إكسبو دبي يعمل على إعادة منطقة الشرق الأوسط إلى دورها القديم كبوتقة تتلاقى فيها الثقافات وتتفاعل في جو إبداعي متميز
بدأ العد التنازلي من 20 أكتوبر 2019 للوصول إلى يوم افتتاحه في الموعد ذاته من 2020. لماذا إكسبو دبي الحدث الأروع في العالم؟
لأنه ببساطة يتوج ما وصلت إليه معارض الإكسبو في العالم منذ أول إكسبو عُقد في لندن 1851، في إطار عصري وحضاري وكوني لا مثيل له، ولا يمكن أن تقدمه إلا إمارة بوزن دبي ورؤيتها المستقبلية. وأكبر دليل على ذلك شعار الإكسبو "تواصل العقول وبناء المستقبل"، حيث ربطت دبي الإكسبو بالتنمية الشاملة والنهضة الاقتصادية وتطوير المشاريع، مما يجعل منها أهم المدن الذكية في تطبيق مفهوم الاستدامة ضمن استراتيجية بعيدة المدى.
تبقى دبي مركزاً تجارياً رائداً على الصعيدين الإقليمي والعالمي، وساحة مثالية للتنوع الحضاري والثقافي والديني والعرقي، فتحت أبوابها على استضافة عشرات اللغات والأديان على مر التاريخ، حتى باتت تمثل صورة مصغرة لقارات العالم بتنوعها الحضاري والديني واللغوي
إكسبو دبي يعمل على إعادة منطقة الشرق الأوسط إلى دورها القديم كبوتقة تتلاقى فيها الثقافات وتتفاعل في جو إبداعي متميّز، وكما يرى الخبراء أن تأثير الإكسبو لا يقتصر على الاقتصاد، بل ثقافي شامل من خلال ما يمكن توقعه من ظهور الابتكارات العملية والطاقات البشرية.
ليس إكسبو دبي معرضاً لتقديم السلع والمنتجات شأنه شأن التظاهرات التجارية العديدة التي تُقام في دبي، بل له أبعاد ثقافية وعلمية واجتماعية، ونقلة نوعية في حياة دبي نحو آفاق مستقبلية هائلة تعّم بالخير والتقدم على المنطقة كلها.
إكسبو دبي استثنائي بكل المقاييس؛ لأنه وريثٌ لكل التجارب التي سبقته، ويتزامن مع ما وصل إليه العصر من تقدم التكنولوجيا والعالم الافتراضي والتطور الرقمي، ويكافح ضد انتشار الأفكار الظلامية التي تجتاح المنطقة في زمن ثورة الشعوب على طغاتها كما هو حاصل في العراق ولبنان الآن.
دور دبي من خلال تبني العلوم والثقافة والتسامح تنويري في الدرجة الأولى، لاختيار طريقة حياة ترتبط بالتنمية الاستراتيجية للإمارات، متوافقة مع مشروع "رؤية الإمارات 2021". ويتزامن كل ذلك مع احتفالها باليوبيل الذهبي لتأسيس الإمارات أي مرور 50 عاماً على نشأتها بعد عام من انعقاد الإكسبو.
هذا الدور التنويري يهدف من خلال الإكسبو إلى توفير التعليم والرعاية الصحية، والتنمية المجتمعية، وتطوير اقتصاد المعرفة عبر الحلول المبتكرة والخلاقة. تصبح دبي بفضل الإكسبو ذات دور ريادي في الاقتصاد، وهو دور ظل غائباً في الشرق الأوسط لعقود بل لقرون عديدة. هذا ويعد إكسبو منعطفا تاريخيا في قطاعات عديدة، وقوة محفزة على التفكير الإبداعي والخلاق بما ينسجم مع مفاهيم القرن الحادي والعشرين، ويسعى إلى صهر شعوب وأجناس عديدة في بوتقة تعايش واحدة، في بيئة نموذجية من تصالح الحضارات والأديان والثقافات والتقاليد والقيم.
إكسبو دبي الساحة المثلى لإظهار جوانب التفوق والتميز في نموذج الإمارات التنموي، باعتبارها دولة فاعلة إقليمياً وعالمياً، وبالتالي هذا ما جعلها تفوز باعتراف دولي مستحق. إضافة إلى ذلك يعمل إكسبو دبي على التحفيز في تطعيم نموذج الإمارات في التنمية بمقومات الاستدامة وبناء نماذج للمدن العالمية، ما يجعلها تحقق عوائد تجارية واقتصادية كبيرة من خلال استضافتها الإكسبو.
والسؤال المطروح هو: كيف توفر دبي وراءها إرثا مستداما يحافظ على شعاره الرئيسي، تواصل العقول وصناعة المستقبل؟
مما لا شك فيه أن من أولويات إكسبو دبي هو التركيز على احتضان الابتكارات والاختراعات من أنحاء العالم، وترسيخ الحوار بين الإمارات والعالم وإرساء قيم التبادل الثقافي انطلاقاً من هذه المنصة التي تُعتبر حجر أساس في مسيرة التنمية البشرية. فالهدف هو العمل المشترك بين الشعوب، وتواصل حضاراتها وثقافاتها وأفكارها، وإيجاد القواسم المشتركة بين الإمارات وبين بقية بلدان العالم المتقدم والنامي، وهي قواسم التنمية والحفاظ على البيئة ودعم الابتكار. وبذلك يتحول إكسبو دبي إلى بوابة لأكثر من 190 بلداً مُشاركاً، يستفيد من إنجازات البلدان المتقدمة، ويدعم البلدان الناهضة مثل أفريقيا، القارة المليئة بالطاقة والموارد البشرية من خلال التفاعل مع اللغة وأهميتها، خاصة مع بلدان شمال أفريقيا التي تضم نحو عشر دول عربية وأفريقية، تشترك معها في الثقافة العربية والإنسانية بكل تنوعاتها. يعمل إكسبو دبي على تقريب المسافات بين بلدان العالم، وإيجاد ما هو مشترك في الاقتصاد والتجارة والثقافة والفنون والإبداع والتنوّع، مع الاحتفاظ لكل دولة بإبداعاتها وموروثها وجذورها.
تبقى دبي مركزاً تجارياً رائداً على الصعيدين الإقليمي والعالمي، وساحة مثالية للتنوع الحضاري والثقافي والديني والعرقي، فتحت أبوابها على استضافة عشرات اللغات والأديان على مر التاريخ حتى باتت تمثل صورة مصغرة لقارات العالم بتنوعها الحضاري والديني واللغوي. وتمثل قوة العمالة المتعددة الجنسيات أحد المحركات الرئيسية في قطاعات الصناعة والتجارة والخدمات والبناء. إن سياسة الاعتدال والتوازن والتسامح والتعايش بين الجنسيات المتخلفة تشكل دافعاً قوياً لترسيخ إكسبو دبي كقطب جاذب في العالم في التعايش بين الهويات الثقافية المختلفة. ومن هنا يأتي جذبها المستدام للأمم والشعوب من أنحاء العالم، تستقطب أكثر من ثمانية ملايين سائح سنوياً، وتحتوي على أكبر عدد من الشركات العابرة للقارات، واستثمارات إقليمية ودولية هائلة.
كل هذه الظروف الإيجابية، في نهاية المطاف، تجعل من إكسبو دبي على هذا القدر من الأهمية في بناء نموذج للثراء الحضاري والاقتصادي والإنساني، وهي مقومات وعناصر تجعل إكسبو دبي 2020 الحدث الأروع في العالم بلا منازع.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة