مصرية تعيش في الولايات المتحدة تطلق موقعا لقصص الأطفال باللهجة العامية المصرية، مع تركيز على الأطفال في سن ما قبل المدرسة، تحكي تجربتها لـ"العين الإخبارية"
بعد إنجابها طفلين، ركزت فكرها على كيفية تعليمهما القراءة مبكرا، فلم تجد سوى طريقة "حواديت أبلة فضيلة"، التي اشتهرت عبر أثير الإذاعة المصرية على مدى عدة عقود، حتى باتت جزءا من ثقافة الطفل في مصر.
كانت المصرية المقيمة في أمريكا، ريهام شندي، تدرك أن القصص المبسطة باللهجة العامية تجذب الأطفال وتدفعهم إلى ممارسة القراءة منذ سن مبكرة، فشرعت في تأسيس موقع "توتة توتة.. فرغت الحدوتة" لخلق مناخ ثقافي لدى لأطفال عن طريق الحواديت، وتحسين نطاق الانتباه لديهم وتنمية مهارات الاستماع.
تخرجت ريهام شندي في اﻟﺠﺎﻣﻌﺔ الأمريكية بالقاهرة، وحصلت على درﺟﺔ اﻟﺒﻜﺎﻟﻮريوس ﻓﻲ اﻻﻗﺘﺼﺎد، قبل أن تحصل ﻋﻠﻰ درﺟﺔ اﻟﺪﻛﺘﻮراه ﻓﻲ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﺘﻄبيقي ﻣﻦ اﻟﺠﺎﻣﻌﺔ اﻷوروبية ﻓﻲ مدينة ﻓﻠﻮرﻧﺲ بإيطاليا، وحاصلة ﻋﻠﻰ درﺟﺔ اﻟﻤاجستير ﻓﻲ اﻻﻗﺘﺼﺎد ﻣﻦ ﺟﺎﻣﻌﺔ بريستول ﺑﺎﻟﻤﻤﻠﻜﺔ اﻟﻤﺘﺤﺪة.
"شندي" في حوارها مع "العين الإخبارية" أوضحت أهمية موقعها "توتة توتة" المتخصص في قصص الأطفال، والهدف من تأسيسه.
كيف اختمرت الفكرة في ذهنك؟
بعد إﻧﺠﺎبي طفلين توأما "علي" و"ليلة"، في ديسمبر/كانون الأول ٢١٠٢ واﺳﺘﻨﺎدا إلى الأبحاث العلمية عن أهمية القراءة ﻟﻸطﻔﺎل اﻟﺼﻐﺎر بدأت القراءة لطفليّ باللغة العربية منذ أن ﻛﺎن ﻋﻤرهما 6 أشهر، ﻟﻜنني واﺟهت تحديات عدة، كان من بينها أن جميع كتب اﻷطﻔﺎل ﻣﻜﺘوﺑﺔ ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ العربية اﻟﻔﺼﺤﻰ، وهي لهجة ﻻ نتحدث ﺑها ﻣﻊ أطفالنا، وﻟﻐﺔ ﻻ يعرفها اﻟطﻔﻞ حتى دﺧول اﻟﻤدرﺳﺔ وﻻ يتقنها إﻻ بعد ﺑﻀﻌﺔ أﻋوام من دراستها، فأردت قراءة القصص لطفلي بالطريقة نفسها اﻟﺘﻲ نشأت عليها على طريقة حكايات "أﺑﻠﺔ فضيلة" العامية، ﻓﺒدأت ترجمة ﻗﺼص أطﻔﺎل أجنبية إﻟﻰ العامية المصرية وقراءتها لـ"علي" و"ليلة"، وبعد ذلك أدرﻛت أن الكثير من اﻷﻣهات ﻓﻲ مصر واﻟﺨﺎرج يشاركنني رغبتي ﻓﻲ القراءة ﻷطفالهم اﻟﺼﻐﺎر ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ المصرية البسيطة، ومن هنا جاءتني فكرة إنشاء ﻣوقع ﻋﻠﻰ ﺷﺒﻜﺔ الإنترنت لنشر ترجماتي المجانية تحت بند الاستخدام اﻟﻌﺎدل لقانون الملكية الفكرية.
وما فلسفة الموقع؟
الموقع ينشر ﻛﺘب أطﻔﺎل أجنبية مترجمة إﻟﻰ اللهجة المصرية العامية ﻣﻊ اﺳﺘﺨدام اﻟﺴﺠﻊ والقافية ﻓي اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ، وﻋلى اﻟﻤوﻗﻊ يمكن الاﺳﺘﻤﺎع إلى هذه اﻟﻜﺘب المترجمة ﻣﺠﺎﻧﺎً بإحدى اﻟطرق اﻟﺜﻼث: مرئية، أى من ﺧﻼل ﻣﺸﺎهدة فيديو ﻟﻠﻜﺘب ﻋﻠى ﻣوﻗﻊ "يوتيوب"، أو صوتية عبر الاستماع إﻟﻰ اﻟﻘﺼص بأداء صوتي فقط، أو مكتوبة عبر ملفات "بي دي إف" لمن يرغب في قراءة اﻟﻜﺘﺎب بنفسه.
وكيف كانت درحة نجاحه برأيك؟
أعتقد أن موقع "توتة توتة" خلق مناخا ثقافيا لدى لأطفال عن طريق الحواديت، فالقراءة تحسن نطاق الانتباه لديهم، وتقلل من فرط الحركة، وتنمي مهارات الاستماع وتزيد من وعيهم بالمفردات والقدرة على فهم اللغة، بالإضافة إلى تحسين القدرات الإدراكية في إطار متابعتهم للشخصيات المتواجدة داخل القصص.
والأهم من كل ذلك أن القصص بالعامية المصرية تربط الأطفال المقيمين في الخارج بلغتهم الأم ووطنهم في مواجهة تحديات الغربة من ثقافة مختلفة ولغة أجنبية وتعليم مختلف. لذلك كان أهم المستفيدين من هم مثلي، من يعيشون بعيدا عن أوطانهم الأصلية.
وكيف كان استقبال موقعك بين الأطفال وأسرهم؟
بعد أيام قليلة من خروج الموقع إلى النور تلقيت ردود أفعال إيجابية على موقعي، وكانت من أطياف مختلفة سواء الأسر المصرية المغتربة أو المستقرة بالقاهرة، إضافة إلى الأسر المقيمة في أوروبا، وأثبتت لي هذه الردود أن الموقع سيحقق هدفه.
وتواصلت معي أمهات مقيمات في الولايات المتحدة الأمريكية، السويد، بريطانيا، أﺳﺘﺮاليا، سويسرا، ألمانيا، تايلاند، قلن لي إنهن يبحثن ﻋﻦ طﺮق لتوسيع ﻧﻄﺎق اﻟﻜﻼم ﻣﻊ أطفالهن ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ المصرية العامية ﺑﻤﺎ يتجاوز اﻟﻜﻠﻤﺎت اﻟﻤﺴﺘﺨﺪﻣﺔ ﻓﻲ اﻷﻋﻤﺎل اليومية. وﺗﻮاصل معي أيضا آﺑﺎء مصريون يعيشون ﻓﻲ اﻟﺨﺎرج بعضهم ﻣﺘﺰوجون ﻣﻦ أجنبيات ويبحثون ﻋﻦ وسيلة سهلة لتعريف الأطفال باللغة العربية وتحببهم في اللهجة المصرية، وكانت اﻟﻤﻔﺎﺟﺄة اﻷﻛﺒﺮ بالنسبة لي عندما جاءتني رﺳﺎﺋﻞ ﻣﻦ أمهات مصريات يعشن ﻓﻲ ﻣﺼﺮ وتدركن أهمية اﻟﻘﺮاءة للأطفال ﻣﻦ ﺳﻦ ﻣﺒﻜﺮة، لكنهن يجدن صعوبة شديدة في العثور على ﻣﻮاد ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ من ناحية اللغة للأطفال ذوي الأعمار الصغيرة.
ولماذا أطلقت اسم "توتة توتة" على موقع الأطفال؟
"توتة توتة" كلمة معروفة منذ قديم الأزل لدى الأطفال في مصر والوطن العربي بشكل عام، فشعرت أنني أستطيع الاقتراب من هدفي عبر إنشاء الموقع المجاني سريعا من خلال استخدام كلمتين لهما موروث لدى الأسر المصرية وأطفالهم، وبالفعل بعد عدة أسابيع قليلة شعرت أن اختياري للاسم كان موفقا، لأنه زاد من إقبال الأمهات المصرية المغتربات المهتمة بسرد القصص لأطفالهم الصغار، فضلا عن أن الاسم يكشف عن محتوى الموقع من الوهلة الأولى.
ما طموحاتك للفترة المقبلة؟
لدي الكثير، ولكن أمنيتي الأولى هي اﻟـﻤﺴﺎﻋـﺪة ﻓـي زيادة اﻟـﻮﻋـﻲ اﻟـﻌﺎم بأهمية ﻗـﺮاءة اﻟـﻘﺼﺺ ﻟـﻸطـﻔﺎل، ﺧـﺎﺻـﺔ ﺑـﺎللغة العامية، والثانية تتمثل في أن يزيد إﻗﺒﺎل دور اﻟﻨﺸﺮ المصرية والعربية ﻋﻠﻰ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﻛﺘﺐ أطﻔﺎل بالعامية إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﻔﺼﺤﻰ.
ماذا تفعلين الآن؟
أﻧﺎ أﻋﻤﻞ الآن على إﻧﺘﺎج ﻛﺘﺎب ﻟﻸطﻔﺎل باللهجة المصرية، يحتوي على ﻋﺪة ﻗﺼﺺ، وﺳﺄﻗﻮم ﺑﻨﺸﺮه ﺗﺤﺖ ﺑﻨﺪ النشر اﻟﺸﺨﺼﻲ ﻟﻌﺪم رﻏﺒﺔ الناشرين ﻓﻲ دﻋﻢ هذا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ ﻜﺘﺐ اﻷطﻔﺎل صغيري اﻟﺴﻦ، على الرغم من أنهم يصدرون بالفعل كتبا باللهجة العامية للكبار، وهذا أمر لا أجد فيه أي منطق، لأن الأطفال، خاصة في سن ما قبل المدرسة، يحتاجون للحكايات باللغة العامية البسيطة، أما الكبار فبالتأكيد حصلوا على قسط من التعليم يجعلهم قادرين على القراءة باللغة الفصحى.