أسعد شعوب الأرض أمام الصندوق.. فنلندا تختار برلمانها الجديد (صور)
أمام صناديق الاقتراع يقف الناخبون الفنلنديون لاختيار برلمان جديد يسعى للحفاظ على خدمات سخية والابتعاد عن الحياة البائسة.
أصوات تحسم انتخابات برلمانية شديدة التنافس قد تكلف رئيسة الوزراء اليسارية سانا مارين منصبها في ظل قلق الناخبين على مستقبل الخدمات العامة السخية مع تراجع الاقتصاد.
هموم السياسيين في فنلندا لا تتوقف عند تجاوز الانتخابات بل بعدها أيضا، فالتوقعات لم تقدم مؤشرا إلى حسم حزب بعينه التصويت لصالحه، بينما يرجح محادثات مطولة بعد الاقتراع بشأن تشكيل ائتلاف حاكم.
لكن المؤكد - وفقا لرويترز - أن الحزب الفائز سيحظى بأكبر عدد من مقاعد البرلمان في انتخابات اليوم الأحد على حق المحاولة الأولى لتشكيل حكومة.
إعجاب بـ"مارين"
ولا تزال مارين (37 عاما) تحظى بإعجاب حول العالم كنموذج لجيل من القادة التقدميين الشبان ولا تزال تحظى أيضا بشعبية كبيرة بين الفنلنديين خاصة المعتدلين من جيل الشباب، لكنها أثارت استياء بعض المحافظين بإنفاق سخي على برامج التقاعد والتعليم إذ اعتبروا أنه تصرف غير مسؤول.
وبدأ التصويت في التاسعة صباحا بالتوقيت المحلي فيما ستغلق مراكز الاقتراع أبوابها عند الثامنة مساء، ومن المتوقع أن تنشر نتائج جزئية من التصويت المبكر بعد ذلك بقليل.
كانت استطلاعات رأي قد أظهرت أن الحزب الاشتراكي الديمقراطي، وهو حزب مارين الذي يشكل أكبر حزب في الائتلاف الحاكم المنتهية ولايته، يخوض سباقا محتدما مع حزب الائتلاف القومي اليميني وحزب الفنلنديين القومي.
وتوقعت الاستطلاعات حصول كل حزب من الأحزاب الثلاثة على ما بين 18.7 و19.8 بالمئة من الأصوات، وهو ما سيجعلها في حاجة للاعتماد على أحزاب أخرى أصغر لتشكيل حكومة.
أما مارين فقد قالت أمام أنصارها السبت: "التيار اليميني يقدم بديلا سيجعل الحياة بائسة لنا جميعا بخفض الخدمات وقطع سبل العيش للأشخاص الأشد فقرا.. لدينا فرصة لاختيار بديل أفضل".
وستشهد الحكومة المقبلة الأيام الأولى لعضوية فنلندا في حلف شمال الأطلسي، فيما كانت أبرز تحركات مارين في السياسة الخارجية منذ توليها السلطة في 2019 هو سعيها جنبا إلى جنب مع الرئيس سولي نينيستو لإحداث تغيير جذري في سياسة البلاد من خلال السعي للانضمام إلى الحلف العسكري الغربي في أعقاب مخاوف أمنية بعد غزو روسيا لأوكرانيا.
وقد اكتملت عملية الانضمام للحلف تقريبا، ومن المتوقع حصول هلسنكي على العضوية رسميا في غضون أيام.
أسرار الدولة الإسكندنافية
حتى العام 1809، كانت فنلندا جزءا من السويد قبل أن تتحول إلى دوقية روسية كبيرة حتى استقلالها خلال الثورة الروسية في العام 1917.
ولا تزال اللغة السويدية لغة رسمية إلى جانب اللغة الفنلندية، ولغة أولى لحوالي 5 بالمئة من الفنلنديين.
وانتهزت فنلندا فرصة الثورة البلشفية في العام 1917 لتُعلن استقلالها الذي أدى إلى حرب أهلية بين "الحمر" و"البيض".
وغزاها الاتحاد السوفياتي في 1939 بعد المعاهدة الألمانية السوفياتية، فقاومت فنلندا ببسالة خلال الأشهر الثلاثة من حرب الشتاء، ولكن بعد استئناف الصراع في 1941، انتهت الحرب بهزيمتها.
وبموجب معاهدة "صداقة" موقعة في 1948 بضغط من موسكو، وافقت هلسنكي على البقاء خارج التعاون العسكري الغربي، في شكل من أشكال الحياد الإجباري يسمى "الطابع الفنلندي".
وفي نهاية الحرب الباردة، دخلت فنلندا الاتحاد الأوروبي وتجذرت في الغرب، ولكن لم تقرر الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي إلا بعد اندلاع الحرب في أوكرانيا.
تحالف نسائي
من بين الأحزاب الرئيسية الثمانية، هناك سبعة تقودها نساء، حيث تحل فنلندا في صدارة دول العالمية في مجال المساواة بين الجنسين.
عندما وصلت سانا مارين إلى السلطة في 2019 لتصبح ثالث رئيسة للوزراء، انتشرت صور تحالفها المكون من خمسة أحزاب كلها بقيادة نساء، على نطاق واسع.
وكان البرلمان الفنلندي أول برلمان في العالم يضم نائبات، عندما كانت الدولة لا تزال روسية. وتُمثل النائبات حالياً 47 بالمئة من البرلمان المنتهية ولايته.
وتعد فنلندا إحدى الدول التي تضم أقل عدد من السكان الذين ولدوا في الخارج، من بين دول أوروبا (7 بالمئة)، وفقًا لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
لكن تسارع وصول الوافدين شجع ظهور حزب الفنلنديين الذي اتبع خطاً أكثر تشدداً بعد انقسام في 2017.
وفي إشارة إلى حرب العصابات التي تدور في السويد المجاورة، أراد الحزب تشديد سياسة الهجرة على غرار جارة شمالية أخرى هي الدنمارك، بهدف "إنقاذ فنلندا" من "النموذج السويدي".
ويرى الائتلاف الوطني أنّ الهجرة تشكل حلا لشيخوخة السكان، في حين ترفض سانا مارين أي تعاون مع حزب الفنلنديين "العنصري علنًا".
وسيكون تحالف أحمر-أزرق معقدًا بسبب الخلافات الاقتصادية، حيث شنّ اليمين حملة متهماً الحكومة بعدم المسؤولية المالية.
أسعد شعوب الأرض
يُعرف الفنلنديون بأنهم شعب متواضع، وصُنفوا كأسعد شعب في العالم في مارس/آذار الماضي للسنة السادسة على التوالي، في ترتيب برعاية الأمم المتحدة.
وتضم البلاد آلاف البحيرات والغابات المنتشرة في كل أنحائها، ويبلغ عدد سكانها 5,5 ملايين نسمة، وتمتد على أكثر من 330 ألف كيلومتر مربع، وتتمتع بنموذج اجتماعي فعّال، وأوجه محدودة من عدم المساواة، وتحظى فيها السلطات بثقة عالية.
ومع مواجهة الفنلنديين الصقيع لمدة نصف عام تقريبًا، يحتلون الصدارة أيضاً في عدد حمامات البخار (الساونا)، الذي بلغ ثلاثة ملايين، متجاوزاً عدد السيارات.
ومع ذلك، شكل حلول فنلندا في المرتبة الأولى على لائحة أسعد دول العالم مفاجأة في العام 2018، إذ يصف العديد من السكان المحليين أنفسهم بأنهم قليلو الكلام وتنتابهم الكآبة.
aXA6IDMuMTQ0LjIxLjIwNiA= جزيرة ام اند امز