سقيا الماء في اليمن.. المناخ والحرب ينعشان عادات الأرياف (خاص)
على امتداد طرقات الطلاب والمسافرين في ريف اليمن، تتراص الجرات والأوعية المصنوعة من الفخار لتروي عطش السكان إثر ظروف الحرب والمناخ.
هذه الأوعية الفخارية التي تروي عطش المارة ويتبنى نشرها اليمنيون على الطرقات تحت الأشجار وأمام المنازل كجزء من عادات الريف، تحولت مؤخرا إلى مبادرات مجتمعية لسقيا الماء، فرضها التغير المناخي في البلاد اليمن.
ارتفاع درجات الحرارة وشح المياه الناتج عن نضوب الآبار، خصوصاً في المناطق النائية من اليمن، استدعيا القيام بمبادرات مجتمعية بمواجهة هذا الوضع مستوحاة من عادات وتقاليد ريفية في البلاد بتخصيص أوعية وأماكن لتوفير المياه الباردة على طريق الطلاب والعابرين.
وأعاد شبان يمنيون إحياء هذه المبادرات عبر نشر خزانات مياه متوسطة الأحجام لسقيا الماء على جنبات الطرق الرئيسية بين محافظتي لحج وتعز (جنوب اليمن)، لتخفيف وطأة فصل الصيف؛ إثر ارتفاع درجات الحرارة، وزيادة الطلب على المياه.
وتستهدف هذه المبادرات المجتمعية طلاب المدارس والمسافرين، وعامة المارة، وسكان تلك المناطق، التي تشح فيها المياه بشكل كبير كجزء من تدعيم تماسك المجتمع أمام هجمة الحرب التي تفرضها مليشيات الحوثي المدعومة من إيران في البلاد.
ظاهرة متأصلة
يقول المواطن اليمني ماجد الفولي، أحد أبناء مديرية المقاطرة، شمالي غربي محافظة لحج، إنه ينفذ مبادرات سقيا الماء منذ مطلع تسعينيات القرن الماضي كجزء من عادات نشر الخير.
ويضيف الفولي لـ"العين الإخبارية" أنه "درج على جعل خزاني مياه، على قارعة الطريق، سعة كل واحدة منها 20 لترا وذلك منذ ما يزيد على ثلاثة عقود لتكون متاحة أمام الطلاب والمارة والمسافرين للحصول على الماء البارد".
وأشار إلى أنه "يتعاهد الخزانين متى ما أوشك الماء على النفاد، ويهرع هو وأولاده على جلب المزيد وتعبئة الصفيحتين؛ حتى لا ينقطع وليشرب منها طلاب المدارس والمارة والمسافرين؛ طلبًا للأجر وتخفيف وطأة الحر".
بادرة طيبة
أما الوجاهة الاجتماعية والشيخ القبلي في منطقة المقاطرة، عبدالرحمن الهندي، فيرى أن "سقيا الماء ظاهرة إيجابية انتشرت منذ القدم، وكانت تتركز في الأرياف والمناطق النائية وعلى مفترقات الطرق ومنعطفات الأودية الطويلة".
وأشار الهندي في حديثه مع "العين الإخبارية" إلى أن التغيرات المناخية، وتبعاتها من شح المياه ونضوب الآبار؛ دفعت الشباب الخيّر في المنطقة، وفاعلية الخير إلى الإكثار من خزانات المياه لسقيا الماء أحياء لتقاليد الأجداد.
ولفت إلى تكاثر هذه الخزانات حاليا في مناطق وادي معبق بمديرية المقاطرة، ووادي شعب بمديرية طور الباحة بمحافظة لحج (جنوب اليمن)، وعلى طريق وادي معادن، بين محافظتي لحج وتعز.
وأوضح الهندي لـ"العين الإخبارية" أن هذه الخزانات وأوعية الماء البارد "باتت جزءا من المنطقة، حيث يتزود منها المسافرون بالمياه دون مشقة، ويأخذ منها الأطفال حاجتهم وهم ذاهبون إلى المدارس".
كما أن "الأهالي يأخذون منها إلى منازلهم، ويسقون منها مواشيهم، في ظل حالة من الجفاف وشح الأمطار نتيجة التأثيرات المناخية"، وفقًا للهندي.
دعوات لدعم المبادرة
وحث سكان مناطق ريفية بين لحج وتعز إلى تشجيع الشباب لتوالي نقل هذه المبادرات لمختلف المدن اليمنية ونشر "خزانات وأواني الماء كمبادرة مجتمعية ينبغي دعم منظميها ومساندة جهودهم".
وأضافوا أن قيمة هذه المبادرات تنبع من ارتفاع درجات حرارة الصيف، وغلاء المياه المعدنية، وارتفاع أسعار الثلج، وهو ما لا يقدر عليه المواطنون خصوصا الطلاب الذين يذهب الكثير منهم للمدارس وهم لا يجدون مصروفهم اليومي" وهو أمر يوجهه المسافرين والكثير من المارة أيضا.
المبادرات المجتمعية الخاصة بنشر خزانات المياه في أرياف اليمن خاصة امتداد الطريق الرئيسي بين مديريتي طور الباحة لحج، وحيفان بتعز تزايدت منذ حرب الحوثي أواخر 2014 إثر تحول المنطقة للممر حيوي للمسافرين بين جنوب وشمال اليمن وتشييد المواطنين طرقا بديلة لكسر قطع الحوثي للطرقات الرئيسية.
aXA6IDE4LjIxNy4xMTguNyA= جزيرة ام اند امز