الإمارات والسعودية.. تعاون لتعزيز التضامن الخليجي
جهود سعودية إماراتية بارزة لتعزيز مسيرة التعاون الخليجي، حرصا على قوة وتماسك مجلس التعاون، ووحدة الصف بين أعضائه.
ضمن أحدث تلك الجهود، وصل ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى الإمارات، مساء الثلاثاء، في زيارة رسمية تستمر يومين، ضمن جولة خليجية استهلها بزيارة سلطنة عمان.
- ولي عهد السعودية بالإمارات.. تعزيز روابط أكبر اقتصادين عربيين
- ولي عهد السعودية بالإمارات.. أهمية خاصة لزيارة ضيف كبير
وكان الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية، في مقدمة مستقبلي الأمير محمد بن سلمان لدى وصوله مطار الرئاسة في العاصمة أبوظبي.
توقيت مهم
وتأتي الزيارة في توقيت مهم قبيل أيام من القمة الخليجية الـ42 التي تستضيفها العاصمة السعودية الرياض منتصف الشهر الجاري، والتي تعد أول قمة خليجية بعد طي صفحة الخلاف مع قطر بموجب اتفاق العلا التي توصلت له قمة العلا 5 يناير/كانون الثاني الماضي.
أيضا تأتي الزيارة في وقت تستضيف فيه الإمارات "إكسبو 2020 دبي" الذي يعد أول إكسبو دولي يقام في العالم العربي، وأكبر حدث ثقافي في العالم، والتي وظفته الإمارات ليكون نافذة دبلوماسية وثقافية واقتصادية مفتوحة لتعزيز التعاون الثنائي مع مختلف دول العالم بشكل عام، ودول الخليج بشكل خاص.
وتتوج تلك الجهود دور البلدين التاريخي في تعزيز التضامن الخليجي والحفاظ على تماسك مجلس التعاون منذ أول قمة خليجية عقدت بدعوة من مؤسس دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، مرورا بالقمة الخليجية الأخيرة الـ41 التي عُقدت في محافظة العلا شمال غرب السعودية، في 5 يناير/كانون الثاني الماضي، وصولا للقمة الـ42 المرتقب عقدها في السعودية بعد أيام.
القمة الخليجية 42
ويرى مراقبون أن أجندة القمة الخليجية ستكون أحد محاور المباحثات خلال جولة ولي العهد السعودي الخليجية إضافة إلى تعزيز مسيرة التعاون والتضامن الخليجي.
ووجهت السعودية، يومي الأحد والإثنين، دعوات رسمية لقادة دول الخليج لحضور قمتهم الـ42 في المملكة منتصف الشهر الجاري.
وستكون القمة الخليجية المقبلة هي أول قمة خليجية بعد قمة العلا 5 يناير/كانون الثاني الماضي، كما ستكون القمة الخليجية الـ42 هي رابع قمة اعتيادية تستضيفها السعودية للعام الرابع على التوالي، فيما تعد هذه أول مرة في تاريخ مجلس التعاون منذ تأسيسه عام 1981، أن تستضيف دولة 4 قمم متتالية.
وكانت القمة الـ41 قد عقدت بعد تعديل أصبح يسمح لدولة الرئاسة (البحرين في تلك الدورة) بأن تُعقَد القمة في دولة المقر، وهو إجراء تم الاتفاق عليه خلال القمة الخليجية الـ37 التي عقدت بمملكة البحرين عام 2016، وتم تطبيق هذا الإجراء لأول مرة في القمة الخليجية رقم 39، حيث ترأست سلطنة عمان تلك الدورة، في حين عقدت القمة في دولة المقر في الرياض، برئاسة العاهل السعودي، كما تكرر في القمة الـ40 التي ترأست دورتها الإمارات، في حين عقدت القمة في الرياض، برئاسة الملك سلمان بن عبدالعزيز.
ويرى مراقبون أن قادة دول الخليج سيجددون خلال قمتهم التأكيد على حرصهم على قوة وتماسك مجلس التعاون، ووحدة الصف بين أعضائه، والعمل على تعزيز التنسيق وزيادة التعاون، وخصوصا بعد رأب الصدع الخليجي في قمة العلا.
كما سيؤكد قادة الخليج على المصير المشترك ووحدة الهدف والوقوف صفاً واحداً في مواجهة أي تهديد تتعرض له أي من دول المجلس.
كما ينتظر أن يتم خلال القمة التأكيد على الحلول السياسية لأزمات المنطقة، وعلى رأسها الأزمة في اليمن.
وستدعم المباحثات السعودية الإماراتية كل ما يهدف إلى تعزيز وحدة الصف والتماسك بين دول مجلس التعاون وعودة العمل الخليجي المشترك إلى مساره الطبيعي، والحفاظ على الأمن والاستقرار في المنطقة.
إكسبو.. مستقبل خليجي واعد
ومهدت الإمارات لتحقيق تلك الأهداف من خلال إكسبو 2020 دبي، الذي حولته إلى نافذة تواصل مفتوحة لتعزيز التضامن الخليجي، إما من خلال حرص قادة ومسؤولي الإمارات على زيارة أجنحة دول مجلس التعاون الخليجي، ونقل رسائل تعزز الترابط والأخوة.
أو من خلال استقبال مسؤولي دول الخليج بالمعرض وعقد مباحثات أو مناسبات وطنية تعزز التعاون الثنائي وتصب في دعم مسيرة التعاون الخليجي.
ويكاد لا يمر يوم منذ انطلاق إكسبو دبي مطلع أكتوبر الماضي، إلا ويشهد حدث أو رسالة أو لقاء تصب في مسار تعزيز مسيرة التضامن الخليجي.
فقبل يوم، التقى الفريق الشيخ سيف بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الإماراتي ، أمس الإثنين، الفريق أول الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة وزير الداخلية البحريني وذلك في إكسبو 2020 دبي.
وجرى خلال اللقاء استعراض علاقات التعاون المتميزة القائمة بين الإمارات ومملكة البحرين وسبل تعزيزها في مجالات العمل الشرطي والأمني، ثم قاما بجولة في إكسبو 2020 دبي، حيث زارا جناح مملكة البحرين.
وفي 25 نوفمبر الماضي، زار الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد البحريني إكسبو 2020 دبي و شهد الاحتفال باليوم الوطني لبلاده.
أيضا زار الشيخ محمد بن زايد آل نهيان 28 نوفمبر الماضي جناحي دولة الكويت ودولة قطر المشاركين في معرض " إكسبو 2020 دبي" .
وأعرب عن سعادته بزيارة جناحي الكويت وقطر والاطلاع على أهم مبادراتهما في مشاريع المستقبل وموروثهما التراثي والتاريخي والثقافي والاجتماعي.
وقبلها بأسبوع، استقبل الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، أسعد بن طارق آل سعيد نائب رئيس الوزراء لشؤون العلاقات والتعاون الدولي والممثل الخاص لسلطان عمان الشقيقة الذي كان يزور البلاد لرعاية احتفالات الجناح العماني في معرض " إكسبو 2020 دبي " بمناسبة اليوم الوطني الحادي والخمسين للسلطنة .
وبحث الجانبان العلاقات الأخوية الراسخة التي تربط بين البلدين، وسبل تطويرها وتوسيع آفاقها بما يعود بالخير والنماء على البلدين.
وخلال زيارته لأجنحة قطر والكويت والبحرين في معرض دبي إكسبو 2020، في أكتوبر الماضي، أكد الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، إن قطر والبحرين والكويت "إخوة يجمعهم النسب والقرابة والمصير الواحد، وتجمعهم الإمارات العربية المتحدة على المحبة والسلام".
كما سبق أن زار الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم جناح المملكة العربية السعودية، وأثنى على ما شاهده من خلال الجناح والذي وظف أحدث التقنيات الرقمية في جنباته لإبراز تاريخ المملكة العريق.
كما زار الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، الجناح السعودي، وأشاد به مؤكدا إنه "إضافة قيمة ومتميزة لمعرض إكسبو تجسد تاريخ المملكة العريق ومسيرتها ورؤيتها الطموحة للمستقبل".
وفي تصريحات سابقة له، أكد الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي أن " إكسبو 2020 دبي " يجسد تطلعات دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية نحو مستقبل واعد ومزدهر كما يعكس تاريخا من العمل الخليجي المشترك ومسيرة ملهمة وثرية قادتنا إلى تحقيق إنجازات نوعية في المجالات كافة.
وقال: "إننا اليوم في إكسبو 2020 دبي تلتقي أفئدتنا على المحبة والإخاء والتعاون لنعمل معا من أجل ترسيخ السمعة العالمية الإيجابية عن دول مجلس التعاون وتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة لشعوبنا ".
قطر.. صفحة جديدة
أيضا تأتي زيارة ولي العهد السعودي إلى الإمارات ضمن جولة خليجية تقوده إلى قطر، لتتوج صفحة جديدة في العلاقات بين الدول الثلاث بعد طي صفحة الخلاف.
وكان الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان مستشار الأمن الوطني الإماراتي قد أجرى زيارة إلى قطر 26 أغسطس/آب الماضي، في زيارة هي الأولى من نوعها بعد اتفاق العلا خلال القمة الخليجية الـ41 التي عقدت في محافظة العلا شمال غربي السعودية في 5 يناير/كانون الثاني الماضي، والذي تم بموجبه طي صفحة الخلاف مع قطر.
زيارة، أكدت الإمارات من خلالها أنها تمد أيادي السلام والتسامح لشقيقتها قطر، لطي صفحة الخلاف، حرصا على إعادة العلاقات الأخوية إلى سابق عهدها من جانب، وتحقيق التضامن الخليجي من جانب آخر، ونزع فتيل أية توترات بالمنطقة، والرغبة في التفرغ لمعركة البناء والتنمية، مع تعزيز التعاون والتكامل انطلاقا "من واقع أن المصير واحد والنجاح مشترك".
ودعما لأهداف تلك الزيارة، التقى الأمير محمد بن سلمان، وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، والشيخ طحنون بن زايد آل نهيان في المملكة في لقاء ودي 17 سبتمبر/ إيلول الماضي.
كما استقبل الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في 6 أكتوبر الماضي الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني وزير خارجية قطر في قصر الشاطئ بأبوظبي، حيث جرى بحث العلاقات الأخوية و سبل تعزيزها بما يخدم مصالح البلدين.
مسيرة مضيئة
ومع كل مباحثات تجمع قادة الإمارات والسعودية يستذكر أهل الخليج مسيرة التعاون المشترك بين السعودية والإمارات، منذ القمة الأولى التي انعقدت يومي 25 و26 مايو/أيار 1981 في أبوظبي، واتفق خلالها قادة الدول الست، رسميا، على إنشاء مجلس التعاون لدول الخليج العربية.
وقام القادة خلال القمة بالتوقيع على النظام الأساسي للمجلس الذي يهدف إلى تطوير التعاون بين هذه الدول (السعودية والإمارات والكويت والبحرين وسلطنة عمان وقطر)، وتعميق وتوثيق الروابط والصلات القائمة بين شعوبها في مختلف المجالات.
وفيما اتفقوا حينها على أن تكون مدينة الرياض بالسعودية مقرا دائما للمجلس، أكدوا خلال البيان الختامي أن "ضمان الاستقرار في الخليج مرتبط بتحقيق السلام في الشرق الأوسط".
ومنذ ذلك الحين عقدت 41 قمة خليجية اعتيادية ، استضافت الإمارات من بينها 6 قمم، فيما احتضنت السعودية 10.
ومن أبرز نتائج القمم التي استضافتها الإمارات، إقرار توصيات التعاون العسكري، والسماح للمستثمرين من مواطني دول المجلس بالحصول على قروض من بنوك وصناديق التنمية الصناعية في الدول الأعضاء.
كما تم اعتماد وثيقة السياسة التجارية الموحدة لدول المجلس التي تهدف إلى التعاون مع العالم الخارجي كوحدة اقتصادية واحدة.
فيما شهدت أول قمة خليجية ترأسها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود بعد توليه مقاليد الحكم في 2015، تبني رؤيته "لتعزيز التكامل بين دول المجلس والعمل الجماعي المشترك، وإقرار إمكانية الاتفاق بين عدد من الدول الأعضاء على أية إجراءات تكاملية تراها، في إطار المجلس، على أن تتبعها بقية الدول متى ما كان الوقت مناسباً لها".
وترأست الإمارات الدورة الأربعين لمجلس التعاون الخليجي، وانعقدت قمة تلك الدورة في الرياض، في 10 ديسمبر 2019، لتبرز العلاقات القوية والشراكة الاستراتيجية ووحدة المصير بين البلدين، وأهمية التعاون بينهما في تعزيز مسيرة مجلس التعاون الخليجي.
وترأس القمة الخليجية الـ40 خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وشارك فيها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي.
وصدر عن القمة الخليجية بيان ختامي مطول من 91 بندا تضمن رؤية دول الخليج لتعزيز العمل المشترك ومواقفهم من مختلف القضايا الإقليمية والدولية.
وكانت الإمارات أسست خلال رئاستها الدورة الـ40 لمجلس التعاون على مدار عام 2020، التي تزامنت مع العام الأول لانتشار جائحة كورونا، أسسا وقواعد لقيادة المجلس في تلك الظروف، كانت محل تقدير وإشادة دائمين.
وتواصل السعودية والإمارات المضي قدما على طريق تعزيز مسيرة التضامن الخليجي بخطوات واثقة وصادقة وبشفافية تامة، إيمانا منهما بأهمية المحافظة على اللحمة الخليجية وتطوير العمل الخليجي المشترك بما يحقق مصلحة دول مجلس التعاون ومواطنيها، وتحقيق الاستقرار والازدهار في المنطقة.
ويعمل البلدان بالتعاون مع دول مجلس التعاون الخليجي على تعميق الترابط والتعاون والتكامل بين الدول الأعضاء، وترسيخ أركان المجلس في مرحلة مليئة بالتحديات.