ماذا يحدث في الكونغو الديمقراطية؟
لأكثر من 30 عاما، عانت المنطقة الشرقية الغنية بالمعادن في الكونغو الديمقراطية من الصراع الذي يأبى الاندثار
فالعديد من الجماعات المسلحة تنافست مع السلطات المركزية على السلطة والسيطرة على الثروة المحتملة في هذه الدولة الشاسعة.
لقد أدى عدم الاستقرار إلى تفاقم الوضع في البلدان المجاورة - كما حدث في تسعينيات القرن العشرين عندما أسفرت صراعان ضخمان، أطلق عليهما اسم حربي أفريقيا العالميتين، عن مقتل الملايين من الناس.
ماذا يحدث في غوما؟
يتقدم متمردو "إم23" في الكونغو الديمقراطية جنوبا نحو بوكافو عاصمة إقليم جنوب كيفو، فيما يبدو أنه محاولة لتوسيع منطقة سيطرتهم في شرق البلاد بعد الاستيلاء على مدينة غوما.
وغوما، مدينة رئيسية يزيد عدد سكانها على مليون نسمة، وتقع على الحدود مع رواندا وعلى شواطئ بحيرة كيفو.
وتُعتبر المدينة الواقعة في شرق البلاد، مركزا حيويا للتجارة والنقل يقع على مقربة من مدن التعدين التي توفر المعادن والعناصر المعدنية ذات الطلب المرتفع مثل الذهب والقصدير والكولتان. والأخير مكون رئيسي للهواتف المحمولة والبطاريات للسيارات الكهربائية.
يقول المتمردون إنهم يسيطرون على المدينة، على الرغم من وجود مقاومة.
وقال كورنيل نانغا، زعيم تحالف "نهر الكونغو"، الذي يضم متمردي حركة "إم23" في جمهورية الكونغو الديمقراطية، لرويترز، إنهم يخططون لحكم غوما.
ووفق ما نقلته الوكالة عن خمسة مصادر دبلوماسية وأمنية، فإن عناصر "إم23"كانت تتقدم في وقت لاحق جنوبا من بلدة مينوفا، على طول الجانب الغربي من بحيرة كيفو، نحو بوكافو.
في هذه الأثناء، حذرت وكالات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة من أزمة إنسانية كبرى حيث تكتظ المستشفيات بالضحايا والجثث ملقاة في الشوارع.
دعوات لوقف النزيف
من جهتها، دعت جمهورية الكونغو الديموقراطية العالم إلى وقف تقدم "إم23" في شرق البلاد.
بدورها، حثّت أنغولا، الوسيط في محادثات السلام التي انهارت في ديسمبر/كانون الأول، على عقد اجتماع عاجل بين الزعيمين الكونغولي والرواندي في لواندا.
لكن الرئيس الكونغولي فيليكس تشيسكيدي، رفض إجراء محادثات مع نظيره الرواندي بول كاغامي، الأربعاء.
وندد تشيسكيدي بما اعتبره "تقاعس" المجتمع الدولي حيال سيطرة مقاتلين قال إنهم "مدعومون من رواندا" على مناطق في شرق البلاد، محذرا من خطر "تصعيد" إقليمي.
وقال في خطاب بثه التلفزيون الرسمي "صمتكم وتقاعسكم (...) إهانة" لجمهورية الكونغو الديموقراطية، مضيفا أن تقدم "إم 23" قد يؤدي "مباشرة إلى تصعيد" في منطقة البحيرات العظمى.
وتشكل التطورات الأخيرة جزءا من تصعيد كبير لصراع مستمر منذ عقود على السلطة والهوية والموارد، والذي أسفر عن مقتل مئات الآلاف من الناس ونزوح أكثر من مليون شخص منذ تجدده مؤخرا.
من هي حركة إم23؟
"إم 23" هو الاسم المختصر لـ"حركة 23 مارس"، وهي حركة تمرد سابقة لعرقية التوتسي هُزمت عام 2013، لكنها عادت وحملت السلاح في نهاية 2021 بعد اتهامها الحكومة بالتنصل من اتفاق يقضي بدمج عناصرها في قوات الأمن.
القوة الحالية هي ما تبقى من حركة "إم 23" الأصلية التي تشكلت في أبريل/نيسان 2012.
نشأت من رحم المؤتمر الوطني للدفاع عن الشعب، المعروف بالاسم المختصر الفرنسي CNDP، وهي جماعة متمردة قاتلت حكومة الكونغو الديمقراطية بين عامي 2006 و2009.
تستند المجموعتان إلى ادعاء مفاده بأن التوتسي الكونغوليين وغيرهم من الجماعات الإثنية في شمال وجنوب كيفو يتعرضون للتمييز.
تعتبر المجموعتان من أصل رواندي ويشار إليهما عادة باسم "الروانديين".
تزعم الحركة أن العديد من الاتفاقات السابقة لإنهاء القتال لم تُحترم - وقد أخذت اسمها من اتفاقية السلام التي تم توقيعها في 23 مارس/أذار 2009.
ولأكثر من عام، سيطرت "إم 23" على منطقة روبايا لتعدين الكولتان في الكونغو، مما أدى إلى توليد ما يقدر بنحو 800 ألف دولار شهريا من خلال ضريبة الإنتاج، وفقا للأمم المتحدة.
ويقول محللون إن انتشار المجموعة في مناطق جديدة في الأسابيع الأخيرة يمنحها مجالا للحصول على المزيد من عائدات التعدين.
ما علاقة رواندا؟
لقد نفت رواندا المجاورة في الماضي باستمرار أنها تدعم حركة "إم 23"، ولكن منذ عام 2012 اتهمها خبراء الأمم المتحدة بتوفير الأسلحة والدعم اللوجستي وحتى قيادة المتمردين في نهاية المطاف.
كما اتهمت حكومة جمهورية الكونغو الديمقراطية، وكذلك الولايات المتحدة وفرنسا، رواندا، بدعم الحركة.
وفي العام الماضي، ذكر تقرير لخبراء الأمم المتحدة أن ما يصل إلى 4000 جندي رواندي يقاتلون إلى جانب حركة إم 23.
وفي بيان صدر يوم الأحد، لم تنكر رواندا صراحة أنها تدعم حركة إم 23، بل قالت بدلا من ذلك إن القتال بالقرب من حدودها يشكل "تهديدا خطيرا" لـ "أمنها وسلامة أراضيها".
وتتهم رواندا، الكونغو بالقتال إلى جانب القوات الديمقراطية لتحرير رواندا، التي هاجمت عرقية التوتسي في كلا البلدين.
وقد أسفرت عملية السلام، التي توسطت فيها أنغولا وشاركت فيها رواندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية، عن اتفاق لوقف إطلاق النار، العام الماضي، ولكن سرعان ما انهار الاتفاق واستؤنف القتال.
ماذا تفعل قوات حفظ السلام والقوى الأخرى؟
كانت قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة تدعم جهود الجيش الكونغولي لكبح جماح حركة "23 مارس" كجزء من تفويض بعثة منظمة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في جمهورية الكونغو الديمقراطية (مونوسكو) منذ سنوات لمواجهة العديد من الجماعات المتمردة النشطة في شرق البلاد.
وقد تم تعليق الانسحاب المتفق عليه للبعثة من الكونغو بسبب تدهور الوضع الأمني. وحتى شهر ديسمبر/كانون الأول، كان هناك ما يقرب من 11 ألف جندي حفظ سلام على الأرض، معظمهم في الشرق.
ومنذ سقوط غوما، قامت البعثة بإجلاء بعض موظفيها وأسرهم. واستقبلت قاعدتها عددا كبيرا من الناس الذين يسعون إلى اللجوء، بما في ذلك مسؤولون حكوميون وعسكريون وعناصر مختلفة.
ماذا عن الثروة المعدنية في الكونغو؟
في السنوات الأخيرة، استولت حركة إ"م 23" على العديد من مناطق التعدين المربحة، وذكر تقرير صادر عن خبراء الأمم المتحدة في ديسمبر/كانون الأول الماضي أن الحركة ترسل حوالي 120 طنا من الكولتان إلى رواندا كل أربعة أسابيع.
كما لاحظوا ارتفاعا هائلا في صادرات رواندا المعدنية في السنوات الأخيرة، والتي يُعتقد أن معظمها يأتي من جمهورية الكونغو الديمقراطية.
لكن رواندا نفت باستمرار مزاعم استغلال معادن جمهورية الكونغو الديمقراطية.
aXA6IDMuMTQ4LjEwOC4zMyA= جزيرة ام اند امز