طلب وهمي على العملة الصعبة.. مضاربة حوثية لضرب المركزي اليمني
فيما يكثف البنك المركزي اليمني في عدن إجراءاته المصرفية، تضغط مليشيات الحوثي لرفع وتيرة المضاربة بالعملات لدفع الريال للانهيار.
واليوم الأربعاء، سجل صرف الدولار الأمريكي الواحد 1868 ريالًا يمنيًا للشراء و1890 ريالًا يمنيًا للبيع، فيما اقترب الريال السعودي الأكثر انتشارا في سوق الصرف من 489 ريالاً للشراء و493 للبيع، في وضع قال عنه خبراء إنه يعود لاستمرار المضاربة بالعملة وتوقف صادرات النفط وانخفاض التحويلات الخارجية.
- أوبك: الطلب العالمي على النفط يرتفع 2.25 مليون برميل يوميا في 2024
- خالد بن محمد بن زايد يشهد توقيع اتفاق لانضمام شركاء عالميين إلى «الرويس» للغاز
وقال الخبراء لـ"العين الإخبارية"، إن المضاربة الحوثية بالعملات الهادفه لتعطيل إجراءات البنك المركزي تأتي على رأس العوامل التي تقف خلف انهيار الريال اليمني في مناطق الشرعية، وذلك إثر خلقها طلبًا وهميًا للعملات الصعبة والتي تؤثر سلبًا وبشكل كبير في سعر الصرف.
إجراءات ضرورية
ولوقف هذا العبث، واصل البنك المركزي في عدن إجراءاته، كان آخرها اليوم بعد قرار شمل إيقاف نشاط 5 شركات صرافة ومنشآة مالية ليرتفع عدد شركات الصرافة الموقوفة إلى 20 شركة خلال أسبوعين فقط.
ويستند البنك المركزي اليمني في سحب تراخيص شركات ومنشآت الصرافة، إلى تقارير قطاع الرقابة في البنك المعترف به دوليًا وتعد "إجراءات ضرورية" لتنظيم العملية المالية والمصرفية في البلاد، وفقًا لمصادر.
في السياق، قالت مصادر إعلامية إن محافظ البنك المركزي أحمد المعبقي وقع قرارًا بإلغاء تراخيص البنوك الستة المخالفة، كما وقع خطابًا موجهًا إلى نظام سويفت الخاص بالمعاملات المالية بهدف سحب النظام خلال مدة أقصاها أسبوع ما لم تنقل عملياتها إلى عدن.
واستثنى البنك المركزي في عدن الفروع في المناطق المحررة الخاصة بالبنوك المخالفة المتهمة بالتعامل مع مليشيات الحوثي، وهي "التضامن" و "اليمن والكويت" و "اليمن والبحرين الشامل" و"الأمل للتمويل الأصغر" و"الكريمي للتمويل الأصغر الإسلامي" و"اليمن الدولي".
وكان البنك المركزي أصدر قرارًا لهذه البنوك لنقل عملياتها وإدارتها إلى عدن تحت رقابة الحكومة المعترف بها دوليا وأعطاها مهلة شهرين لكنها استمرت بالمماطلة إثر ضغوط حوثية منعتها من الانتقال بعيدًا عن صنعاء.
وتعد قرارات البنك المركزي في عدن الأخيرة مصيرية لنقل المقرات الرئيسية للبنوك التجارية من صنعاء إلى عدن، وسحب العملة القديمة، وفرض عقوبات على كبريات البنوك المتعاملة مع مليشيات الحوثي وذلك لإبعاد النظام المصرفي والمالي من العقوبات الدولية بعد تصنيف الحوثي منظمة إرهابية.
وأثارت هذه القرارات، تفاعلًا من قبل خبراء اقتصاديين ومختصين ماليين يمنيين، وصفوها بأنها "غاية في الأهمية"، وجاءت لوضع حد للتلاعب بالعملة المحلية من قبل شركات ومنشآت صرافة ثبت تورطها بالتواطؤ مع مليشيات الحوثي للمضاربة بالعملة المحلية.
الخبراء الاقتصاديون اعتبروا قرارات البنك المركزي بعدن بأنه "كان لا بد منها"، خاصة في ظل الفضائح التي تم الكشف عنها مؤخرا، والتي كانت تمارس منذ سنوات، وحان وقت وضع حد لها؛ لإنقاذ الاقتصاد الوطني، على حد تعبيرهم.
وتحدث الخبراء عن تلك الممارسات غير القانونية بالتفصيل، كاشفين عن عبث ومضاربات الصرافة بالمحافظات المحررة، عبر آليات غير شرعية تتجاوز قوانين العمل المصرفي التي وضعها البنك المركزي اليمني، في تواطؤ واضح مع مليشيات الحوثيين.
المضاربة بالعملة
وفي هذا الصدد، يستشهد الخبير الاقتصادي اليمني، وأستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة عدن، الدكتور سامي نعمان، بحادثة شركة المجربي للصرافة في محافظة مأرب، وما نجم عنها من أساليب تهريب مليارات الريالات اليمنية، وملايين الدولارات والريالات السعودية.
وقال الخبير الاقتصادي سامي لـ"العين الإخبارية" إن هذه الحادثة تكشف مدى سعي "هوامير الصرافة" ووقوفهم خلف انهيار الريال بدعم من الحوثيين، ضمن "الحرب الاقتصادية" التي تشنها المليشيات بحق الشعب اليمني.
وكشف الخبير الأكاديمي أن هناك تأكيدات على وجود "جروب واتس" يضم العديد من الصرافين المضاربين في العملة بالمحافظات المحررة، مشيرا إلى أن خبراء اقتصاديين فضحوا وأكدوا هذه الممارسات غير القانونية والتي تخلق طلبا وهميا للعملات الصعبة.
وأضاف سامي أن هؤلاء الصرافين المتواطئين مع مليشيات الحوثي يقومون بتسريب أخبار مغلوطة عبر "جروب الواتس" في محاولة منهم لتخفيض أو رفع سعر العملة لتحقيق الأرباح، وخدمة أجندات الحوثي في تدمير الاقتصاد اليمني.
التواطؤ مع الحوثيين
وأضاف الخبير الاقتصادي أن ما قام به البنك المركزي اليمني مؤخرًا، كان من المفترض أن يقوم به من قبل، ولكن غياب الدعم الأمني وغياب التنسيق هو ما عرقل تنفيذ هكذا قرارات مهمة.
وتابع سامي: الحوثيون لديهم خبرات في جوانب التهريب والتلاعب المالي، مستفيدين من الخبرات الإيرانية والعراقية واللبنانية في هذا المجال، خصوصًا وأن الارتفاعات المتتالية في الأسعار كانت غير منطقية وغير مبررة لدى محلات وشركات الصرافة.
مؤكدا أن هناك شركات صرافة في المحافظات المحررة متواطئة مع الحوثيين؛ وتهدف للمضاربة بسعر الصرف بشكل غير قانوني، والتسبب بانهيار العملة المحلية.
كما كشف سامي عن وجود موظفين في البنوك التجارية بالمناطق المحررة، بالإضافة إلى تجار ورجال أعمال يقومون بهذه المهمة أيضا، وخدمة أجندات الحوثيين في ضرب الاقتصاد اليمني والتلاعب بالعملة المحلية.
وقال: ولعل أكبر دليل على ذلك التواطؤ هو أنه عند إغلاق أحد محلات الصرافة من قبل النيابة وجدوا هواتف الموظفين في القمامة؛ ما يؤكد خشية الموظفين من معرفة النيابة للجهات التي كان الموظفون يتواصلون معهم، وطبيعة هذا التواصل.
التعويم المدار ضرورة
من جهته، قال الخبير الاقتصادي اليمني وفيق صالح إن قرارات البنك المركزي اليمني المعترف به دولياً تستهدف "تعقب شركات الصرافة المتورطة بعملية غسيل الأموال والمضاربة بالعملة، وضمن مساعٍ لتنظيم حركة الحوالات والأنشطة المصرفية الداخلية".
وأكد أن الإصلاح النقدي والمالي، هو المدخل الفعلي لتحقيق الاستقرار في قيمة العملة الوطنية، وهذا ما تحاول إدارة البنك المركزي تنفيذه، لكن في الأوضاع الاستثنائية، وفي ظل هشاشة البنية التحتية للقطاع المصرفي، والعشوائية والانقسام، وبقاء الجزء الأكبر من السيولة خارج القطاع البنكي الرسمي، تصبح كافة الخيارات متاحة للتلاعب بأسعار الصرف والتأثير على قيمة العملة، كما هو حاصل خلال الوضع الجاري.
وحث صالح الحكومة اليمنية لدراسة كافة الخيارات والبدائل والحلول التي من شأنها وقف نزيف العملة، وحتى وإن تتطلب ذلك التدخل المباشر في تحديد سعر الصرف عند مستوى معين، وعدم السماح لقوى السوق بتجاوزه، وهذا ما يسمى بنظام التعويم المدار، الذي تلتزم به العديد من الدول، بدلا عن نظام التعويم الحر الذي لا يصلح لليمن كبلد غير مستقر.
aXA6IDE4LjExOS4xMDcuMTU5IA== جزيرة ام اند امز