فيديوهات وهمية واستهداف سفارات.. أدوات الإخوان الهشّة ضد مصر

بينما تعيش غزة أزمة إنسانية حقيقية، يواصل جماعة الإخوان استغلال المأساة لأغراضها السياسية عبر أدوات تضليلية كتزييف فيديوهات واستهداف سفارات.
في البداية، أطلقت الجماعة الإرهابية عبر ذراعها الجديدة المسماة "مشروع ميدان" حملة شملت تحركات احتجاجية أمام السفارات والقنصليات المصرية في نحو 20 دولة.
ورغم الشعارات المعلنة بدعم غزة والمطالبة برفع الحصار عنها، تجنب الإخوان الدعوة لأي تحركات أمام السفارات أو المؤسسات الإسرائيلية، واقتصرت تحركاتهم المشبوهة على استهداف البعثات المصرية، في خطوة يرى فيها مراقبون انعكاسا لأغراض سياسية لا تتصل جوهريا بمصلحة قطاع غزة.
وفي خطوة تكشف عن أهدافهم، دعا كيان يُعرف باسم "اتحاد أئمة المساجد في الداخل الفلسطيني" -ويضم شخصيات قريبة من الإخوان- إلى مظاهرات أمام السفارة المصرية في تل أبيب للمطالبة بفتح معبر رفح، دون توجيه دعوات مماثلة للاحتجاج أمام مؤسسات إسرائيلية للمطالبة بوقف الحرب أو تسهيل دخول المساعدات.
وترافقت التحركات الخارجية لعناصر محسوبة على جماعة الإخوان مع محاولات داخلية لإثارة حالة من الفوضى وعدم الاستقرار، شملت كتابة شعارات على بعض الجدران في محافظات مصرية متفرقة، ونشر فيديوهات على المنصات الرقمية تدعو إلى انقسام داخل مؤسسات الدولة، بما في ذلك الأجهزة الأمنية والمؤسسات الدينية.
دعوات إخوانية مشبوهة
ويرى محللون سياسيون أن الدعوات لاستهداف المؤسسات المصرية والسفارات تندرج ضمن محاولات تهدف إلى الضغط على الحكومة المصرية وليست موجهة بالضرورة لدعم غزة.
ويشير هؤلاء إلى أن مصر لم تتوقف عن تقديم الدعم للقطاع الفلسطيني، بما في ذلك إدخال مساعدات إنسانية واستقبال جرحى.
وهو ما تطرق له محمد عبدالحليم، مدير مركز «إيجيبشن إنتربرايز للسياسات والدراسات الاستراتيجية»، بقوله "إنه لا يمكن المزايدة على الموقف المصري الداعم للقضية الفلسطينية ولوقف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة".
وأضاف في حديث مع "العين الإخبارية"، أن الموقف المصري "ينبع من التزام ذاتي للقاهرة يعي أبعاد القضية ويدعم حقوق الشعب الفلسطيني في أرضه".
واعتبر عبدالحليم أن الدعوات الأخيرة لاستهداف السفارات أو المنشآت الحكومية المصرية "مشبوهة لا تخدم القضية الفلسطينية وإنما تخدم مصالح أطراف راغبة في الضغط على القاهرة"، مشيرا إلى أن "هذه الضغوط لم تتوقف منذ بدء الحرب الحالية على قطاع غزة، وجرت مساومة مصر خلالها على القبول بتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، وهو ما ترفضه القاهرة".
وشدد الباحث الاستراتيجي على أن "جماعة الإخوان وغيرها من جماعات الإسلام السياسي تستخدم قضية فلسطين كورقة رابحة للحشد الجماهيري وخدمة أغراضها وأهدافها، وهو ما يبدو من التركيز الكبير على القضية في الوقت الحالي والدعوة لاستهداف المؤسسات الرسمية المصرية".
كما أنه لفت إلى أن "تحركات الإخوان تتزامن مع جهود كبيرة تبذلها مصر والدول العربية والمجتمع الدولي ككل، من أجل وقف الحرب والإبادة ضد الفلسطينيين، وهذا يثبت أن الدعوات الإخوانية سواء رعتها الجماعة أو أذرعها الأخرى كـ"ميدان" هي دعوات مشبوهة لا تراعي مصالح الشعب الفلسطيني ولا تخدم سوى مصالحهم".
التضليل الرقمي
اعتمدت الجماعة الإرهابية في تحركاتها على تقنيات الذكاء الاصطناعي لإنتاج فيديوهات مزيفة تدّعي وجود حالة غضب وانشقاق بين ضباط الجيش المصري.
من بين هذه المواد، مقطع فيديو نُشر على قناة عبر تطبيق "تليغرام"، يظهر فيه أشخاص محسوبون على الجماعة داخل مبنى زُعم أنه مقر أمني بالقاهرة، وادعوا احتجاز ضباط للضغط من أجل فتح معبر رفح، وهو ما نفته وزارة الداخلية المصرية رسميا، وأكدت اتخاذ إجراءات قانونية ضد من يروجون هذه الشائعات التي تهدد الأمن القومي.
كذلك تم تداول فيديو آخر منتج بالذكاء الاصطناعي، يُظهر شخصا بزي عسكري يدّعي أنه ضابط بالجيش، تحدث فيه عن خلافات مزعومة داخل المؤسسة العسكرية بشأن الإطاحة بجماعة الإخوان قبل أكثر من عقد.
ويكشف التدقيق في الفيديو أنه لا يتضمن أي معلومات صحيحة وأن الادعاءات الواردة فيه سبق أن روجتها المنصات الإعلامية الإخوانية طوال سنوات دون أن تلقى رواجا أو تفاعلا داخل البلاد.
وبالتوازي، أطلق مشروع "ميدان" حملة باسم "300" تهدف إلى تنظيم حراك داخل المؤسسات الرسمية وغير الرسمية.
وظهر القيادي الإخواني عمر طلعت -شقيق أحد أعضاء اللجنة الإعلامية للإخوان والمسجون مع المرشد العام محمد بديع وآخرين ضمن القضية المعروفة إعلاميا بـ"غرفة عمليات رابعة"، في فيديو يدعو إلى "إسقاط الحكومة".
وتشير معلومات إلى أن قيادات التنظيم في الخارج، سواء في جبهة لندن أو إسطنبول، بدأت تتقارب ضمن هذا المشروع الذي يُروج له كمبادرة موحدة بعد فشل محاولات سابقة لتوحيد صفوف الجماعة التي ضربتها الانقسامات.
وفي هذا الإطار، قال أحمد عبدالعزيز، مستشار الرئيس المعزول محمد مرسي، إن مشروع "ميدان" يسعى ليكون بديلا للحكومة، في إشارة إلى الطموحات التنظيمية التي تتجاوز مجرد التعبير السياسي.
ويؤكد محللون أن إعلان قيادات الإخوان في الخارج مثل أحمد عبدالعزيز وعمر طلعت، يشير إلى محاولات الجماعة اليائسة لاستعادة النفوذ عبر الفوضى.
أهداف الإخوان
وبحسب مصدر مطلع على شؤون الجماعة، فإن مشروع "ميدان" انبثق مما يُعرف بـ"جبهة المكتب العام/تيار التغيير".
وقال المصدر لـ"العين الإخبارية"، مفضلا عدم الكشف عن اسمه، إن "المشروع يهدف إلى تحريك كوادر التنظيم في الداخل والخارج، ضمن خطاب مزدوج يجمع بين الشعارات الاقتصادية والاجتماعية، والتضامن مع غزة، وذلك بعدما فشلت المبادرات المختلفة التي أطلقها قادة الإخوان من كل البلدان لتوحيد شمل الجماعة".
وأوضح أن الجماعة تحاول عبر هذا الخطاب إعادة التموقع، مستغلة حالة التعاطف مع الشعب الفلسطيني، ظنا منها أن ذلك قد يوفر لها موطئ قدم جديدا بعد سنوات من التراجع التنظيمي.
وفي هذا الإطار تقوم الجماعة بتوظيف مشروع "ميدان" وحملة 300 واستخدام تكتيكات السفارات والدعاية، في محاولة منها لإرباك المشهد في مصر، بحسب ما ذكره المصدر.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuOTAg جزيرة ام اند امز