خبراء عن اتفاق جنيف: نجاحه مرهون بإقصاء أردوغان من المشهد الليبي
قبل أن يجف حبر وقعت به الأطراف الليبية اتفاق وقف إطلاق النار في البلاد، رأى خبراء عسكريون وساسة ليبيون أن صموده مرهون بإخراج الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من المعادلة الليبية.
ووقع في جنيف اليوم الجمعة اتفاق بين وفدي ليبيا يتضمن وقف إطلاق النار في البلاد وإخراج المرتزقة في غضون 3 شهور وإعادة النازحين.
وبالنظر لانهيار تفاهمات سابقة يبدو الوضع الليبي الهش غير مشجع على تعليق آمال كبرى بشأن الاتفاق الذي جرى برعاية أممية.
ومنذ نهاية العام الماضي انخرطت أنقرة في دعم علني لمليشيات إرهابية تهيمن على العاصمة طرابلس، وأغرقت البلاد بالمرتزقة والسلاح في تحد لقرارات أممية.
ورأى العميد إدريس العصليبي الخبير الأمني الليبي أن الضمانة الحقيقية لتنفيذ وقف إطلاق النار في البلاد سحب المرتزقة قبل تشكيل الحكومة الجديدة، وإلا "فإن جميع الجهود سياسية وأمنية ستكون هباء"، على حد قوله.
وأشار العصليبي في تصريح لـ"العين الإخبارية" إلى أن المجتمع الدولي ملزم بالمشاركة في تحقيق الاتفاق وفق بنوده التي نصت على دور دولي في مكافحة الإرهاب.
وأعرب الخبير الأمني الليبي أن إعلان تركيا رفض الاتفاق والانقسام في صفوف المليشيات بشأنه يعكس الصعوبات التي قد تعترض تطبيقه.
وشدد على أن إجبار تركيا على سحب المرتزقة وإذعان المليشيات المدعومة من أنقرة السبيل الوحيد للتقدم على المسار السياسي في البلاد.
آلية التطبيق غائبة
الدكتور عبدالمنعم اليسير رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بالمؤتمر الليبي العام (2012 – 2014) قال إن الأغلبية مستبشرون خيرًا باتفاق وقف إطلاق النار، إلا أن هذا الأمر بعيد عن الواقع، بسبب المليشيات المسلحة وأمراء الحرب ومن وراءهم من الدول المارقة، التي لا تريد قيام أي دولة في ليبيا.
ويرى اليسير أن الاتفاق يفتقر لآلية تضمن وتراقب تنفيذه، مرجحا أن ترفض المليشيات الخضوع للاتفاق.
وحول تصريحات أردوغان، من أن "الوقت سيحكم فيما إذا كان اتفاق وقف إطلاق النار في ليبيا سيصمد"، قال اليسير، إن التصريحات متوائمة جدًا مع مواقفه وما تسعى إليه جماعة الإخوان، فأردوغان لم يأت إلى ليبيا ليرحل أو يقبل بحكومة مستقلة.
المليشيات عقبة أخرى
ويتفق محمد عامر العباني عضو مجلس النواب الليبي، على أن اتفاق وقف إطلاق النار الذي وقعته الأطراف الليبية في جنيف اليوم، خطوة هامة في خفض حدة التوتر وطرد المرتزقة والقوات الأجنبية.
وقال العباني، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، إن وقف إطلاق النار بدأ قبل حوالي ثلاثة أشهر، إلا أنه ما جرى التوقيع عليه اليوم، يؤكد الحاجة إلى مثل هذا القرار لتحديد الآليات والكيفيات التي تلزم الطرفين بها لنجاح وقف إطلاق النار وتسخيره في تسهيل الحياة المدنية من تنقل آمن وإفراج عن المعتقلين والمختطفين على الهوية.
وأشار إلى أن وقف إطلاق النار يفتح آفاقا للحلول السلمية والمصالحة، ونزع فتيل الحرب.
إلا أن البرلماني الليبي عبر عن مخاوفه من عدم التزام المليشيات المسلحة في المنطقة الغربية وخاصة تلك التابعة لجماعة الإخوان والمدعومة من تركيا وقطر، باتفاق وقف إطلاق النار.
وأكد أن الدول الراعية للإرهاب لا يروق لها هكذا اتفاقات بين الليبيين، وستعمل من خلال المليشيات التي تدور في فلكها على اختراق كل ما يتم الاتفاق عليه.
أردوغان مصمم على البقاء
من جانبه، قال رضوان الفيتوري الكاتب والمحلل السياسي، إن اتفاق وقف إطلاق النار ليس من مصلحة أردوغان، كونه ينهي الوجود التركي في البلاد.
وأوضح الكاتب والمحلل السياسي، أن أردوغان مصمم على البقاء في ليبيا، فهو يوطن الغرب الليبي لبقائه عشرات السنين، مدللا على ذلك بالإجراءات التوسعية في قاعدة الوطية، واستيلائه على قاعدة معيتيقة وميناء مصراتة البحري.
وقال إن الأمم المتحدة لن تستطيع أن تفرض على أردوغان ومرتزقته الخروج من ليبيا، فهي كم وعدت وكم أبرمت اتفاقيات وكم أطلقت وعودا لم يتحقق منها شيئا.
وقال حسين المسلاتي المحلل السياسي، إن الاتفاق خطوة مبدئية في الطريق الذي من شأنه أن يزيل الكثير من التوتر السياسي في ليبيا بشكل عام، مؤكدًا أن القوات المسلحة لم تقدم على هذه الخطوة قبل أن تتحصل على إشارات إيجابية وضمانات دولية أولا ومحلية ثانيًا على العديد من الإجراءات التي جرى التباحث حولها طوال الأشهر الماضية.
وأوضح المسلاتي، أن الضمانات غائبة خاصة من جانب حكومة الوفاق، فهي لم تلتزم بمخرجات مؤتمر برلين وأحرجت المجتمع الدولي.
وأكد المحلل السياسي، أن هناك ثلاثة تحديات تواجه الأطراف الليبية، وهي مدى التزام الأطراف الموقعة على هذا الاتفاق، لا سيما من جانب حكومة الوفاق والمليشيات التي تسيطر عليها.
وأشار إلى أن التحدي الثاني يتمثل في المليشيات المسلحة التي تسيطر على العاصمة طرابلس، فيما يتمثل التحدي الثالث والذي لم تعلن تفاصيله ضمن الاتفاق، في آليات ترحيل المرتزقة.
وتابع أن القوات المسلحة أدت دورها بكل حرفية، ووافقت على وقف إطلاق النار بناء على ضمانات دولية، محذرًا من أنه إذا اخترق مليشيا الوفاق الاتفاق، فالقيادة العامة أمامها كل الخيارات.
على مجلس الأمن التدخل
رمزي رميح مستشار المنظمة الليبية لدراسات الأمن القومي، قال إن النقطة المهمة بعد إخراج المرتزقة، التفكير في حل المليشيات المسلحة في ليبيا ونزع سلاحها البالغ 50 مليون قطعة سلاح، مؤكدًا أن كل الأمور السياسية في ليبيا لن تنجز تحت تهديد السلاح المنفلت.
وتابع: إذا صدقت النوايا، فلجنة نزع السلاح بالأمم المتحدة ستستطيع نزع السلاح من أيدي المليشيات كما حدث في أفريقيا والبوسنة.
وكانت بعثة الأمم المتحدة قد أعلنت في وقت سابق اليوم الجمعة أن "محادثات اللجنة العسكرية المشتركة 5+5 في جنيف اليوم توجت بإنجاز تاريخي بعدما توصل الفرقاء الليبيون إلى اتفاق دائم لوقف إطلاق النار في جميع أنحاء ليبيا".
ومن بين بنود الاتفاق، السماح للنازحين واللاجئين في الداخل والخارج بالعودة لديارهم، ومغادرة جميع المرتزقة للأراضي الليبية في مدة أقصاها 3 أشهر، والانسحاب عسكريا من سرت والجفرة ومن كافة الجبهات، على أن تشكل قوة عسكرية مشتركة بين الطرفين الليبيين تخضع لغرفة عمليات موحدة.