اختيار دبي لإقامة الإكسبو العالمي لم يأتِ من الفراغ ولا من الصدفة
مما لا شك فيه أن اختيار دبي لإقامة الإكسبو العالمي لم يأتِ من الفراغ ولا من الصدفة، لأن هذه المدينة كما رأى الخبراء قادرة على استقبال هذا المعرض الضخم باقتدارٍ عالٍ. وهو ما يوفر قدرة كبيرة على التفاعل مع العدد الضخم المتوقع للزوار البالغ نحو 25 مليون زائر بتوافد 70 بالمئة منهم من خارج الدولة. لذا أصبح من الضروري التركيز هنا على ما يمكن أن تقدمه دبي إلى الإكسبو من الناحية النوعية، وخاصة فيما يخصُ المدن الحديثة وآفاقها المستقبلية، وأسلوب حياتها، ومدى تواصلها مع الابتكارات والاختراعات الجديدة التي يَعِدُ بها العقل البشري. وليس غريباً أن اختيار إكسبو دبي شعار "تواصل العقول.. وصنع المستقبل" الذي أطلقه صاحب السمو محمد بن راشد، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، ليكون عنوانا لحملة استضافة "الإكسبو الدولي 2020".
إن تواصل العقول وصنع المستقبل يصّبُ في الجوهر الذي يتجاوز مفهوم الإكسبو التقليدي، المتعارف عليه، ويشكلُ نقلة نوعية في معارض الإكسبو على مّر تاريخها العريق عبر ما يناهز ثلاثة قرون 1851 ــ 2020 رفعت كل منها شعاراً خاصاً بها، وبأسماء متعددة، من أجل التعبير عن أفقه ومضمونه، ومن بين هذه الأسماء "المعرض العظيم لعمال الصناعة في جميع الأمم"، و"المعرض العظيم"، و"معرض القصر البلوري" بالإشارة إلى أول استخدام للزجاج في الأبنية التي أقيم فيها المعرض في منطقة الهايد بارك الشهيرة في لندن، من 1 مايو إلى 11 أكتوبر 1851.
إن أسباب فوز دبي بمعرض الإكسبو 2020 تعود في جوهرها إلى البنية التحتية التي تتمتع بها الإمارات عامة ودبي خاصة، من مواصلات، وشوارع، ومراكز تجارية، وشبكات مرئية، وتخطيط مدني، ومناطق حرة، وشركات عملاقة، وموقع استراتيجي، وجسور ومعاملات إلكترونية على صعيد الحكومة والقطاع الخاص
يتوقع الخبراء أن يكون معرض إكسبو دبي 2020 بامتياز معرض الإلكترونيات والتكنولوجيا الحديثة والطاقة المستدامة؛ لأنها أهم ما تُشغل العقل البشري في الوقت الراهن. وقد أصبحت التكنولوجيا الحديثة الخبز اليومي لملايين البشر، ولعل أهم ما يُهدد الحياة الإنسانية هو إنتاج الطاقة بالطرق القديمة التي طواها الزمن. وفي كل معرض إكسبو يقام، هناك مفاجآت تخص العلوم والاختراعات في الدرجة الأولى، ولا ندري ما يخفيه لنا العقل البشري من اختراعات. وكما قدم توماس إديسون اختراعه للكهرباء في 1879 وشارك في أحد معارض الإكسبو وحاز على الاستحسان والقبول والانبهار، وأضاء العالم بمصابيحه الخالدة، لا ندري فيما لو تتكرر مثل هذه الاختراعات التي ستحتضنها دبي في الإكسبو 2020، وهي قد تكون كثيرة ولكنها غير شائعة لدى الجمهور.
سنوات قليلة تفصلنا عن إكسبو 2020، وهي كفيلة بتقديم ابتكارات واختراعات تخدم البشرية، وتدفعها نحو آفاق مستقبلية عظيمة، ولعل في مقدمتها الطاقة الخضراء التي تدافع عنها دبي، والتي ستكون أحد ابتكاراتها استدامة الطاقة، وتجديدها، والإمارات ماضية في هذا الطريق، بعد أن أصبحت الدول الصناعية الكبرى تُهدد سلامة المناخ في الكرة الأرضية.
إن أسباب فوز دبي بمعرض الإكسبو 2020 تعود في جوهرها إلى البنية التحتية التي تتمتع بها الإمارات عامة ودبي خاصة، من مواصلات، وشوارع، ومراكز تجارية، وشبكات مرئية، وتخطيط مدني، ومناطق حرة، وشركات عملاقة، وموقع استراتيجي، وجسور ومعاملات إلكترونية على صعيد الحكومة والقطاع الخاص، كلها عوامل أساسية في تحريك الاقتصاد وجذب العالم إلى هذا الإكسبو الطموح.
إن أساس إقامة أي نشاط أو معرض أو تظاهرة عامة، يقوم على هذه البنية التي من شأنها ضمان تفعيلها واستجابتها لضرورات العصر. فكيف إذا كانت هذه التظاهرة من نوع إكسبو الذي استضافته كبريات المدن في العالم. وكما يتوقع الخبراء، ستقدم دبي إسهامة جديدة وأسلوب حياة خاصة، وذلك من خبرتها في شؤون الإدارة والاقتصاد وريادتها في الأبنية الحديثة التي تتوفر وفق المعايير الدولية. كما لا ننسى أن تعايش أكثر من 200 جنسية أجنبية في دبي، يقدم نموذجاً للتعايش الحضاري المتقدم، وهو من مستلزمات إنجاح مشروع معرض الإكسبو الذي سيستقبل الزوار من أرجاء العالم. عادة ما نقول إن الجغرافيا تحكم التاريخ، نقصد بذلك الموقع الاستراتيجي الذي يتمتع به معرض الإكسبو الذي يشكل أحد عوامل نجاحه، ذلك لأنه يقع في منتصف الطريق ما بين إمارتي دبي وأبوظبي، ويحيط به ميناء جبل علي، ومطار آل مكتوم، فالنقل بات من أكبر معضلات العصر وأكثرها تكالفة.
هل هناك رسالة ثقافية لإكسبو دبي 2020؟
من بين أهم ما يتمتع به الإكسبو هو الفكرة الإبداعية والابتكارية التي يركز عليها من خلال تخصيص قاعات ومختبرات الابتكار، جوهر رسالته، وهو ليس عبارة عن مول كبير نجد فيه جميع البضائع والسلع، بل هو المكان الذي تنصهر فيه العقول البشرية، لكي تقدم كل ما هو جديد ومفيد في أفق حياتها المستقبلية.
وتسعى دبي إلى تقديم نموذج لأسلوب حياة جديدة من خلال استخدام الطاقة المستدامة، وما يثبت جدارة دبي أنها عملت على توليد خمسين بالمئة من الطاقة الكهربائية التي يحتاج إليها المعرض في الموقع نفسه، من دون انبعاثات الكربون، والتي تقيم الأمم المتحدة من أجلها المؤتمرات تلو الأخرى وآخرها مؤتمر باريس، لهو جزء من الرؤية المستقبلية لآفاق هذا الإكسبو الطموح.
وأخيراً، إن ربط إكسبو دبي 2020 بالتنمية خطوة ابتكارية جديدة في تاريخ الإكسبو في العالم، ما سوف يحقق نتائج طيبة تعود بالخير ليس على الإمارات فقط، بل على المنطقة العربية برمتها، ليقدم هذا البلد المزدهر والنامي نموذجاً عالمياً في مجال تنظيم معارض الإكسبو، وهي تجربة ستفيد ليس بلدان العالم الثالث بل العالم المتقدم برمته.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة