إكسون موبيل تسدد فاتورة العناد القاسية.. رحلة السنوات العجاف
"مسابقة جمال" هكذا وصف رئيس شركة إكسون موبيل توجه المنافسين للاستثمار في الطاقة المتجددة.. ومن يومها وتدفع الشركة الثمن.
وعلى مدار أكثر من 10 سنوات وقف عملاق النفط الأمريكي في وجه تيار التجديد الذي يتسلح بمشروعات الطاقة المتجددة والوقود الأحفوري، كمجالات طاقة أساسية يجب الاستثمار فيها بالتوازي مع النفط والغاز التقليدي.
رهانات خاسرة
وضعت إدارة إكسون ثقتها في تقديرات ورهانات خاسرة أفقدت الشركة الأمريكية الكثير من بريقها، وعلى رأس هذه الرهانات الاستثمار بكثافة في مشاريع نفطية ضخمة خلال فترات انخفاض أسعار النفط من أجل الاستفادة لاحقا من الانتعاش الذي لم يأتِ أبدا.
فعلى سبيل المثال، قالت الشركة في مارس/ أذار 2019 إنها ستزيد من إنتاجها من النفط والغاز في منطقة حوض بيرميان إلى مليون برميل يوميًا بحلول عام 2024، وذلك ارتفاعا من تقديراتها السابقة التي أشارت إلى إنتاج قدره 600 ألف برميل يوميًا بحلول عام 2025، ولكن كانت هذه تقديرات مفرطة في التفاؤل.
أقرأ المزيد..
- عمالقة النفط يتساقطون.. إكسون موبيل تغادر "داو جونز" بعد 92 عاما
- زووم تتخطى عملاق النفط "إكسون موبيل" في القيمة السوقية
- العراق ينفي انسحاب إكسون موبيل من حقول البصرة
وهناك مثال حي آخر، يتمثل في منطقة واحدة في الحوض النفطي تسمى "ديلاوير" التي قدرت إكسون قيمتها الصافية في عام 2018 بنحو 60 مليار دولار، ولكن في صيف العام الماضي أشار بعض المشاركين في المشروع إلى أن القيمة الصافية الحالية للمنطقة لا تتجاوز 40 مليار دولار، مؤكدين أن الشركة بالغت في تقدير سرعة الحفر.
وكذلك عندما قررت الشركة النفطية خوض غمار التنقيب عن النفط الصخري في 2010 ورصدت استثمارات تربو على 30 مليار دولار، فكان تحركها متأخرا، بل اختارت أسوأ توقيت ممكن.
فببساطة أسعار الغاز الطبيعي حينها كانت أعلى مما أصبحت عليه في معظم العقد التالي، وفي القطب الشمالي الروسي ورمال النفط الكندية لم تسر الأمور كما هو مخطط لها أيضا.
ضريبة ضخمة
هذه السياسات الخاطئة كبدت إكسون موبيل خسائر ضخمة، فبعد أن كانت أكبر شركة أمريكية من حيث القيمة السوقية قبل سبع سنوات فقط، خسرت الآن أكثر من 50% من قيمتها التي تناهز حاليا 190 مليار دولار، بعد أن تسبب وباء كورونا في تراجع الطلب على النفط والغاز.
كما أنه بالمقارنة بأرباحها التي وصلت إلى 46 مليار دولار في 2008، فإن المحللين يتوقعون تكبد الشركة خسائر بمقدار مليار دولار في 2020.
الخسائر لن تقف عند هذا الحد، بل أنها خرجت من مؤشر داو جونز" الصناعي أواخر أغسطس/ آب الماضي، والذي يضم أكبر الشركات الصناعة في بورصة وول ستريت، وهو ما يؤكد أن هذا الحادث يشكل علامةً فارقةً في تاريخ الشركة بشكل خاص وتاريخ صناعة النفط بشكل عام.
الاتجاه الواحد
لا تزال إكسون موبيل تُصر على انتهاج الاستثمار الضخم في حقول النفط التقليدية، حتى أعلن الرئيس التنفيذي للشركة دارين وودز قبل عامين عن خطة طموح لإنفاق 230 مليار دولار لزيادة إنتاجها من النفط والغاز بواقع مليون برميل يوميا بحلول عام 2025.
واعتمدت الاستراتيجية على رؤية إكسون بأن هناك تزايد في عدد سكان العالم ، ما يعني بالضرورة ارتفاع الطلب على النفط الخام لعقود مقبلة، وعلى هذا الأساس تراهن الشركة أن الإنتاج الإضافي سيحقق لها الأرباح على المدى الطويل.
غير أن الرياح جاءت الرياح بما لا تشتهي سفن إكسون، حيث تسبب فيروس كورونا في توقف العالم وشل الاقتصاد.
ولا يبدو أن الشركة حققت تقدما كبيرا في خطتها، حيث ارتفع الإنتاج بشكل طفيف، بل تسبب هذا الإنفاق الضخم في تكبد الشركة لخسائر في ربعين متتاليين لأول مرة منذ أكثر من 20 عاما.
أمل وحيد
لا يزال تعافي أسعار النفط مع ارتفاع الإنتاج العالمي عقب التخلص من تداعيات جائحة كورونا، أمل إكسون في جني ثمار استراتيجيتها على الأمد الطويل.
ولكن هناك أمل آخر يدفع كثير من المستثمرين للتمسك بأسهم إكسون، وهو توزيعات الأرباح التي تحرص على توزيعها بشكل دوري.
وبالفعل وعدت الشركة مستثمريها بعدم خفض التوزيعات كما فعل منافسوها في صناعة النفط والغاز مثل رويال داتش شل وبريتش بتروليوم.
غير أن سياسة التوزيع من غير المرجح أن تستمر لأن إكسون تستدين من أجل التوزيعات.
ويمكن إلقاء نظرة على جانب من أداءها المالي لاستنباط مستقبل توزيعات الأبعاء، فخلال الفترة بين عامي 2009 و2019، ضخت إكسون 261 مليار دولار من النفقات الرأسمالية، وفي نفس الوقت ظل إنتاجها من النفط ثابتا تقريبا، في ظل زيادة المعروض من النفط الصخري.
ما تغير فقط هي ديون الشركة التي زادت بواقع 45 مليون دولار، وفقا لبيانات بنك الاستثمار "إيفركور"، وبينما انخفض العائد على رأس المال من مستوى 16% في 2009، إلى 4% في 2019، بل من المرجح أن تكون هناك خسائر في 2020.
معلومات أساسية
توظف إكسون موبيل أكثر من 82000 شخص في جميع أنحاء العالم، مع ما يقرب من 4000 موظف في المقر و27000 شخص في هيوستن.
تعد شركة إكسون موبيل واحدة من أكبر الشركات في العالم من حيث الإيرادات، فكانت الشركة العاشرة الأكثر ربحية في قائمة فورتشن 500 خلال عام 2017؛ واعتبارا من عام 2018، احتلت الشركة المرتبة الثانية في ترتيب فورتشن 500 لأكبر الشركات في الولايات المتحدة حسب إجمالي الإيرادات.
أما عام 2019 فحلت في المركز السادس ضمن شركات النفط العالمية حسب الإيرادات، إذ بلغ مجمل إيراداتها لعام 2019 حوالي 275 مليار دولار أمريكي؛ وتنتج حوالي 3.5% من النفط في العالم وحوالي 2% من الطاقة في العالم.
aXA6IDMuMTQ0LjQyLjE3NCA= جزيرة ام اند امز