خبراء وباحثون: توحيد التشريعات خطوة أساسية لتحقيق استدامة الفضاء
أكد خبراء وباحثون عالميون في قطاع استكشاف الفضاء أهمية تعزيز وبناء حوار بين الدول للتوصل إلى اتفاق جديد حول الفضاء وحمايته.
وشددوا على أن توحيد التشريعات بمثابة خطوة أولى وأساسية لتحقيق استدامة الفضاء، وتعزيز التعاون من أجل تعزيز جهود حمايته.
جاء ذلك خلال جلسة "الاستدامة الفضائية مقابل استدامة الفضاء"، ضمن "حوار أبوظبي للفضاء" الذي انطلق، الإثنين، برعاية الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات.
وشارك في الجلسة كل من البرفيسور ستيفن فيرلاند، الأستاذ الفخري في القانون الدولي بأستراليا، ومايك جولد، الرئيس التنفيذي في "ريدواير سبيس" والدكتور أنتون إيفانوف المدير التنفيذي لمركز بحوث أنظمة الدفع والفضاء ( PSRC) ولينيت تان، الرئيسة التنفيذية في وكالة سنغافورة للعلوم والتكتولوجيا، ووانغ تشنغ، الأمين العام لوكالة الفضاء الصينية وإريكا واجنر، المديرة الأولى لأسواق الفضاء الناشئة "بلو اوريجن"، وأدارها ستيفن ساكور صحفي ومقدم نشرات الأخبار لدى شبكة "بي بي سي".
وناقش المتحدثون سبل تطوير حلول للتحديات التكنولوجية للوصول إلى الفضاء وتكاليف إزالة العوائق، وما إذا كان إرساء الاستدامة في بيئة الفضاء هو السبيل الوحيد لمواجهة الارتفاع الباهظ في تكاليف القطاع، فيما أجابوا عن تساؤلات حول سبل تعزيز استدامة الفضاء وكيفية الاستفادة من هذا القطاع في مختلف المجالات، وتطوير الصناعات الفضائية دون التسبب بتلوث الفضاء، وإلحاق النفايات والمخلفات الناجمة عن تحطم الصواريخ والمركبات الفضائية به.
من جهته قال البرفيسور ستيفن فيرلاند، الأستاذ الفخري في القانون الدولي، "إننا نعتمد على الفضاء في جميع نواحي الحياة، وهناك الكثير من الدراسات التي أكدت الأهمية الكبيرة لهذا القطاع لاستمرارية كوكب الأرض"، مؤكداً أن قطاع الفضاء لن يكون مستداماً إذا استمر العالم في التعامل مع التغييرات المناخية على الأرض بنفس الطريقة الحالية، لافتاً إلى أن فوائد قطاع الفضاء تتجاوز المناحي التجارية والاقتصادية لتتخطاها إلى وجود فوائد إنسانية أيضاً.
وأشار فيرلاند إلى أن هناك 122 دولة، ليس لديها جميعاً نفس القدرات الفضائية، ولكنها تتخذ قراراً صائباً على أساس توافقي عندما يتعلق الأمر بالفضاء، وجميع هذه الدول لديها القدرة على المساهمة في هذا القطاع.
وقال فيرلاند "إن دولة الإمارات تجسد مثالاً رائعاً للدول المشاركة مؤخراً في قطاع الفضاء، إذ تتصرف بمسؤولية وتسعى بجد ليكون لديها دور في هذا القطاع"، مؤكداً على أهمية التناغم والتعاون الوثيق بين الدول وحكوماتها مع القطاع الخاص، وذلك للعمل على استدامة الفضاء، حيث تقتضي المصلحة الأوسع الاهتمام بهذا القطاع وتجاوز التحديات التي تواجهه.
وأوضح وانغ تشنغ الأمين العام لوكالة الفضاء الصينية، أن التقنيات والتكنولوجيات المتطورة المتعلقة بالقطاع، لن تحل مشكلاته بشكل كامل، ما لم يكن هناك استراتيجية واضحة بخصوص حماية الفضاء، مبيناً أن "العالم سيعاني في حال استمرارنا في تلويثه، فيما ستكون الأكثر تضرراً الدول الأقوى بهذا القطاع، ولذلك فمن المهم التصرف بحكمة وتعزيز الاستخدام الآمن للفضاء".
ولفت إلى أن وكالة الفضاء الصينية على استعداد لتبني ودعم الأجيال الجديدة الشابة، وتعليمهم وتطوير قدراتهم الهندسية والمهارات الفضائية، حتى يصبحوا قادرين على التعامل مع هذا القطاع في المستقبل، مشيراً إلى أن ذلك يأتي انطلاقاً من أهمية تبادل الخبرات بين دول العالم.
وهنأ مايك جولد، الرئيس التنفيذي في "ريدواير سبيس" دولة الإمارات، على جهودها التي ازدهرت في تعزيز قطاع التقنيات وتكنولوجيا الفضاء، مشيراً إلى أن الإمارات حققت الكثير من الإنجازات على مدار 30 عاماً بعد توقيعها على اتفاقية الفضاء التي تشكل مثالاً جيداً للبناء وتنفيذ التشريعات وتطبيقها، إضافة للاتفاقيات الخاصة بإنقاذ رواد الفضاء.
وأشار جولد إلى أن العديد من الدول تتعاون بمجالات العلوم والتكنولوجيا، لافتاً إلى أن المحطة الفضائية الدولية، يمكن أن تقدم الحلول المستدامة للحد من التغيير المناخي والكوارث البيئية، والمساهمة في زراعة وإنتاج الأنسجة البشرية وأن الأمر لا يقتصر فقط على الوصول إلى الفضاء بل يجب أن يشمل تعزيز الأبحاث العلمية المتعلقة به .
من جهته شدد الدكتور أنتون إيفانوف المدير التنفيذي لمركز بحوث أنظمة الدفع والفضاء (PSRC)، على ضرورة الحفاظ على بيئة نظيفة في الفضاء، وذلك انطلاقاً من مبدأ المسؤولية المشتركة، وذكر أنه لابد من صياغة بعض المعاهدات، التي تمكن الحفاظ على البيئة النظيفة للفضاء، عبر قيام الجهات الراغبة في الوصول إلى الفضاء، بوضع مبالغ تأمينية لضمان التزامها بالحفاظ على نظافته، مؤكداً أن البشرية تملك سبل عدة للحفاظ عليه.
وأعربت الدكتورة إريكا واجنر، المديرة الأولى لأسواق الفضاء الناشئة "بلو اوريجن"، عن امتنانها لدولة الإمارات العربية المتحدة، لاتباعها سياسة خاصة في الصناعات الفضائية، مشيرة إلى أهمية اعتماد اللوائح والسياسات التشريعيات، التي تضم جميع الجهات التجارية والصناعية للاتفاق على معاهدة واحدة، مبينة أن الدول التي لن تساهم بالاستدامة بشكل جدي لن تستفيد من قطاع الفضاء، فيما يمكن الاستفادة من الحطام الصاروخي وبقايا الأقمار الصناعية لإعادة استخدامها عوضاً عن إلقائها في المحيطات.
وأكدت لينيت تان الرئيسة التنفيذية وعضو مجلس إدارة وكالة سنغافورة للعلوم والتكنولوجيا، على أهمية تنظيم وتسريع الفوائد والمنافع العائدة من تكنولوجيا الفضاء لمساعدة البشرية، وأن المبدأ الأول للفضاء يقوم على بناء بيئة حقيقة لاستخدام الفضاء واستخراج أفضل ما فيه، مشيرة إلى ضرورة فهم جميع دول العالم على حد سواء لأهمية قطاع الفضاء لتحقيق الفائدة منه.