"فيلتمان".. هل تنجح أمريكا في إحياء مفاوضات سد النهضة؟
مسار تفاوضي جديد قد يفتحه تعيين جيفري فيلتمان مبعوثا أمريكيا خاصا للقرن الأفريقي، أمام مفاوضات سد النهضة الإثيوبي بعد تعثر دام لـ10 سنوات.
حراك وصفه خبراء لـ"العين الإخبارية" في أحاديث منفصلة مرهون بتدخل مباشر من الإدارة الأمريكية متمثلا في البيت الأبيض ووزارة الخارجية، إلى جانب الدور الذي سيلعبه المبعوث الجديد.
وانقسم الخبراء إلى فريقين أحدهما رأى أن تعيين مبعوث أمريكي خاص يحمل دلالة حول اهتمام الإدارة الأمريكية الجديدة بمفاوضات سد النهضة، كجزء من المخاطر التي تواجه القرن الأفريقي.
فيما رأى الفريق الثاني أنه لا يمكن التعويل على خطوة تعيين مبعوث جديد للقرن الأفريقي على المدى القصير قبل اتخاذ خطوات فاعلة في اتجاه حل الأزمة.
واتفق الفريقان حول ضرورة أن تلعب واشنطن مزيدا من الضغط والتأثير خلال الفترة المقبلة، للدفع بحلول تجسر الهوة بين دولتي المصب من جهة، وأديس أبابا من جهة أخرى، وتفضي إلى اتفاق نهائي في ملف السد.
وأعلنت الخارجية الأمريكية، أمس الجمعة، اختيار جيفري فيلتمان مبعوثا خاصا لمنطقة القرن الأفريقي.
وتمتد مسيرة فيلتمان لأكثر من ربع قرن، وتركزت بشكل كبير على الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث شغل منصب مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى في الفترة من عام 2009 حتى تقاعده من الوزارة بدرجة وزير محترف في مايو/أيار 2012.
وذكرت الخارجية الأمريكية، في بيان، أن "مبعوث القرن الأفريقي سيعمل على قضايا إقليم تجراي والخلاف بين السودان وإثيوبيا وملف سد النهضة".
ضغط وتأثير
السفير محمد حجازي، مساعد وزير الخارجية الأسبق للشؤون الأفريقية قال لـ"العين الإخبارية"، إن تعيين مبعوث أمريكي خاص في هذا التوقيت يعكس اهتمام الإدارة الأمريكية بالمخاطر المحدقة بهذا الإقليم الذي بدأ يشهد تطورات مؤثرة على الأمن والاستقرار الإقليمي على رأسها أحداث الداخل في منطقة تيجراي الإثيوبية والنزاع الحدودي مع السودان وأزمة سد النهضة".
وأضاف حجازي أن "كل هذه الأمور تستدعي تدخل الإدارة الأمريكية للضغط والتأثير على الأطراف ومحاولة طرح حلول وصيغ للتوافق ونقل صورة أكثر وضوحا للإدارة الأمريكية".
وأردف: "مما لا شك فيه أن وجود مبعوث أمريكي رفيع المستوي قد يسهم في تحريك ملف مفاوضات سد النهضة، ولكن لأن الأمر شديد الخطورة في ظل التهديدات الإثيوبية لدولتي المصب، فإن هذه الخطوة قد تكون مساعدة لكنها ليست كافية، حيث يحتاج الأمر إلى تدخل مباشر من الإدارة الأمريكية متمثلة في البيت الأبيض ووزارة الخارجية".
السفير صلاح حليمة، نائب رئيس المجلس المصري للشؤون الأفريقية قال إن "تعيين فيلتمان يرتبط بكافة أزمات القرن بما فيها ملف سد النهضة وإمكانية أن تضطلع الولايات المتحدة بدور وسيط وليس مجرد متابع أو مراقب خاصة أنه كان هناك توجه أن يتحول المراقبون الأمريكيون لدور الخبراء أو يلعبوا دور الوسيط أو الميسر لعملية المفاوضات".
ووصف الدبلوماسي المخضرم الخطوة بأنها "حراك إيجابي" لدور أمريكي أكثر فاعلية وإيجابية نحو التوصل لتسوية لأزمة سد النهضة، لافتا إلى أن "التحرك الأمريكي سيكون بالتعاون مع الاتحاد الأفريقي والأوروبي والأمم المتحدة، واتصالات مكثفة بالدول الثلاث خلال الفترة المقبلة".
ورهن "حليمة" "الدور الأمريكي باستخدام الإدارة الأمريكية الجديدة لتأثيرها ونفوذها، لدفع المفاوضات نحو التوصل لرؤية مشتركة للدول الثلاث، دون وقوع ضرر لأي طرف، أو اللجوء إلى تصرف أحادي ينتهك اتفاق "إعلان المبادئ" الذي أبرمته القاهرة والخرطوم وأديس أبابا عام 2015".
ويواجه المبعوث الأمريكي الجديد تحديات جمة في ملف مفاوضات سد النهضة أبرزها رفض إثيوبيا مقترح الخرطوم الذي أيدته القاهرة بتشكيل وساطة رباعية دولية تضم الأمم المتحدة والولايات المتحدة والاتحادين الأوروبي والأفريقي لحل الخلاف مع إثيوبيا حول ملء وتشغيل سد النهضة الإثيوبي.
ترقب حذر
وفي مقابل حجازي وحليمة، قلل محمد نصر علام وزير الري المصري الأسبق من تأثير تعيين الولايات المتحدة مبعوثا جديدا لمنطقة القرن الأفريقي في التوصل السريع لحل أزمة سد النهضة، وقال: "أرسلت الولايات المتحدة من قبل مبعوثا للسودان ولم يفعل شيئا، لكننا سننتظر لنرى ما سيحدث".
وفي حديثه لـ"العين الإخبارية"، رأى "علام" أن "الموقف والدور الأمريكي في حل أزمة سد النهضة أقل من المتوقع والمتصور".
وأشار إلى أن "واشنطن مراقب في مفاوضات سد النهضة، وتعلم جيدا جميع العقبات وسبل تفاديها"، داعيا "الإدارة الأمريكية الجديدة إلى التحرك بالسرعة والأهمية المطلوبة خاصة أن موقف إدارة بايدن لم يتضح بعد بشكل كامل بشأن أزمة السد".
بنفس الاتجاه، قال خبير المياه الدولي عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا والمواد المائية بجامعة القاهرة (حكومية) إن "تعيين مبعوث جديد لمنطقة القرن الأفريقي، لا يحمل التفاؤل بإمكانية نجاح مهمته في حل أزمة سد النهضة، لسببين أحدهما كثرة أزمات المنطقة والآخر أن هذا التدخل ليس هو المنشود من الولايات المتحدة التي سبق أن تدخلت برعاية المفاوضات في واشنطن عام 2019 ومع ذلك لم تنته الأزمة".
الخبير المصري الذي رأى أن الاهتمام الأمريكي بملف سد النهضة أقل من المطلوب، شدد على أن الأمر يحتاج إلى "تدخلات أمريكية أكبر، وليس تعيين مبعوث خاص فحسب"، واصفا تلك الخطوة بأنها "دبلوماسية بالكامل حيث إن المنصب غير مستحدث".
وتابع: "لو كانت الإدارة الأمريكية الجديدة عينت مبعوثا خاصا بسد النهضة لكان الأمر مختلفا حينها".
وحدد الخبير المصري التدخل المطلوب من واشنطن بقوله: "يمكن أن تُدار الوساطة الأمريكية بين الدول الثلاث من قبل مسؤول أمريكي كبير كوزير الخارجية الأمريكي، وهو ما يناسب الحدث، لا سيما أن ملف سد النهضة يمر بأشد المراحل تأزما منذ بدايته".
ومؤخرا، شهدت مفاوضات سد النهضة، في جولتها الأخيرة محطة أخرى من التعثر المستمر منذ 10 سنوات، في عاصمة الكونغو الديمقراطية كينشاسا مطلع الشهر الحالي.
ولم تتمكن الدول الثلاث من التوصل إلى اتفاق ملزم حول السد الذي تبنيه أديس أبابا على النيل الأزرق وتخشى القاهرة والخرطوم من تأثيراته السلبية المحتملة.
aXA6IDMuMTMzLjEwOC40NyA= جزيرة ام اند امز