المؤشرات الإيجابية للتجربة الانتخابية الرابعة لم تقتصر على استمرار زيادة الهيئات الانتخابية بل ضمت قضايا المرأة والشباب
لانتخابات المجلس الوطني الاتحادي -التي بدأ التصويت المبكر فيها في الأول من أكتوبر الجاري- دلالات سياسية بالغة الأهمية، أولها استمرار الإنجازات السياسية المتدرجة في إطار برنامج التمكين السياسي، وهذه الاستمرارية بحد ذاتها أحد أبرز إنجازاتنا الوطنية، لما تنطوي عليه من تأكيد على جدارة نهج التدرج وفاعليته في تحقيق أهداف برنامج التمكين السياسي الذي أطلقه صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة -حفظه الله- عام 2005، ولما تعكسه من حرص قيادتنا الرشيدة على مواصلة مسيرة التمكين، فضلاً عما تؤكده مخرجات هذه المسيرة ذاتها من صواب الاستراتيجية الإماراتية في التنمية السياسية، والتي تمضي جنباً إلى جنب مع التنمية المستدامة في بقية المجالات والقطاعات؛ حيث يؤكد نهج التدرج أنه أكثر فاعلية واقتراباً وتماهياً مع خصوصية المجتمع الإماراتي، بما يتسم به هذا النهج من سمات وخصائص تعزز أجواء الأمن والاستقرار، وتسهم في تعميق الوعي الجمعي، وتعزيز الثقافة السياسية التي تعد أحد أهم لوازم ومتطلبات التطور السياسي.
انتخابات المجلس الوطني الاتحادي هي خطوة نوعية جديدة تضاف إلى منجزاتنا في مسيرة التمكين السياسي، التي اكتسبت قدراً كبيراً من النضج والتطور في إطار نهج التدرج، وباتت مخرجاتها ومنجزاتها انعكاساً لطموحات القيادة الرشيدة وتطلعات شعب الإمارات
ثاني هذه الدلالات المرتبطة بالتجربة الانتخابية الرابعة للمجلس الوطني الاتحادي أن القيادة الرشيدة تحرص تماماً على تمكين المجلس وتحقيق أهداف برنامجها لتفعيل أدائه، كي يكون سلطة مساندة ومرشدة وداعمة للسلطة التنفيذية كما جاء في برنامج التمكين، والمسألة هنا لا تتعلق فقط باستمرار العملية الانتخابية وفق برامجها الزمنية الدورية بل في تطويرها والتوسع فيها بما يعزز المشاركة السياسية للمواطنين بشكل عام، لذا نلحظ في التجربة الانتخابية الرابعة أن هناك تطوراً تاريخياً نوعياً يتمثل في بدء تنفيذ قرار صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، برفع نسبة تمثيل المرأة في المجلس الوطني الاتحادي إلى 50% من الأعضاء، وهذا يعني وضع الإمارات في المراتب الأولى عالمياً من حيث معدلات تمثيل المرأة في البرلمانات، بما سينعكس بالتبعية على مؤشرات التوازن بين الجنسين في الدولة وتحسن تنافسية الإمارات عالمياً في هذه المؤشرات.
كل هذه الآليات الخاصة ببرنامج التمكين السياسي تهدف إلى أن يكون لدينا في الإمارات مجلساً "أكبر قدرة وفاعلية والتصاقاً بقضايا الوطن وهموم المواطنين، وأن تترسخ من خلاله قيم المشاركة ونهج الشورى من خلال مسار متدرج منتظم"، كما قال صاحب السمو رئيس الدولة حفظه الله.
ثمة تطور آخر يتعلق بانتخابات عام 2019، يتمثل في استمرار آلية التدرج في اختيار أعضاء الهيئات الانتخابية؛ حيث يلاحظ أن الانتخابات الأولى عام 2006 تم انتخاب نصف أعضاء المجلس من خلال هيئة انتخابية تشكلت بواقع مائة ضعف عدد المقاعد المخصصة لكل إمارة في المجلس، ثم تم توسيع قاعدة المشاركة السياسية، لتشمل الهيئة الانتخابية ثلاثمائة ضعف عدد ممثلي كل إمارة في المجلس، ثم شهدت انتخابات عام 2015 زيادة قدرها 66% في عدد أعضاء الهيئات الانتخابية، ثم استمر نهج التوسع في المشاركة السياسية لتزيد الهيئة الانتخابية في عام 2019 بنسبة نحو 51% مقارنة مع قوائم الهيئات الانتخابية لعام 2015، والتي بلغت 224281 مواطناً ومواطنة.
المؤشرات الإيجابية التي تنطوي عليها التجربة الانتخابية الرابعة هذا العام لم تقتصر على استمرار زيادة الهيئات الانتخابية، بل باتت المرأة تحظى فيها بنسبة 50.62%، كما كان الشباب موجودا في قوائم هذا العام بنسبة 61.32% من إجمالي قوائم الهيئات الانتخابية.
ثالث الدلالات السياسية لانتخابات هذا العام أنها تتزامن مع إنجاز تنموي يمثل اختراقاً غير مسبوق في مسيرة تطورنا العلمي والحضاري، والذي يتمثل في نجاح رحلة هزاع المنصوري أول رائد فضاء عربي وخليجي ومسلم إلى محطة الفضاء الدولية منذ أيام قلائل؛ حيث يمثل هذا الإنجاز ترجمة لاستراتيجيات القيادة الرشيدة في بناء الإنسان، والرهان على قدرات المواطنين في الوصول إلى الرقم (1) عالمياً، والرابط هنا بين الإنجازين أن النجاحات جميعها سواء في مجالات التنمية السياسية أو التقدم العلمي لا تنفك عنها بعضها ببعض، فجميعها حصاد لتخطيط استراتيجي دقيق يستهدف تمكين الدولة في مختلف مجالات التنمية من خلال تمكين الإنسان وبنائه وتعزيز قدراته التنافسية، سواء تحقق ذلك من خلال تمكين سياسي أو تمكين علمي أو اقتصادي أو غير ذلك.
انتخابات المجلس الوطني الاتحادي هي خطوة نوعية جديدة تضاف إلى منجزاتنا في مسيرة التمكين السياسي، التي اكتسبت قدراً كبيراً من النضج والتطور في إطار نهج التدرج، وباتت مخرجاتها ومنجزاتها انعكاساً لطموحات القيادة الرشيدة وتطلعات شعب الإمارات.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة