحمد الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة والرئيس المعين لمؤتمر الأطراف COP28، في أكثر من مناسبة على المستوى الوطني أو الإقليمي أو الدولي.
ففي كلمته أمام قمة الأمازون والتعاون من أجل التنمية المستدامة، التي عقدت في البرازيل على مدار يومي 8 و9 أغسطس/ آب الجاري، جدد الرئيس المعين لقمة المناخ دعوته إلى قادة العالم لدعم تحقيق الانتقال العادل والمنظم والمسؤول في قطاع الطاقة، وتعزيز التعاون الدولي والشراكات البناءة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة ودعم جهود العمل المناخي.
ويتماشى هذا التوجه لرئاسة مؤتمر COP28 مع الدعوة التي أطلقها الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، لتسريع التحول إلى مصادر الطاقة المتجددة، من خلال 5 إجراءات حاسمة، تتضمن:
- جعل تكنولوجيا الطاقة المتجددة منفعة عامة عالمية
- تحسين الوصول إلى المكونات والمواد الخام عبر العالم
- تحقيق تكافؤ الفرص فيما يتعلق بمصادر الطاقة المتجددة
- تحويل الدعم من الوقود الأحفوري إلى الطاقة المتجددة
- زيادة الاستثمارات في الطاقة المتجددة بثلاثة أضعاف
تطوير آليات التمويل المناخي
المحور الثاني من محاور خطة رئاسة مؤتمر المناخ COP28، يتعلق بتطوير آليات التمويل المناخي، وتطوير الهيكل المالي الدولي الحالي، بما يشجع مؤسسات التمويل الدولية وبنوك التنمية متعددة الأطراف على تقديم حزم تمويلية لمشروعات التخفيف والتكيف، وكذلك تعويض الخسائر والأضرار، بتيسيرات مقبولة، لعدم إثقال كاهل الدول النامية بأعباء الديون.
ورغم أن قضية التمويل كانت في مقدمة الملفات على جدول أعمال مؤتمرات الأطراف السابقة، فإنها من المتوقع أن تشغل أولوية متقدمة على أجندة قمة المناخ لعام 2023، في ظل تزايد الحاجة إلى مبالغ طائلة، نظراً لتفاقم التداعيات الناجمة عن الظواهر المناخية الحادة خلال الفترة الأخيرة، حيث تحتاج بلدان الأسواق الناشئة والاقتصادات الكبيرة إلى تريليون دولار إضافي سنوياً للتمويل المناخي.
- الصحة في مواجهة المناخ.. مبادرة أفريقية أمام COP28
- التقييم الأول أمام COP28.. لماذا يجب كبح الاحترار العالمي؟
وعن أهمية ملف التمويل على أجندة COP28، قال الدكتور سلطان الجابر إن تحقيق التقدم المطلوب يتطلب إجراء تطويرات جذرية في التمويل المناخي، وأكد في تصريحات سابقة لـ"العين الإخبارية"، أنه من الضروري توسيع نطاق التمويل المتوفر بتكلفة مناسبة، لتلبية احتياجات المجتمعات الأكثر عرضة لتداعيات تغير المناخ، وضمان تلبية الاحتياجات الخاصة بالحفاظ على الطبيعة.
ويمكن تقسيم تمويل العمل المناخي إلى 3 أنواع، الأول يتعلق بتمويل مشروعات التخفيف من انبعاثات الاحتباس الحراري، وفي مقدمتها خطط الحد من استخدام الوقود الأحفوري، والتحول إلى الطاقة النظيفة، بينما يختص النوع الثاني بتمويل مشروعات التكيف مع التداعيات الناجمة عن تغير المناخ، ويتعلق النوع الثالث بتعويض الدول الفقيرة عما لحق بها من خسائر وأضرار نتيجة التغيرات المناخية.
وفي خطوة تاريخية، تعهدت الدول الصناعية، في ختام مؤتمر كوبنهاغن عام 2009، بتخصيص 100 مليار دولار سنوياً، بحلول عام 2020، لتمويل مشروعات تخفيف الانبعاثات والتكيف، ورغم أن كثيراً من الدول أبدت تجاوباً أقل من المتوقع، تأمل سكرتارية اتفاقية الأمم المتحدة لتغير المناخ (UNFCCC) أن يدفع مؤتمر COP28 باتجاه تحقيق هذا الهدف بنهاية 2023.
إطار شامل للهدف العالممي بشأن التكيف
أما المحور الثالث من محاور الخطة التي أعلنت عنها رئاسة مؤتمر COP28، يتمثل في تركيز جهود التكيف على البشر وتحسين الحياة وسبل العيش، من خلال النظر إلى ملفي التخفيف والتكيف بنفس القدر من الأهمية، عند التطرق لموضوعات الطبيعة والغذاء والصحة، وهي من الموضوعات التي تحظى باهتمام كبير من قبل فريق رئاسة المؤتمر.
ويُعد مؤتمر المناخ في دبي هو أول مؤتمر للأطراف يتضمن يوماً مخصصاً للصحة، ضمن الأيام المواضيعية على أجندة المؤتمر، وهو اليوم الأول للأيام المواضيعية ضمن أجندة COP28، الموافق 3 ديسمبر/ كانون الأول 2023، لمناقشة تأثيرات التغيرات المناخية على الصحة، بالإضافة إلى عقد أول اجتماع وزاري للصحة والمناخ ضمن مؤتمرات الأطراف.
وبينما دعا الرئيس المعين لمؤتمر COP28 إلى مضاعفة التمويل المخصص للتكيف بحلول عام 2025، جنباً إلى جنب مع التفعيل الكامل لصندوق تعويض الخسائر والأضرار، الذي تم الاتفاق على إنشائه في مؤتمر Cop27 بشرم الشيخ العام الماضي، فقد على أهمية اعتماد إطار شامل للهدف العالمي بشأن التكيف، على أن تكون الأولوية لتطوير الأنظمة الغذائية وحماية التنوع البيولوجي.
- سيناريوهات الإجلاء التكتيكي لـ113 مليون نازح.. "العين الإخبارية" تحقق
- التمويل قضية شائكة.. COP28 تضع العالم على المسار الصحيح
منظومة عمل المؤتمر تشمل جميع الأطراف
يركز المحور الرابع من محاور الخطة التنفيذية لرئاسة مؤتمر COP28 من أجل قمة مناخ استثنائية، على ضمان احتواء الجميع بشكل تام في منظومة عمل المؤتمر، سواء الأطراف المتأثرة بتغير المناخ، أو كل من يمكنه المساهمة في إحداث تغيير إيجابي وتقديم الحلول المناسبة، بما في ذلك ممثلي الحكومات، والقطاع الخاص، والأكاديميين، والمجتمع المدني، والشعوب الأصلية، والشباب.
وأعلن الفريق الرئاسي أن المؤتمر سيشهد إطلاق أكبر برنامج لمندوبي الشباب من مختلف أنحاء العالم، لضمان الاستماع إلى آراء وأفكار الشباب، خاصةً من البلدان الأقل نمواً، أو من الدول الجزرية الصغيرة النامية، باعتبار أنهم الأكثر عرضة للكوارث والتداعيات الناجمة عن التغيرات المناخية، حيث أنهم يقفون في الصفوف الأولى للمواجهة.
ووفق تقرير سابق لـ"العين الإخبارية"، فقد أجرى فريق رئاسة COP28 جولة استماع وتواصل عالمية، بهدف فهم وتقريب وجهات النظر بين جميع الأطراف، باعتبار أن ذلك يمثل إحدى الركائز الأساسية لجدول أعمال المؤتمر، الذي تم الإعلان عنه رسمياً بعد تلك الجولة، التي أسهمت إلى حد كبير، في تنشيط وتفعيل دبلوماسية العمل المناخي العالمية.