لماذا لم تتهم المحكمة الدولية "حزب الله" صراحة باغتيال الحريري؟
حكم المحكمة أدان حزب الله ضمنيا بتوجيه الاتهام المباشر لأحد قياداته لكنها لم تتهمه صراحة
رغم إدانة المحكمة الخاصة باغتيال رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق، رفيق الحريري، لأحد قيادات مليشيات حزب الله سليم عياش، فإنها لم تتهم صراحة التنظيم الإرهابي بالمسؤولية والتخطيط للواقعة وهو ما أرجعه قانونيون إلى النظام الأساسي للمحكمة.
ووفق خبراء قانونيين تحدثوا لـ"العين الإخبارية" فإن حكم المحكمة أدان حزب الله ضمنيا بتوجيه الاتهام المباشر لأحد قياداته لكنها لم تتهمه صراحة كون القانون الخاص بتشكيل المحكمة يتضمّن عدم صلاحيتها في توجيه الاتّهام إلى حزب أو دولة.
ووفق النظام الأساسي لها فإن "المحكمة الخاصـة للبنـان أنشئت بموجب اتفاق بين الأمم المتحدة والجمهورية اللبنانية المـؤرخ ٢٩ مـارس/آذار ٢٠٠٦، الذي استجاب فيه المجلس لطلب الحكومة اللبنانية إنشاء محكمة ذات طابع دولي لمحاكمة جميع من تثبت مسؤوليتهم عن الجريمة الإرهابية التي أودت بحياة رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري وآخرين".
وأوضح أن "المحكمة يكون لها اختصاص على الأشخاص المسؤولين عن الهجوم الذي وقع في ١٤ فبراير/شباط ٢٠٠٥".
وهو ما أكده الخبير القانوني اللبناني، الدكتور بول مرقص، بقوله إن "القانون الخاص لتشكيل المحكمة يتضمّن عدم صلاحيتها في توجيه الاتّهام الى حزب أو دولة".
وأوضح لـ"العين الإخبارية" أن الحكم ليس نهائيا ويحق للمدعي العام أن يستأنف لجهة تبرئة المتهمين وكذلك الأمر بالنسبة إلى المدان (عياش) وذلك خلال 30 يوما من تاريخ النطق بالحكم.
ولفت مرقص إلى طريقة أخرى يمكن اللجوء إليها لإطالة أمد التقاضي وهي إعادة المحاكمة، قائلا: "في حال الإدانة بالحكم غيابيا وهذا ما حصل مع عياش، يحق للمدان أن يطلب إعادة محاكمته حضوريا أمام المحكمة ما لم يقبل بالحكم الصادر عنه".
من جهته، قال الوزير السابق والخبير القانوني بطرس حرب في حديث تلفزيوني، إن "عياش لا يستطيع أن يقيم بكل هذا التفجير لوحده، بل هو يحتاج إلى فريق كبير."
وأضاف: "المحكمة خرجت عن صلاحياتها بإعطاء بعض الجهات والدول البراءة بالوقت الذي ليس هذا دورها".
وتابع: "هذا الحكم ما هو إلا تعزية للبنانيين الذين دفعوا 900 مليون دولار للمحكمة لإنجاز أعمالها".
وفي الإطار نفسه، قالت النائبة في "المستقبل"، رلى الطبش، في حديث تلفزيوني، إن "جوهر خلاصة الحكم هو في إقرار المحكمة الدولية أن الجريمة سياسية بامتياز، وبأن المدان فيها ينتمي إلى جهة حزبية وسياسية محددة وثبت ارتكابه للجريمة، فهل يبقى مهما بعدها إذا كانت الإدانة تطال شخصا أو اثنين أو أكثر من المنتمين إلى هذه الجهة لتكون مسؤولة سياسيا عن الجريمة؟"
وأضافت: "مع توجيه إصبع الإدانة لقيادي واحد من مجموعة متهمي حزب الله الأربعة، فإن متن الحكم جاء ليدحض كل المزاعم التي لطالما اتهمت المحكمة الدولية بأنها مسيسة، وليوثق من جهة ثانية الأبعاد السياسية لجريمة اغتيال رفيق الحريري بالأدلة والوقائع والبراهين.
وأكدت على أن "الحكم حدد بوضوح دوافع الجريمة السياسية وأصحاب المصلحة في ارتكابها".
وتابعت: "من هنا يأتي قرار المحكمة الخاصة بلبنان منسجما مع طبيعة عملها ونظام تأسيسها في عدم اتهام منظمات أو دول وحكومات أو أحزاب أو مجموعات، بل فقط الأفراد المرتبطين بالجريمة، استنادا الى أن المسؤولية الجزائية هي فردية".
وأشارت إلى أنه بذلك "تكون أولى صفحات المحكمة وأكبرها قد طويت، على أن تبقى الصفحات الأخرى المتمثلة بالاستئناف والعقوبة والجرائم الثلاث الأخرى".
وشددت على أن "خلاصة الحكم أثبتت أن المحكمة غير مسيسة، وهذا ما يرفع من شأن القرار الصادر عنها، ويعيد كرة المسؤولية إلى ملعب حزب الله لتسليم المدان، بعدما جرى سابقا وصف المتهمين بالقديسين.
وأكدت على أن "تيار المستقبل قام ويقوم بدوره في محاصرة الفتنة على أكمل وجه، وفي المقابل يفترض بـ"حزب الله" أن يبادر الى تحصين الوضع الداخلي ومنع العابثين بالأمن من خلال الاستجابة للحكم الصادر عن المحكمة الدولية".
وأمس الثلاثاء، أدانت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان العضو البارز في مليشيا حزب الله سليم عياش في قضية اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري عام 2005.
رئيس المحكمة القاضي ديفيد راي قال: "تعلن غرفة الدرجة الأولى عياش مذنبا بما لا يرقى إليه الشك بوصفه مشاركا في تنفيذ القتل المتعمد لرفيق الحريري".
ووجهت المحكمة لعياش 5 تهم، وهي التخطيط لمؤامرة هدفها ارتكاب عمل إرهابي، تنفيذ عمل إرهابي باستخدام المتفجرات، قتل رفيق الحريري عمدا باستخدام مواد متفجرة، قتل 21 شخصا عمدا باستخدام المواد المتفجرة، محاولة قتل 226 عمدا باستخدام المتفجرات.
وأوضحت المحكمة، أن الاستهداف الانتحاري لرفيق الحريري يؤكد أن المقصود كان إحداث حالة ذعر في لبنان، كما تطلب تخطيطا محكما شمل جمع معلومات مفصلة عن موكبه وتحركاته، وإنشاء شبكات هاتف مغلقة، وشراء السيارة المستخدمة في الاغتيال.