خبراء ليبيون عن مبادرة السراج: هزيلة وتخدم المليشيات
المستشار الإعلامي لرئيس مجلس النواب الليبي قال إن المبادرة تجاهلت الأطراف الوطنيين من الجيش الوطني ومجلس النواب وقادة القبائل.
انتقد خبراء في الشأن الليبي ومسؤولون المبادرة التي طرحها رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق فايز السراج، واصفين إياها بـ"الهزيلة وتخدم تنظيم الإخوان والمليشيات الإرهابية".
مبادرة السراج التي طرحها، الأحد، تقوم على عقد ملتقى ليبي بالتنسيق مع البعثة الأممية، يتم خلاله الاتفاق على خارطة طريق للمرحلة المقبلة والقاعدة الدستورية المناسبة، لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية متزامنة قبل نهاية 2019.
- رئيس الحكومة الليبية المؤقتة: لا سلطة للسراج على الأرض
- مسؤولون ليبيون يفضحون تورط السراج في تهريب السلاح
واعتبر مراقبون أن وضع القاعدة الدستورية لأي انتخابات مقبلة في ليبيا هي من اختصاص مجلس النواب، لكونه المجلس التشريعي في البلاد، مضيفين أن "مبادرة السراج تصنع كيانا موازيا للبرلمان".
وقال المستشار الإعلامي لرئيس مجلس النواب الليبي فتحي المريمي في تصريحات لـ "العين الإخبارية" إن السراج أظهر انحيازا واضحا للطرف الذي يقف في صفه من المليشيات والجماعات الإرهابية، واصفاً إياها بـ"الهزيلة".
وتابع فتحي المريمي: "لا نقبل بهذه المبادرة، خاصة وأنها لم تدعُ الأطراف الوطنيين من الجيش الوطني ومجلس النواب وقادة القبائل".
وأوضح أن مبادرة السراج "استفزت" الجيش الوطني ومجلس النواب، مضيفا: "لا نقبل بهذه المبادرة.. السراج غير حيادي ولم يدع الأطراف الحقيقية وإنما دعا المليشيات والإرهابيين".
وأكد أن المبادرة تخدم بالأساس تنظيم الإخوان، قائلا: "هم جماعته ومتحالفين معه.. الجيش سيحارب هؤلاء المليشيات حتي اجتثاثهم من المشهد".
ثلاثة مؤشرات
وقال الباحث الليبي جمال شلوف، رئيس منظمة سلفيوم للدراسات والأبحاث في ليبيا، إن مبادرة السراج "لا تعدو كونها وهما آخر يراد منه إقناع المجتمع الدولي بأنه سياسي ( السراج) مسيطر ونافذ القرار، في حين أنه مجرد واجهة للميلشيات الإجرامية والإرهابية".
وتابع شلوف، في تصريحات خاصة لـ"العين الإخبارية" أن القراءة الموضوعية للمبادرة ترشدنا إلي 3 مؤشرات مهمة، أولها: الحديث عن ملتقى ليبي بصلاحيات (تأسيسية وتشريعية) تكون مخرجاته الدستورية والتشريعية نافذة، متسائلا: "من أين سيأتي بقانونية وجودها وكيف سيحصنها من الطعن القضائي الذي سينسفها من أساسها؟".
وتابع أن ثاني هذه المؤشرات هو حديث البند الساس للمبادرة عن لا مركزية إدارية وتوزيع عادل للموارد والتنمية (للمناطق التي قبلت بالأجسام السياسية الجديدة الخاضعة للسراج) بما يعني أنه ابتزاز سياسي وحرمان أي معارض من حقه في ثروة الوطن.
ولفت إلي أن تلك هي سياسة السراج التي اتبعها مع المناطق والبلديات الليبية طوال ثلاثة الأعوام الماضية، والتي اقتصر فيها إعطاء الميزانيات لمن يعترف بحكومته ويقبل بالابتزاز السياسي ثم المالي الذي يقتطع به موظفو الوزارات من الميزانيات كرشاوى.
وحول ثالث تلك المؤشرات وأهمهما، أوضح الباحث الليبي أن "شهادة ميلاد حكومة الوفاق والسراج نفسه هو الاتفاق السياسي بخروج المليشيات من طرابلس والمدن الليبية وجمع السلاح منها واستبدالها بقوات نظامية من الجيش والشرطة بخطة تشرف عليها الأمم المتحدة خلال 60 أي قبل منتصف فبراير/ شباط 2016.
وأردف شلوف أن مبادرة السراج تجاهلت تلك الترتيبات الأمنية في "شهادة ميلاده"، متسائلا: "فهل يمكننا أن نثق في ترتيبات أخرى يتحدث عنها في مرحلة قادمة؟".
ولفت إلى أن عدم تطرق السراج للمليشيات كعقبة رئيسية في طريق الحل السياسي الليبي يجعل مبادرته والعدم سواء ويثبت أن المبادرة فرغت من محتواها نتيجة تدخل قادة المليشيات الذين اجتمع بهم بالأمس قبل ساعات من نشره للمبادرة بما يوضح أنه "معدوم اﻹرادة".
٧ قرارات مصيرية
السياسي والدبلوماسي الليبي حسن الصغير، وصف في حديث لـ"العين الإخبارية" مبادرة السراج بـ" المراوغة" غاب عنها ٧ قرارات مصيرية.
وأول تلك القرارات -بحسب الصغير- "تنحي السراج نفسه وحكومته"، معللا أنهما السبب الحقيقي في الأزمة الليبية، داعيا لتسليم السلطة لرؤساء المحاكم الابتدائية بالمناطق، الذين ينتخبون بدورهم من بينهم من يتولى شؤون البلاد وتسمية حكومة، على أن يلتزم البرلمان بإنهاء الحكومة الموقتة التابعة له.
وأوضح "الصغير" أن هناك سببين لاختيار رؤساء المحاكم الابتدائية، أولا: بهما تمثيل جغرافي عادل، وثانيا: كونهم أكثر مصداقية وحيادية، من مجلس القضاء بطرابلس والذي يشكل محل خلاف منذ 2014.
وأشار الصغير، الذي شغل منصب وكيل وزارة الخارجية الليبية سابقا، إلي أن القرار الثاني هو النص على بقاء كل القوات المسلحة خارج محيط طرابلس، وتضمين اتفاق القاهرة فيما يتعلق بتنظيم الجيش.
وثالث تلك القرارات ضرورة وجود فقرة خاصة بالمليشيات، حيث تعنى بحلها وإنهاء تسليحها وتسليم كافة هذه الأسلحة للهيئة العسكرية المنبثقة من اتفاق القاهرة.
ووفق "الصغير"، فإن رابع تلك القرارات هو وجوب النص على أن قانون الانتخاب الرئاسي والبرلماني هو وفق لجنة فبراير بصيغته الأصلية، قبل حذف الموتمر الوطني لنص انتخاب الرئيس من الشعب، والنص صراحة على تعيين هيئة دستورية لاحقاً بمرسوم رئاسي بناء على عرض من البرلمان الجديد المنتخب.
والقرار الخامس الذي افتقدته المبادرة هو النص صراحة على توزيع ريع العائدات النفطية على البلديات بالتساوي إلى حين إجراء الانتخابات.
وفيما يتعلق بالقرار السادس فهو ضرورة النص صراحة على أحقية كل الليبيين دون استثناء بحق الترشح للانتخابات، أما السابع فيتلخص في إبعاد البعثة الأممية عن صياغة أو المشاركة في هذا الاتفاق بأي صورة.
"المبادرة" تكريس للإخوان
من ناحية أخري، شدد الدكتور جبريل العبيدي علي أن مبادرة السراج تعد تكريسا للإخوان في ليبيا، واصفاً إياها بـ"قبلة الانعاش والحياة يقدمها السراج لتنظيم الإخوان الذي بات سقوطه وشيكا في ليبيا".
وشدد العبيدي علي أنه لا حوار ولا مبادرات قبل دخول الجيش العاصمة واستكمال تطهيرها من المليشيات، مضيفا أن "السراج أصبح جزءا من الماضي المؤلم في ليبيا".