صحراء تحكي قصتنا الأولى.. اعتماد «الفاية» في الخارطة كموقع تراثي ثقافي

أصدر الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، قراراً إدارياً بشأن موقع الفاية.
وأصدر الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، قراراً إدارياً بشأن اعتماد حدود موقع الفاية المرشح على لائحة التراث العالمي لليونيسكو.
وبحسب القرار الإداري يعتمد موقع الفاية وحدودها ومساحتها المبينة في الخارطة المعتمدة كموقع تراثي ثقافي.
فليست كل الصحارى صامتة، فبعضها يروي ما لم تكتبه الكتب. هناك، عند أطراف صحراءٍ هادئة في الإمارات، يقف موقع "الفاية" كأرشيف حجري حيّ، يشهد بأن الإنسان لم يكن يوماً ضيفاً عابراً على القَحْل، بل كان صانع حكاياتٍ ومهندس بقاء.
«الفاية» ليس مجرد اسم في خارطةٍ أثرية، بل فضاءٌ مفتوحٌ للحوار العلمي حول أصل الإنسان وتطوره. إنه موضعٌ نادر، لعب دوراً محورياً في إعادة تشكيل الفهم العلمي لمراحل نشوء المجتمعات البشرية في البيئات الصحراوية، بعيداً عن الصور النمطية التي اختزلت الإنسان الأول في الكهف والغابة والماء.
هنا، وسط الرمال، قدّم الموقع دليلاً أثرياً فريداً، يُعد من أندر المشاهد الصحراوية الموثقة من العصر الحجري على مستوى العالم، ليُضيء على قدرة الإنسان المبكر على التكيّف مع القحط والفراغ والحرارة. لم يكن التكيّف انحناءً أمام الطبيعة، بل كان مشروعاً في الصمود والتطور، سجلته الأدوات، والعظام، ومراسم الدفن.
يمتد السجل الأثري في "الفاية" لعشرات آلاف السنين، ليحكي عن مجتمعات عرفت الصيد وجمع الثمار، ثم انتقلت إلى الرعي والتنقل، وشيّدت حياةً لا تُقاس بحجم الأبنية، بل بعمق الشعور بالانتماء وبالقدرة على ابتكار الحلول في حضن القسوة الطبيعية.
الموقع يكشف عن مراسم جنائزية تُشير إلى إحساس الإنسان المبكر بالموت والحياة، وبما يتجاوز الحاجة المباشرة إلى ما يربطه بالمعنى والروح، إضافة إلى ممارسات تقنية تعكس تقدماً في المعرفة والمهارة، تجعل من تلك العصور القديمة نبعاً لا ينضب للأسئلة الحديثة.
هكذا، يتحوّل "الفاية" إلى أكثر من بقايا حجرية. إنه شهادة حيّة على أن الحضارة بدأت ، بل من أثر عَظْمة، ومنقوشة في رمح، ومن قبرٍ بُنِيَ بحنينٍ إلى الغائب.
وحدها الرمال تعرف أن الإنسان كان هنا، وكان يفكّر.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMjM5IA== جزيرة ام اند امز