فيروز.. "زهرة الغناء" تسكن القمة في عيد ميلادها
المطربة اللبنانية فيروز، التي تحل ذكرى ميلادها 21 نوفمبر، خطفت الأضواء بقدرتها وذكائها الشديد على الجمع بين فخامة الكلمة ورقي الأداء
موهبة استثنائية تستحق الوقوف أمامها طويلا، فنجحت عبر مشوار طويل امتد نحو 65 عاما في خطف القلوب وأسر الأسماع بصوت خلاب عبر الأعماق وسكن الوجدان؛ ليضع فيروز على قمة الطرب العربي عن جدارة واستحقاق.
نجحت "جارة القمر"، صاحبة ما يزيد على 800 عمل غنائي، في خطف الأضواء بقدرتها وذكائها الشديد على تحقيق التضاد، فهي صوت المسافر والعائد، المهزوم والمنتصر، الغربة والوطن، وأيضا نجحت في الجمع بين فخامة الكلمة ورقي الأداء؛ لتصبح رمزا للطرب يلتف حوله كل محبي الفن.
ولدت نهاد رزق وديع حداد 21 نوفمبر/تشرين الثاني 1935 في زقاق البلاط أحد أحياء بيروت القديمة لأسرة بسيطة، بدأت قصتها مع الغناء في سن صغير، فراحت تطارد أصوات أم كلثوم ومحمد عبدالوهاب وليلى مراد في الشوارع والحارات لعجز أسرتها عن شراء جهاز راديو.
في المدرسة برزت موهبة فيروز الغنائية، وتحمس لها الموسيقي اللبناني محمد فليفل ليساعدها على الانضمام إلى فرقة "كورس" الإذاعة اللبنانية، وبمرور الأيام بدأ الحلم ينمو بداخلها، ورغم رفض الأب احترافها الغناء فإنها أصرت على المضي قدما في طريق الحلم ودرست في المعهد الوطني للموسيقى، لتصبح ذات شأن عظيم.
حمل عام 1952 لـ"زهرة الغناء" الكثير من الخير، فتعرفت على الموسيقار اللبناني عاصي الرحباني، لتبدأ رحلتها الحقيقية في عالم الطرب، وتعاون الثنائي لتقديم أغنيات مميزة حققت الكثير من النجاح واستقبلها الجمهور العربي بترحاب شديد.
ارتباط فيروز بابن عائلة الرحباني لم يقتصر على العمل، إذ تطورت علاقة الصداقة إلى حب كبير توجاه بالزواج عام 1955، ورزقا بـ4 أبناء هم: زياد، هالي، ريما وليال.
زواج فيروز من موسيقار كبير ساعدها في العبور سريعا إلى الجمهور، فزادت مساحة التعاون بينهما وانضم لهما شقيقه منصور الرحباني، ليقدم الثلاثي أعمالا مميزة مزجت بين الشكل الشرقي والأنماط الغربية.
غنت "بنت الحارس" للحب والقدس والألم والفرح، وشاركت في بطولة 15 مسرحية غنائية منها "جسر القمر، الليل والقنديل، وبياع الخواتم"، وذاع صيتها لتصبح مطربة البسطاء والملوك والرؤساء على حد سواء.
بعد وفاة عاصي الرحباني عام 1986 تعاونت فيروز مع عدد من الملحنين الجدد، بعد فترة حداد طويلة غابت فيها عن ساحة الطرب، لكن أهم من شاركتهم نجلها زياد الرحباني، وزكي نصيف وفلمون وهبة.
نجحت "جارة القمر" في الوصول للعالمية خلال فترة التسعينيات بأعمال عصرية وألحان رشيقة، لتتوهج وتتسع مساحة انتشارها وتسكن البيوت ويصدح صوتها عاليا بالأزقة والحواري في مختلف الدول، ومن أهم الألبومات التي طرحتها في تلك الفترة، "كيفك إنت"، "إيه في أمل"، "ببالي" و"فيروز في بيت الدين".
يضم الأرشيف الفني للمطربة الكبيرة 36 ألبوما غنائيا و26 اسكتشا و9 قصائد و15 مسرحية و3 أفلام سينمائية، هي "بياع الخواتم" 1965، "سفر برلك" 1967، و"بنت الحارس" 1968.
عرف عن فيروز وطنيتها الشديدة وحبها للعروبة، فلم تترك لبنان أثناء الحرب اللبنانية، وظلت في بيتها تنادي بوحدة شعبها، وغنت لدولة الأرز "بحبك يا لبنان"، "يا هوى بيروت"، و"لبنان يا أخضر لونك حلو".
ورفضت المطربة الغناء للرؤساء وانحازت للأوطان والشعوب، فغنت للقدس "زهرة المدائن" و"القدس العتيقة"، ولـ"أم الدنيا" غنت فيروز "مصر عادت شمسك الذهبي" و"شط إسكندرية" وهادت سوريا "إلى دمشق".
نالت "زهرة الغناء العتيقة" العديد من الأوسمة والجوائز وكرمت من كل دول العالم، لكنها تعتبر أن حب الجمهور لها ورضاه الكامل عن فنها الوسام الأجمل والأعظم.