رئيسة وزراء فنلندا والولاية الثانية.. ضوء الناتو يبتلع "الرقص الصاخب"

ضوء أخضر يمنح فنلندا مفتاح الناتو ويعزز حصاد رئيسة وزرائها التي تتطلع لانتزاع ولاية ثانية في معركة لن تغيب عنها بعض "السوابق".

وستحاول رئيسة الوزراء الاشتراكية الديمقراطية سانا مارين التي تتمتع بشعبية كبيرة، الحصول على ولاية ثانية في مواجهة منافسيها اليميني واليميني القومي، في انتخابات تشريعية يتوقع أن تشهد منافسة حادة الأحد في فنلندا.

ورئيسة الحكومة البالغة من العمر 37 عاما، اكتسبت شهرة دولية خلال أربع سنوات، وتحتل حاليا المرتبة الثالثة في استطلاعات الرأي لكن بفارق طفيف عن زعيم الائتلاف الوطني (يمين الوسط) بيتيري أوربو، وزعيمة حزب الفنلنديين المناهض للهجرة والمشكك في أوروبا ريكا بورا.

ضوء الناتو

بحصول فنلندا على ضوء أخضر من البرلمان التركي، تنضم رسميا لقائمة أعضاء حلف شمال الأطلسي (الناتو)، في خطوة تحسب مكسبا لحكومة سانا مارين.

نقطة تعول رئيسة الوزراء على استثمارها من أجل الظفر بولاية ثانية، في وقت يتأهب فيه علم بلادها لأن يرفرف أمام مقر الحلف في الأيام المقبلة بعدما صادقت تركيا.

وطلبت فنلندا والسويد الانضمام إلى الناتو بعد حرب روسيا مع أوكرانيا، لكن كان لا بد من موافقة تركيا والمجر على هذا الانضمام، وهو ما تجسد الأسبوع الماضي  بعد موافقة المجر، في حين ما تزال أنقرة تطالب السويد ببعض الالتزامات للموافقة على انضمامها أيضا.

واحتفت هلسنكي بقرار البرلمان التركي، وسعت الحكومة لاستثمار الخطوة في بعدها المحلي والإقليمي والدولي.

أزمة الرقص

فيديو ظهرت فيه سانا مارين، في أغسطس/آب 2022، وهي تحتفل "بطريقة صاخبة"، فجر الجدل حولها ورفع منسوب الانتقادات ضدها، حيث استثمره سياسيون ومعارضون لشن حملة ضدها.

وأظهرت مقاطع فيديو مارين وخمسة آخرين وهم يقفون أمام الكاميرا يرقصون ويغنون، في حين أظهرت لقطات أخرى رئيسة الوزراء وهي تغني جالسة على الأرض.

وسرعان ما انقض بعض معارضي مارين على الحدث، منتقدين سلوكها باعتباره غير لائق برئيسة الوزراء، وبلغ الأمر حد المطالبة بإخضاعها لاختبار استهلاك المخدرات.

حينها قالت مارين للصحفيين إنها تناولت الكحول مع في الحفل، وأنه لم يكن هناك أي مخدرات خلاله.

وكانت تلك المرة الأولى التي يجري فيها تسييس حياة مارين الخاصة، فقد سبق لها أن اعتذرت لشعبها في عام 2021 بعد ظهور صورة لها في ملهى ليلي، عقب مخالطتها لوزير الخارجية الذي ثبت إصابته وقتها بفيروس كورونا المستجد. 

أزمات واعتذارات ألقت بظلالها -بشكل ما- على شعبية رئيسة الوزراء الشابة، في حين تتوقع أن تتجاوزها مستفيدة من انسياب الزمن والوقع الذي خلفه انضمام البلاد لحلف الناتو.

معركة شرسة

عشية الانتخابات، صرح المنافس اليميني لرئيسة الحكومة السبت، بالقول إنه "متفائل"، حيث قال زعيم حزب الائتلاف الوطني لفرانس برس: "خضنا حملة رائعة ولدينا أفضل المرشحين في جميع أنحاء فنلندا ونحن في المرتبة الأولى في استطلاعات الرأي لذلك أنا متفائل".

ويشغل منصب رئيس الوزراء تقليديا زعيم الحزب الذي يحصل على أكبر عدد من الأصوات في الانتخابات مما يجعل الترتيب النهائي للأحزاب بعد الاقتراع حاسما.

ويفيد آخر استطلاع للرأي نُشرت نتائجه الخميس بأن الائتلاف الوطني سيأتي في الطليعة بحصوله على 19,8 بالمئة من الأصوات، متقدماً على حزب الفنلنديين (19,5 بالمئة) ثم الحزب الاشتراكي الديمقراطي بزعامة مارين (18,7 بالمئة).

وهذه الفوارق طفيفة وتندرج ضمن هامش الخطأ.

ويؤكد تومو توريا من معهد "تالوستوتكيموس" لاستطلاعات الرأي أنه "من الصعب في هذه المرحلة تحديد الحزب الذي سيحتل المرتبة الأولى في يوم التصويت".

لكن المؤكد هو أن سانا مارين التي لم تكن معروفة لدى جزء كبير من الفنلنديين عندما وصلت إلى السلطة في نهاية 2019، نجحت في بناء سمعة عالمية، معتمدة على صفتها - التي خسرتها بعد ذلك - كأصغر رئيسة حكومة في العالم.

وقد تولت رئاسة الحكومة حينذاك بعد استقالة رفيقها أنتي رين، لذلك ستكون هذه المرة الأولى التي تقود فيها معسكرها بالمعركة الانتخابية.

مثيرة للانقسام؟

صنفت سانا مارين رئيسة الحكومة الأكثر شعبية في القرن الحادي والعشرين، لكنها تثير انقساما في الداخل.

ويقول ماركو يونكاري الصحفي السياسي في صحيفة "هيلسينغين سانومات"، إن "سانا مارين شخصية مثيرة للانقسام. لديها معجبون مثل نجمة لموسيقى الروك ولكن من جهة أخرى، هناك كثر لا يحتملونها".

ويسجل ائتلافها الحكومي الذي يضم خمسة أحزاب - الحزب الاشتراكي الديمقراطي والوسط وحزب الخضر وتحالف اليسار وحزب ناطق بالسويدية - صعوبات منذ أشهر. وقد أعلن حزبها الوسطي أنه سيرفض تمديد التحالف.

وهاجمت المعارضة سانا مارين بشأن الديون التي زادت بنحو 10 نقاط من إجمالي الناتج المحلي خلال ولايتها.

وقال بيتيري أوربو الذي يدعو إلى خطة ادخار بقيمة ستة مليارات يورو، لوكالة فرانس برس، إن "التوقعات سيئة جدا وماليتنا العامة ستنهار وهذا سيؤدي إلى تآكل أسس دولة الرفاهية لدينا".