النظام الإيراني عُرف بعدم احترامه للقوانين الدولية وقرارات الأمم المتحدة والاتفاقات الدولية، ومساهمته في انتشار الأسلحة النووية.
النظام الاقتصادي الإيراني نظام ريعي، يعتمد بالدرجة الأولى على تصدير النفط إلى الخارج، دون وجود بدائل حقيقية أو دراسات استشرافية بديلة لعلاج الأزمة النفطية.
فالاقتصاد الإيراني حاليا بعد العقوبات النفطية في أسوأ مراحله وأدنى مستوياته، منذ أربعة عقود للثورة الإيرانية.
النظام الإيراني يصعب عليه الالتفاف على العقوبات والخروج من الانهيار هذه المرة، فالإدارة الأمريكية عازمة حازمة، ويكفي أن ترى العقوبات وصقور الإدارة والشروط الإثنى عشر لوزير الخارجية الأمريكي بومبيو، إضافة إلى حقيقة ينبغي التأكيد عليها أن مجرد محاولات التغيير تعني سقوط النظام من الداخل.وقد عُرف النظام الإيراني بعدم احترامه للقوانين الدولية وقرارات الأمم المتحدة والاتفاقات الدولية بسلمية المصانِع، ومساهمته في انتشار الأسلحة النووية والصواريخ الباليستية، وعدم احترام الدول المجاورة والتدخل في شؤونها الداخلية.
أخيرا قام الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بإلغاء الاتفاق النووي، وإقرار عقوبات صارمة من وزارة العدل والخزانة الأمريكية، كان لها أكبر الأثر على النظام الإيراني وتدهور العملة الإيرانية، وانهيار الاقتصاد الإيراني.
كما حذر ترامب الدول المصدرة للنفط أوبك من التلاعب بأسعار النفط، وحذر الدول الأوربية وكذلك الصين والهند من التعامل مع إيران، وإلا ستنال العقوبات الأمريكية والدخول في القوائم السوداء.
علما أن الصين هى الدولة الأولى المتعاملة مع إيران بنحو 648 ألف برميل يوميا، والهند هي الثانية عالميا بنحو 501.9 ألف برميل يوميا، وتأتي كوريا ثالثة بنحو 313.6 ألف برميل يوميا، ثم تركيا بنحو 165.2 ألف برميل يوميا.
والمعلوم أن إيران ستخضع للعقوبات النفطية بدءًا من 4 نوفمبر المقبل من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، حيث تستهدف مجالها النفطي لمنع تصدير إيران لنفطها عن جميع الأسواق العالمية، ومنع أي دولة تستورد النفط من إيران، مما يعني محاصرتها عالميا، حتى كوريا الجنوبية أعلنت إيقاف استيرادها للنفط الإيراني، كذلك الهند التي كانت ثاني مستورد للنفط الإيراني تعلن إيقاف استيراد النفط الإيراني.
أما روسيا فرغم معارضتها الإعلامية للعقوبات الاقتصادية، لكنها في الواقع مستفيدة اقتصاديا وسياسيا من ذلك، حيث تعتبر إيران منافسة لها في بعض تلك الأسواق، كما أن روسيا قد بدأت بتحجيم إيران في سوريا إلى حد كبير حتى أن البعض اعتبر ذلك وكأنه يأتي ضمن صفقة كبيرة بين الولايات المتحدة وروسيا.
لاشك أن تلك القرارات الأمريكية سوف تؤثر على أسعار النفط العالمية والسعر المتداول لها، وها هي إيران تتوسل إلى الدول الأوروبية والصين وروسيا والهند لمساعدتها في هذه الأزمة الكبيرة التي تمر بها.
وهذا يعني أن تسويق النفط سيكون صعبا جدا، وسيكون الدفع بالمؤجل وبأسعار زهيدة ولفترات متباعدة، ومع جهات غير رسمية ولا قانونية، مما يؤزم المحنة الاقتصادية إلى أكبر مستوياتها ويزيدها سوءا فوق انحدارها الحالي.
والكل يعلم الأثر الذي تؤثره العقوبات الأمريكية؛ لأن أمريكا تسيطر على الاقتصاد العالمي كما هو معلوم، علمنا جميعا عن ترك شركة توتال الفرنسية وشيل البريطانية وسيارات رينو للأسواق الإيرانية؛ خوفا من العقوبات الأمريكية، وذلك لعلمها بأن نسبة اقتصاداتها مع إيران هي أقل بكثير من نسبتها مع الولايات المتحدة الأمريكية، فمثلا شركة توتال الفرنسية لها أكبر حصة من الشركات، حيث كان من المقرر أن تسهم بمبلغ يقارب مليار دولار في استخراج الغاز الطبيعي في طهران، لكنها انسحبت بعد العقوبات.
وها هي إيران تطلب من ألمانيا مبلغ 300 مليون يورو نقدا بشكل عاجل للأزمة الاقتصادية المتفاقمة، وقد هددت الولايات المتحدة ألمانيا من تسليم المبلغ لإيران، حيث إنه يمثل خرقا للحصار الاقتصادي، وهو أشبه بتبييض العملة؛ لأنه يتم تسليمه نقدا بالطائرات.
المرشد الإيراني علي خامنئي يبعث برسالة علنية شديدة اللهجة إلى الرئيس حسن روحاني، يخاطبه بمعالجة الغلاء الفاحش والأزمة الاقتصادية؛ تخديرا للشعب، وكأن الرئيس بيده الحل والعقد وليس المرشد والحرس الثوري والفساد المستشري في مؤسسات الدولة المنخورة من رؤوسها الكبار!
الجزء الأساس من المشكلة الاقتصادية الإيرانية هو الفساد الاقتصادي وهيمنة الحرس الثورى على الاقتصاد من حيث شراء الكثير من الأسلحة والصواريخ، وصرف الأموال على المليشيات الطائفية التابعة له، مثل مليشيات حزب الله في لبنان، والحوثيين في اليمن، وعصائب أهل الحق والمختار وحزب الله في العراق وغيرها.
لذلك من الطبيعي عودة المظاهرات إلى الشوارع الإيرانية والاحتجاجات الكبيرة والاعتصامات العامة؛ اعتراضا على ولاية الفقيه والحرس الثوري وصرف أموال الشعب على المليشيات في الخارج وإفقار الشعب الإيراني.
يتساءل الكثيرون عن قدرة النظام الإيراني على الالتفاف على العقوبات، وإيجاد أسواق بديلة، والخروج من الأزمة الراهنة، والانهيار الاقتصادي وتداعياته الخطيرة على مختلف الأصعدة.
والحقيقة التى باتت واضحة أن النظام الإيراني يصعب عليه الالتفاف على العقوبات والخروج من الانهيار هذه المرة؛ فالإدارة الأمريكية عازمة حازمة، ويكفي أن ترى العقوبات وصقور الإدارة والشروط الإثني عشر لوزير الخارجية الأمريكي بومبيو، إضافة إلى حقيقة ينبغي التأكيد عليها أن مجرد محاولات التغيير تعني سقوط النظام من الداخل؛ لأنه قائم منذ تأسيسه على ولاية الفقيه وبسط يد الحرس الثوري.
من هنا كانت تهديدات بعض المسؤولين الإيرانيين لاسيما الحرس الثوري، بإغلاق مضيق هرمز لكن الجواب من الإدارة الأمريكية كان حازما وحاسما في عدم السماح بذلك، فهو ليس ملكا لإيران، كما أنه ممر اقتصادي عالمي لا يسمح لإيران بالعبث فيه.
أعتقد أن الرابع من نوفمبر يمثل فاصلا للنظام الإيراني وتقزيمه، وهو بداية انهياره الكبير الذي يقود إلى انهيار النظام كله، حيث إن الشعب الإيراني لم يعد يتحمل الغلاء والتضخم الاقتصادي، ونحن نعلم أن العامل الاقتصادي كان سببا رئيسا في سقوط الشاه بهلوي، حيث إن الخميني قد وعدهم بالإعفاء من الضرائب لاسيما الماء والكهرباء والغاز؛ لأنها أمور أساسية، كما وعدهم بالحصول على بيوت مناسبة، وكلها كانت وعودا غير صادقة، والآن الوضع الاقتصادي يوحي بذلك الانهيار الكبير للسقوط الاقتصادي وتداعياته وآثاره الكبيرة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة