«سوبر هورنت».. مقاتلة غيرت قواعد حرب العراق

حين اندلعت حرب العراق عام 2003، وجدت البحرية الأمريكية نفسها أمام اختبار عملي لمقاتلتها الجديدة «إف/إي-18 سوبر هورنت».
فمن على متن حاملات الطائرات، انطلقت الطائرة لتثبت قدرتها على تنفيذ مهام معقدة في بيئات قتال مختلفة، من الضربات الدقيقة إلى الدعم الجوي والقمع الإلكتروني.
وبعدما برهنت على كفاءتها في خوض آلاف الطلعات دون تسجيل خسائر جوية مباشرة، تحولت المقاتلة، من مشروع تجريبي إلى ركيزة أساسية في العمليات، لتصبح رمزًا لتطور عقيدة الطيران البحري الأمريكي في بدايات القرن الحادي والعشرين.
"إف/إيه-18 سوبر هورنت" هي مقاتلة متعددة المهام بمحركين طورتها شركة "بوينغ" لصالح البحرية الأمريكية وأحدثت ثورة في الطيران القائم على حاملات الطائرات بفضل إلكترونيات الطيران المتقدمة والمدى الموسّع، والقدرة على أداء مهام "جو-جو" و"جو-أرض".
دخلت "إف/إيه-18 سوبر هورنت" الخدمة العملياتية عام 2001، وسرعان ما أثبتت قوتها في النزاعات الفعلية وذلك وفقا لما ذكره موقع "ناشيونال إنترست" الأمريكي.
فماذا نعرف عن دورها في حرب العراق؟
وخلال حرب العراق (2003-2011)، وخاصًة في الأسابيع الأولى من المعارك برزت "إف/إيه-18 سوبر هورنت" كركيزة للطيران البحري الأمريكي حيث انطلقت من حاملات الطائرات في الخليج العربي لتنفذ ضربات دقيقة، ودعمًا جويًا قريبًا، وقمعًا للدفاعات الجوية لتسهم بذلك في الإطاحة السريعة بنظام الرئيس السابق صدام حسين.
وكان الاختبار الأول بالنار للمقاتلة قبل أشهر قليلة من غزو العراق خلال عملية "المراقبة الجنوبية" في نوفمبر/تشرين الأول 2002، حين أسقط سرب المقاتلات "في إف ايه-115 إيغلز" أول قنابل موجهة "جدام" من المنصة في قتال فعلي.
ومع تصاعد التوترات، انتشرت "سوبر هورنت" على حاملات طائرات مثل "يو إس إس كيتي هوك" و"يو إس إس كونستليشن"، و"يو إس إس أبراهام لينكولن" وقادت أسراب مثل "في إف ايه-14 توب هاترز" و"في اف ايه-41 بلاك إيسز"، و"في إف ايه-115" الجهود المبكرة من البحر الأحمر وبحر العرب.
دخلت "سوبر هورنت" الخدمة عام 2001 وحتى الآن تم بناء أكثر من 630 مقاتلة منها وبلغ طولها 18.3 مترا وارتفاعها 4.9 أمتار في حين يبلغ باع الجناحين 13.6 مترا.
ويصل الوزن الأقصى عند الإقلاع إلى 29,937 كيلوجرام وتعمل بواسطة محركين تروبينيان "جي إيي إف 414" وتصل سرعتها القصوى إلي 1,190 ميل في الساعة أو (1,915 كيلومتر في الساعة) أما المدى القتالي فيصل إلي 822 كيلومتر.
وتتضمن حمولة المقاتلة مدفع "إم 61 إيه 2" بالإضافة إلى 11 نقطة تعليق 8,050 كيلوجرام من الذخائر وتضم الطائرة مقاتل أو اثنين حسب طرازها.
وبحلول مارس/آذار 2003، ومع اندفاع قوات التحالف إلى العراق، انضمت وحدات إضافية مثل "في إف ايه-154 بلاك نايتس" و"في إف ايه-47 أرغونوتس" وقد نفذت هذه الطائرات آلاف الطلعات من قواعد في الكويت وعلى متن حاملات الطائرات.
وسمح حجمها الأكبر بحمل ما يصل إلى 8 أطنان من الذخائر، بما في ذلك قنابل موجهة بالليزر وصواريخ "جو-جو" كما مكّنتها رادارات "ايه بي جي-73" وأنظمة التهديف المتقدمة من العمل في كل الظروف الجوية.
وبفضل مشاركتها الفعالة في القتال انتقلت "سوبر هورنت" من مرحلة الاختبارات إلى الهيمنة القتالية، لتملأ الفراغ الذي خلفته طائرات "إف-14 تومكات" المتقاعدة.
مهام متعددة
وشاركت "سوبر هورنت" في مهام متعددة مثل الضربات الجوية التي استهدفت دبابات الحرس الجمهوري العراقية ومراكز القيادة وكذلك الدعم الجوي القريب حيث دعمت القوات البرية أثناء معارك بغداد (أبريل/نيسان 2003) مستخدمة مدافعها وصواريخ "ايه جي إم-65 مافريك".
كما شاركت المقاتلات في قمع الدفاعات الجوية من خلال إطلاق صواريخ مضادة للرادارات لتدمير مواقع الدفاع الجوي بالإضافة إلى مشاركتها في تزويد طائرات أخرى بالوقود جوا عبر "خزانات الأصدقاء" لتطيل مدة بقائها في الجو.
ومن أبرز مساهمات "سوبر هورنت" مشاركتها في حملة "الصدمة والترويع" خلال الفترة من 20 مارس/آذار وحتى 9 أبريل/نيسان 2003 والتي كانت تهدف إلى شل القيادة العراقية عبر ضربات جوية مكثفة ودقيقة.
شاركت أسراب "في إف ايه-14" و"في إف ايه -41" و"في إف ايه-115" في الموجات الأولى، وأسقطت قنابل موجهة على قصور رئاسية ومقرات حزب البعث ودبابات "تي-62".
وفي يوم 21 مارس/آذار وحده، أسقطت مئات الآلاف من الأرطال من الذخائر، مما أصاب الدفاعات بالشلل ومهّد الطريق للتقدم البري.
وحققت "سوبر هورنت إنجازات متعددة فهي لم تُسجّل أي خسائر "جو-جو" وحققت معدلات نجاح مرتفعة للمهام كما سجلت قدرة على إنتاج الطلعات بنسبة 90٪ رغم ظروف الصحراء ونجحت في إدخال قدرات مبتكرة مثل التزود القتالي بالوقود وأنظمة التهديف عبر الخوذة.