"السهم المدمر".. معجزة جيش كندا المنسية منذ 62 عاما
في الحرب الباردة كان السباق حاميا بين الغرب والشرق على وصول نقطة النهاية في سباق التسلح والابتكار، والتجهيز لضرب أسلحة الآخر بالمواجهة.
وفي عام 1953، كان التهديد بحرب نووية مع روسيا يدفع مصممي الأسلحة الغربيين إلى الابتكار بكل الطرق الممكنة، سواء في الولايات المتحدة أو الدول الحليفة.
وربما تكون طائرة سهم أفرو "Avro Arrow" واحدة من أجمل وأقوى الطائرات التي تم تصميمها على الإطلاق، إذ تم تصنيعها مع وضع مهمة واحدة في الاعتبار: التحليق على ارتفاعات عالية للغاية وبسرعة كبيرة للغاية لاعتراض القاذفات الروسية قبل أن تتمكن من تحويل مدن أمريكا الشمالية إلى أنقاض.
جرى تصميم المقاتلة السهم في كندا، وكان من المقرر أن تطير على ارتفاع أعلى (50000 قدم) وأسرع (بالقرب من ماخ 2) من أي مقاتلة أخرى تقريبًا.
ومع ذلك، تم إلغاء المشروع فجأة في عام 1959، مما أدى إلى توقف عشرات الآلاف من الأشخاص عن العمل، وكان الكثير منهم من ذوي المهارات العالية.
ولا يزال القرار مثيرا للجدل ولا تزال كندا لا تملك طائرة مقاتلة قوية محلية الصنع.
وكانت سهم أفرو واحدة من أكثر الطائرات تقدمًا في عصرها، مما ساعد على ترسيخ مكانة كندا كدولة رائدة عالميًا في البحث العلمي والتطوير.
ويعتقد الكثيرون أن إلغاء الطائرة كان بمثابة خيانة لصناعة الطيران الكندية. ويؤكد آخرون أن الطائرة كانت باهظة الثمن ولم يكن لديها فرصة كبيرة للتنافس مع الابتكارات الوشيكة.
كان من المفترض أن يكون مشروع السهم مشروعًا هائلاً، من حيث الحجم والطموح. وكانت النسخ الأولى للطائرة التي جرى تقديمها بالفعل لأول مرة عام 1957 في فعالية عامة، تزن حوالي 20 ألف كجم عندما تكون فارغة، ويبلغ طول جناحيها 15.2 متر.
والطائرة، كما كتب الصحفي ديفيد ويلسون، "تعبر عن تزاوج الشكل والوظيفة بشكل رائع"، بل أن كندا كانت تتباهى بأنها تملك أول نظام حاسوبي للتحكم في الطيران ونظام الأسلحة في العالم.
بالإضافة إلى ذلك، كانت السهم أسرع من أي طائرة في فئتها، وتسافر بسرعة تعادل ضعف سرعة الصوت على ارتفاع 53 ألف قدم.
في 4 أكتوبر/تشرين الأول 1957، تم الكشف عن أول مقاتلة سهم أمام 12.000 شخص في مصنع شركة أفرو، إذ انبهر المتفرجون على الفور بمظهر الطائرة.
وكتب الصحفي إيان أوستن: "إن جناحيها المائلين للخلف وأدوات التحكم الإلكترونية المبتكرة في الطيران أعطتها مظهر الغد، كما جعلها الطلاء الأبيض والأسود غير اللامع والطلاء البرتقالي، جذابة.
في رحلتها الأولى في 25 مارس/آذار 1958، حطمت الطائرة سهم أفرو أربعة أرقام قياسية مختلفة للسرعة.
خلال العام التالي، طارت المقاتلة سهم أفرو "مارك 1" (أي النسخة الأولى من الطائرة) 66 مرة. لكن لم تطر "مارك 2" الأقوى التي كانت قيد التطوير، مطلقًا بعد إلغاء المشروع برمته في قرار سياسي معقد صيغ خلف الكواليس ولا تعرف أسبابه الحقيقية.