صيام الرؤية.. قبائل سودانية تصوم وتفطر بمفردها في رمضان
تحري رؤية هلال شهر رمضان، ثم هلال شوال، حدث تتوقف عنده الأمة الإسلامية بمختلف مشاربها، لإثبات موعدي الصوم والفطر.
لكن هذا المشهد الكبير الذي تستعد له الدول بالأجهزة الحديثة والمجالس الفقهية، لا يثير اهتمام بعض القبائل السودانية، التي لا تصوم ولا تفطر إلا بعد أن ترى هلال الشهر المعظم بـ"العين المجردة"، حيث لا تكترث مطلقاً لنتائج الرؤية التي تصدر عن الأجهزة المختصة.
تلك العادة المثيرة للاستغراب درجت عليها قبيلة "السلامات" ذات الجذور الأفريقية والمنتشرة في إقليمي كردفان ودارفور غربي السودان.
ودرجت القبيلة على "صيام الرؤية" كما تسميه بعض العرقيات داخل قبيلتي الفلاتة والهوسا ذات الاصول الأفريقية، والتي تتمركز في كردفان ودارفور وسنار والنيل الأزرق جنوبي البلاد.
ومعروف عن هذه القبائل الاهتمام بحفظ القرآن الكريم والعلوم الدينية، ويشهد لها المجتمع السوداني بالاستقامة والتدين، مع التشدد في أداء بعض العبادات خاصة فريضة الصوم، حيث يعتقدون أن تفسير الآية الكريمة "من شهد منكم الشهر فليصمه"، يعني رؤية هلال رمضان بالعين المجردة دون تدخل بأي وسائل مساعدة.
ويقول محمد عيسى وهو شاب في العقد الثالث من قبيلة السلامات، لـ"العين الإخبارية" إننا "جيل جديد لا نعرف متى بدأ أهلنا التمسك بصيام الرؤية، فقد وجدناهم على هذه العادة وسرنا معهم، ولا سبيل أمامنا نحن كأجيال جديدة غير اتباع تقاليد أجدادنا".
وأضاف "هناك جدل فقهي وديني كبير في هذه القضية، وأهلنا على سبيل المثال يعتقدون أن الأصل في الرؤية ما يكون بالعين المجردة وهو المعمول به منذ زمن الصحابة، كون الأجهزة الحديثة مثل التلسكوب لم تكن موجودة في ذلك الحين".
وتابع "لا أستطيع القول إننا على خطأ أم صواب، لكن عندما نشاهد الهلال بأعيننا ثم نصوم وكذلك عند عيد الفطر، كي نكون أكثر اطمئنانا لصحة ما قمنا به من عبادة؛ فكثيرا ما وقعت الدول في أخطاء عند الصوم والفطر، ونسأل الله القبول من جميع المسلمين".
وتترك عادة صيام الرؤية، أثرا نفسيا سلبيا لدى المجموعات القبلية الأخرى التي تعيش مع السلامات وبعض بطون الفلاتا والهوسا، حيث تحرمهم من الفرحة المشتركة بحلول شهر رمضان وعيد الفطر.
وتقول سامية عبدالله لـ"العين الإخبارية" "نفتقد أهلنا الفلاتا والسلامات كثيراً في فرحتي قدوم رمضان وعيد الفطر في كل عام، فهم لا يصومون ولا يفطرون إلا بعد أن يروا الهلال بأعينهم".
وأضافت "هم أصدقاء وأحباء كنا نحب أن نتشارك الفرحة معهم خاصة عيد الفطر الذي به كثير من الخيرات ولبس الثياب الجديدة والصلاة التي كنا نأمل أن نعيشها معهم سويا، لكن عادتهم ظلت وستظل محل احترامنا".
وتابعت "بالطبع لدينا عيدا فطر في السنة، فبعد أن نقضي عيدنا مع عامة المسلمين في ربوع الأرض، يكون عيد الفطر الخاص بأهلنا السلامات والفلاتا في انتظارنا، فلزاما علينا أن نحتفل معهم".
وإلى جانب تميزها بعادة صيام الرؤية، فإن قبائل الفلاتة والهوسا والسلامات لديها طابع خاص وكثير من إثنياتها شبه مغلقة، حيث لديهم لغات ولهجات خاصة، وعادات زواج مختلفة بعض الشيء عن المجموعات السكانية الأخرى في البلاد.
وتعمل هذه المجموعات القبلية في الزراعة والرعي، وعرف عنها أنها مسالمة وتتعايش مع القبائل الأخرى، كما تتميز بالعلاج بالقرآن وإبطال الأسحار والدجل والشعوذة؛ فهم حفظة لكتاب الله ومشهود لهم بصلاح الأعمال.
aXA6IDMuMTQ5LjIzMS4xMjIg جزيرة ام اند امز