ميدفيديف "الهادئ" يعادي الغرب وأوكرانيا.. لماذا؟
في صيف عام 2010، بدأ الرئيس الروسي آنذاك دميتري ميدفيديف جولة بوادي السيليكون بحثا عن مستثمرين وأفكار حول كيفية تحديث اقتصاد بلاده المعتمد على الموارد.
وزار الرئيس الشاب، الذي عرف بحبه للتكنولوجيا، شركات "أبل" و"جوجل" و"تويتر"، فيما وصفه المؤسس المشارك لشبكة التواصل الاجتماعي بيز ستون بـ"أحد أكثر الأيام الخاصة في تاريخ تويتر"، بحسب مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية.
ومن هناك كتب ميدفيديف أول تغريدة له بالروسية، قال فيها: "مرحبا بالجميع، أنا الآن موجود على تويتر وهذه أول رسالة لي".
في تلك الآونة، كان ميدفيديف يميل إلى استخدام تويتر ومنصات أخرى للتواصل الاجتماعي لنشر منشورات مستفزة عن المسؤولين الأمريكيين والأوروبيين بالإضافة إلى توجيه تهديدات مستترة عن مهاجمة الولايات المتحدة ومحو أوكرانيا من على الخريطة.
وخلال منشور عبر "تليجرام"، الإثنين، قال إن الولايات المتحدة يجب أن تتوسل روسيا لبدء مفاوضات الحد من التسلح.
وبالرغم من تغريده بكلمات تميل إلى القتال بعدد من اللغات، يقول المحللون إن جمهور ميدفيديف محلي على الأرجح، حيث يتطلع لحماية نفسه ودعم مستقبله السياسي في وقت بدأ فيه ظهور الاضطرابات الداخلية وتتزايد التكهنات بشأن صحة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وقال مارك جالوتي، زميل أقدم بالمعهد الملكي للخدمات المتحدة: "هناك كثير من القلق بين النخبة، حتى أولئك ممن يعتبرون تحت (حماية) بوتين. وبالنسبة للبعض، هذا يعني التواري عن الأنظار. وبالنسبة للبعض، التظاهر بأنه صقر (متشدد). لكن ينبع كل ذلك من الشعور العام بأن الشتاء قادم ولا أحد يعرف كيف ستكون الأوضاع".
وفي أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، قبل فترة قصيرة على بدء روسيا تعزيز وجود قواتها على الحدود مع أوكرانيا، نشر ميدفيديف مقالًا في صحيفة "كوميرسانت" الروسي، تضمن الكثير من العبارات عن نظريات المؤامرة وازدراء قادة أوكرانيا.
وفي فقرة يغلب عليها الطابع المعادي للسامية، اتهم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، اليهودي، بأنه ممتن للنازيين.
وأشارت "فورين بوليسي" إلى أن "تهديدات النار والكبريت" أصبحت هي القاعدة من كبار المسؤولين الروس والمذيعين على شاشة التليفزيون الحكومي الروسي.
وطبقًا لـ"فورين بوليسي"، يعكس انزلاق الرئيس السابق في غضب بالكاد يمكن فهمه ضد الآلة الغربية التحول الروسي الأوسع نطاقا من جار مزعج إلى تهديد وجودي على أوروبا، وربما أسوأ.
وقالت المحللة السياسية الروسية، تاتيانا ستانوفايا: "إنها واحدة من أكبر مكائد السياسة المحلية الداخلية".
وبإدراكه للصقور المتشددين المحيطين، يرجح أن تكون نوبات غضب ميدفيديف محاولة لكسب ود المناخ السياسي الجديد في روسيا، الذي أصبح أكثر قومية بشكل واضح وغير متسامح مع المعارضة منذ الحرب على أوكرانيا في فبراير/شباط.
وأضافت ستانوفايا: "روسيا تغيرت. ويتعين على ميدفيديف أن يظهر أنه ينتمي إلى روسيا هذه".
ولفتت المجلة الأمريكية إلى أن ميدفيديف أصبح معزولًا بشكل متزايد خلال السنوات الأخيرة مع اعتقال حلفائه أو نفيهم، مما جعله يعتمد على فضائل بوتين.
وقالت ستانوفايا: "ميدفيديف هو أحد أكثر الشخصيات المعرضة للخطر في النخبة السياسية الروسية".
وخلال منشور عبر "تليجرام" هذا الشهر، سعى ميدفيديف لتناول بعضا من التكهنات بشأن مغالاته في الوطنية الجديدة.
"كثيرًا ما يسألني الناس لماذا منشوراتي على تليجرام لاذعة للغاية. والإجابة هي أنني أكرههم. إنهم أوغاد وحثالة"، بحسب ما كتبه على تليجرام عن أوكرانيا على الأغلب، مضيفا: "ما دمت على قيد الحياة، سأبذل قصارى جهدي لجعلهم يختفون".
وعندما تم تنصيب ميدفيديف رئيسا عام 2008، بعد ولاية بوتين لفترتين، أعاد إحياء الآمال في روسيا والغرب حول أن الإصلاحات لا تزال ممكنة. وكانت شخصية ميدفيديف مختلفة بشكل ملحوظ عن أسلافه، حيث لم يتأثر بالنظام السياسي السوفيتي، بالنظر إلى أنه تخرج من كلية القانون قبل سنوات قليلة على انهيار جدار برلين.
لكن أثارت تلك الخصال التي كان مدعاة التفاؤل بين المسؤولين الغربيين السخرية والشك من الدوائر السياسية المحافظة في روسيا.
وبالرغم من النبرة التي تحدث بها ميدفيديف، أصبح واضحا بشكل تدريجي أنه لم يكن أكثر من بديل مؤقت لبوتين، الذي كان يتشدق بالكلام حول حدود فترة الولاية التي يفرضها الدستور. وبعد فشله في الترشح لفترة ولاية ثانية عام 2011، سرعان ما تنحى ميدفيديف جانبا ليسمح لبوتين بالعودة إلى الرئاسة، وإهانة نفسه في تلك الأثناء.
aXA6IDMuMTQ0LjQwLjIxNiA= جزيرة ام اند امز