الأمونيا.. الذهب النادر يهدد بمجاعة عالمية
لم تعد أزمة الغذاء العالمية تقتصر على إمدادات الحبوب القادمة من روسيا وأوكرانيا، لكنها اليوم تواجه أزمة من نوع آخر، مرتبطة بمصدر الطاقة الرئيسي اللازم لزيادة إنتاج المحاصيل الزراعية بنسبة 25% بالمتوسط.
الحديث هنا عن الأسمدة، وعن أحد المواد الرئيسة في إنتاج الأسمدة الزراعية، وهو غاز الأمونيا، أحد أنواع الغازات الضرورية في تدعيم الأسمدة بالنيتروجين الذي تحتاجه التربة، والمحاصيل الزراعية لزيادة إنتاجيتها.
كم يبلغ حج إنتاج الأمونيا في العالم؟
عالميا، بلغ إنتاج الأمونيا نحو 150 مليون طن متري في 2021 وهو أعلى رقم تم تسجيله تاريخيا، بحسب بيانات صادرة عن موقع "STATISTA".
الأزمة التي يشهدها العالم اليوم في جزئية توفير الأمونيا، تتمثل في قيود روسية لتصدير الأمونيا، إذ تشترط موسكو الحصول على بعض المكاسب السياسية لقاء استئناف تصدير الأمونيا للأسواق العالمية، بحسب الأمم المتحدة.
وكانت شرق آسيا المنطقة ذات أعلى إنتاج للأمونيا بحوالي 64.6 مليون طن متري؛ فيما أنتجت الصين وحدها ما يقرب من 39 مليون طن متري من الأمونيا في عام 2021.
إلا أن آسيا وإفريقيا من أكثر الدول تضررا اليوم من غياب غاز الأمونيا الروسي، ويهدد بأزمات غذائية حادة مع بدء مواسم الحصاد خلال وقت لاحق من العام المقبل.
وتعتبر الصين وسنغافورة والهند وماليزيا، من كبار مستهلكي الأمونيا في آسيا، بينما تعتبر نيجيريا وجنوب أفريقيا والكاميرون ومصر، من كبار المستهلكين في قارة أفريقيا، ولا تتوفر أرقام رسمية بشأن حجم الإنتاج.
والأمونيا، هي غاز عديم اللون يتكون من النيتروجين والهيدروجين؛ يحتوي على نسبة 82.2% من النيتروجين ويشكل وسيطا ضروريا لجميع منتجات النيتروجين النهائية. يستخدم معظم إنتاج الأمونيا للأسمدة الزراعية كمصدر للنيتروجين للمحاصيل.
واعتادت روسيا على تصدير 4.4 مليون طن من الأمونيا سنويا -تشكل 20% من التجارة البحرية العالمية- مرت حوالي 2.5 مليون طن عبر خط الأنابيب و1.9 مليون طن عبر موانئ البلطيق، فيما يتجاوز إنتاجها 13 مليون طن.
وبينما يشهد العالم اليوم تذبذبا في إمدادات الغذاء إلى جانب ارتفاع الأسعار.. ولكن بدون الأسمدة يمكن أن تتحول الأزمة الحالية إلى أزمة توفر الغذاء في عام 2023، مع انخفاض غلات الحصاد.
دبلوماسية الأسمدة
وعلى الرغم من سيطرة روسيا وبيلاروسيا على قرابة 16% من إمدادات الأسمدة عالميا، وقيود على تصديرها للسوق العالمية، إلا أن روسيا تنتج كميات هائلة من أحد مكونات الأسمدة، وهو غاز الأمونيا
منذ نهاية سبتمبر/أيلول الماضي، تخضع دول ومنظمات دولية كالأمم المتحدة، مفاوضات مغلقة تهدف إلى تمكين روسيا من ضخ كميات كبيرة من غاز الأمونيا، وهو مكون رئيسي في سماد النترات.
منذ شهر، تسرّبت تفاصيل محادثات بشأن استعادة إمدادات غاز الأمونيا عبر الأراضي الأوكرانية، وتتمثل في قيام الشركة الروسية "Uralchem"، بشحن غاز الأمونيا إلى الحدود الأوكرانية، حيث ستشتريه شركة تجارية أمريكية.
وقالت مصادر مطلعة لوكالة رويترز إن ممثلين من روسيا وأوكرانيا اجتمعوا في دولة الإمارات مؤخرا، لمناقشة ملفات معينة، منها استئناف صادرات الأمونيا الروسية إلى آسيا وأفريقيا عبر خط أنابيب أوكراني.
وذكرت المصادر، أن المحادثات جرت بوساطة إماراتية ولا تشمل الأمم المتحدة، التي تلعب دورا في التفاوض على المبادرة الحالية لتصدير المنتجات الزراعية من ثلاثة موانئ أوكرانية على البحر الأسود.
يوجد هناك خط أنابيب مصمم لضخ ما يصل إلى 2.5 مليون طن من الأمونيا سنويا من منطقة الفولجا الروسية إلى ميناء بيفديني على البحر الأسود الأوكراني، المعروف باسم يوجني باللغة الروسية، بالقرب من أوديسا، والذي تم إغلاقه بعد أن أرسلت روسيا قواتها إلى أوكرانيا في 24 فبراير/شباط الماضي.
أكبر مصدر للأسمدة في العالم
وروسيا، بصفتها أكبر مصدر للأسمدة في العالم، لها دور حيوي تلعبه في ضمان وجود إنتاج غذائي كاف للعام المقبل، سواء عبر تصدير الأسمدة الجاهزة للاستخدام أو تصدير مواد رئيسة تدخل في إنتاج الأسمدة بصدارة غاز الأمونيا.
جزء من المشكلة هو الصدمة التي تعرضت لها أسواق الطاقة بسبب الحرب الروسية؛ مع خروج الغاز الضخ إلى أوروبا، إذ يفقد منتجو الأسمدة مدخلات رئيسية في منتجاتهم.
وإذا قامت موسكو بتدفق المزيد من الأمونيا، فهناك أمل في منع أسوأ السيناريوهات، مثل انخفاض غلة المزارعين بشكل حاد للأغذية الأساسية.
أكثر من ذلك، قد يتحول المزارعون في البلدان منخفضة الدخل عن إنتاج الغذاء إلى المحاصيل النقدية مثل التبغ، لمجرد البقاء على قيد الحياة المالية لهؤلاء المزارعين.
أدى الارتفاع الحاد في أسعار الغاز الأوروبية إلى نقص عالمي في الأسمدة النيتروجينية؛ حيث تقدر صناعة الأسمدة الروسية أن ما يصل إلى 70% من مصانع الأمونيا الأوروبية قد علقت أو قلصت الإنتاج.
aXA6IDE4LjExNy4xMDUuNDAg جزيرة ام اند امز