"إف 35" ورافال لليونان.. دلالات أمريكية فرنسية تقلب موازين القوة
دلالات خطيرة عدة يحملها الضوء الأخضر الأمريكي لذهاب مقاتلات "إف 35" لليونان بدلًا من تركيا، خطوة من شأنها قلب موازين معادلة القوة لصالح أثينا التي تعيد هيكلة قواتها المسلحة وسلاحها الجوي خلال تلك الفترة.
خطوة تعد أيضا بمثابة رسالة دعم عملية من واشنطن لأثينا في مواجهة أطماع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في الاستيلاء على مصادر الطاقة في شرق المتوسط، بعد أن دعمت واشنطن اليونان إعلاميا.
وتُنبئ الخطوة الأمريكية بحزمة جديدة من العقوبات ضد تركيا بعد تجربتها منظومة "إس-400" الروسية 16 أكتوبر الجاري، في خطوة يتوقع أن تتبعها المزيد من العقوبات، توجه ضربات موجعة لجيش تركيا المنهك واقتصادها المنهار بسبب سياسات أردوغان العدائية في المنطقة.
الشبح الأمريكي
صحيفة "جريك سيتي تايمز" اليونانية ذكرت أن وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو أعطى الضوء الأخضر لذهاب 6 مقاتلات "إف 35" الأمريكية المعروفة بالشبح لليونان بدلًا من تركيا.
وطبقًا لصحيفة "إستيا" اليونانية، خلال الزيارة الأخيرة لبومبيو إلى اليونان قبل شهر، جرت مناقشة توريد 20 مقاتلة من طراز "إف 35" والاتفاق عليها، إذ سيتم شراء 6 طائرات منها عام 2022، وستصل جنبًا إلى جنب مع أول ست مقاتلات من طراز "رافال" الفرنسية.
وطبقًا لصحيفة "إستيا"، ستبيع الولايات المتحدة إلى اليونان مقاتلات "إف 35" التي طلبتها تركيا بتسهيلات.
ورأت صحيفة "جريك سيتي تايمز" أن شراء أنقرة وتفعيلها لمنظومة "إس-400" الروسية على ما يبدو قلب الموازين لصالح اليونان.
وأضافت الصحيفة أن رد الفعل الأمريكي لا يقتصر على تسليم مقاتلات "إف 35" إلى اليونان فحسب، بل أيضًا احتمالية نقل قاعدة إنجرليك في تركيا إلى كريت.
تصعيد العقوبات
وتحمل تلك الخطوة دلالات خطيرة في ضوء قراءتها في سياق التوقيت والمضمون.
وتأتي بعد تجربة أنقرة منظومة "إس-400" الروسية، وهي الخطوة التي سبق أن حذرت واشنطن من تداعيتها.
وأعلنت واشنطن في يوليو 2019 تعليق مشاركة تركيا في مشروع مشترك للناتو لإنتاج المقاتلة الأمريكية "إف 35" بعد تسلمها أجزاء منظومة "إس 400" التي تعاقدت عليها مع روسيا في نهاية عام 2017، ومنعها من الحصول على 100 مقاتلة منها في إطار المشروع.
كما طالب مشرعون الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بفرض مزيد من العقوبات على تركيا بموجب قانون "مكافحة أعداء أمريكا بالعقوبات" (كاتسا) الذي يعرض الدول التي تقتني أسلحة روسية لعقوبات من جانب واشنطن.
وتقول الولايات المتحدة إن المنظومة الروسية لا تتناسب مع دفاعات حلف الناتو وتشكل خطرا على مقاتلات "إف 35" التي تنتج تركيا بعض أجزائها في منشآت تقع داخل أراضيها، ينتظر أن يتم وقف تسلمها .
وهي خطوة تعزز التنبؤات بتصعيد أمريكا من عقوباتها، وبحث نقل قاعدة إنجرليك الجوية من تركيا إلى اليونان.
وفي حال انسحاب الأمريكيين من هذه القاعدة، سيشير هذا الأمر إلى تحول كبير في ميزان الثقة بين الولايات المتحدة وتركيا.
وينبئ استمرار أردوغان في سياساته إلى إمكانية فرض عقوبات اقتصادية على أنقرة، وفقا لقانون كاتسا، وهي خطوة ستشكل ضربة قاصمة لاقتصاد تركيا المتداعي.
قلب موازين القوة
أيضا تأتي تلك الخطوة في وقت يتزايد فيها التوتر بين تركيا واليونان في منطقة شرق المتوسط، بعد أن أقدمت أنقرة على خطوة استفزازية جديدة تجاه أثينا.
وأعلنت للمرة الثانية أنها ستمدد حتى 4 نوفمبر المقبل عمليات المسح والتنقيب التي تجريها سفينة "أوروتش رئيس" في منطقة متنازع عليها شرق البحر المتوسط، في خطوة من شأنها تأجيج التوتر في المنطقة.
وذلك بعدما سبق أن أعلنت البحرية التركية تمديد عمل السفينة من 22 إلى 27 أكتوبر الحالي.
وانتقدت الولايات المتحدة قرار تركيا إعادة السفينة واتهمتها بإثارة التوتر من جانب واحد وتعمد تعقيد استئناف المحادثات مع اليونان، واصفة إعادة السفينة بأنها "استفزاز محسوب" من جانب أنقرة لليونان.
وكانت اليونان قد حذرت مبكرا من أطماع أردوغان في المتوسط عامة، وفي ثرواتها خاصة، وقالت في مطلع يونيو/حزيران الماضي إن "سلسلة أعمال تقوم بها تركيا لاغتصاب الحقوق السيادية لليونان".
وفي خضم هذا التوتر، أعلنت اليونان خططاً لرفع مستوى سلاحها الجوي، تتضمن الحصول على طائرات جديدة من الجيل الخامس من طراز إف 35 من الولايات المتحدة.
أيضا أعلنت اليونان 12 أيلول / سبتمبر الماضي عزمها الحصول على 18 طائرة من طراز رافال ، ومن المفترض توقيع العقد الذي سيشمل 6 طائرات جديدة و12 طائرة مستعملة قليلاً في نهاية عام 2020 كما تأمل وزارة الجيوش الفرنسية.
ولا شك أن تعزيز اليونان سلاحها الجوي بمقاتلات رافال الفرنسية، وإف 35 الأمريكية خطوة من شأنها تعزيز قدراتها الدفاعية مع تصاعد التوترات مع جارتها تركيا، ومنح جيشها تفوقاً تكنولوجياً على تركيا المجاورة.
وتعتبر هذه الخطوة بمثابة تحذير لأنقرة ترسله اليونان التي تعيد هيكلة قواتها المسلحة وتدعمها فرنسا وأمريكا .
ويرى خبراء عسكريون أنه بعد هيكلة سلاح الجو اليوناني، سيجد سلاح الجو التركي نفسه في وضع ضعيف مع طائرات إف 16 الأمريكية التي يملكها وهي أقل حداثة، وفي مواجهة طائرات رافال غير المعروفة بالنسبة للجيش التركي.
وبينوا أن شراء طائرات إف 35 سيحدث قفزة في القدرات بالنسبة لليونان وسلاح الجو اليوناني، نظرا إلى إمكانيات طائرات إف 35 المتقدمة، مثل قدرتها على الطيران لفترة طويلة وشبكتها وقدرتها على التخفي.
aXA6IDMuMTMzLjEzNy4xMCA= جزيرة ام اند امز