فنلندا تمنح الناتو "الساونا".. ضباب أكثر لرؤية واضحة
مكسب لم يكن متوقعا مع انضمام فنلندا إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، صحيح أنه لا يراكم قدرات عسكرية أكبر إنما يسهم في اتخاذ القرار.
ففي فنلندا، يعتبر حمام البخار (الساونا) مؤسسة، وهي مدرجة على قائمة التراث الثقافي لليونسكو وتشتهر بلعبها دورا في سياستها، وكان هناك مزحة مفادها أن البلد "على بعد ساونا" من الانضمام لحلف شمال الأطلسي (الناتو).
ودفعت الحرب الروسية في أوكرانيا الحكومة الفنلندية لتغيير موقفها بشأن الانضمام إلى التحالف العسكري، وهو شيء قالت رئيسة الوزراء سانا مارين إنه "غير مرجح للغاية" قبل بداية الحرب.
لكن حصلت فنلندا، التي ستذهب إلى صناديق الاقتراع يوم الأحد من أجل الانتخابات العامة، على موافقة البرلمان التركي لتصبح عضوا في الناتو.
وكانت تركيا الدولة الوحيدة في الحلف التي تعترض على انضمام فنلندا، وتحتاج الدول لموافقة كل أعضاء الحلف لقبول انضمامها.
ورفضت حكومة مارين التعليق عما إذا كان قرار السعي لعضوية الناتو تم اتخاذه في "الساونا"، لكن، بحسب مجلة "بوليتيكو" الأمريكية، تم تركيب ساونا للتو بمقر الناتو في بروكسل، متساءلة: "هل هذه مصادفة؟ ربما".
وقالت مفوضة الاتحاد الأوروبي للشراكات الدولية جوتا أوربيلينين: "الساونا، بطريقة ما، هي مكان مقدس.. إنها مكان يجمع الناس معا للاسترخاء، أو إجراء مناقشات. كما أنها مكان حيث يتشارك الناس أعمق أفكارهم".
وبالنسبة للمبتدئين، توجد ورقة ملصقة على الحائط قرب مدخل الساونا بمكتب التمثيل الدائم مكتوب عليها: "هناك حمامات بخار (ساونا) أكثر من السيارات في فنلندا".
وبحسب "بوليتيكو"، يجب أن تشتمل جميع المباني الحكومية في فنلندا، بالإضافة إلى سفاراتها وقنصلياتها ومكتب تمثيلها الدائم لدى الاتحاد الأوروبي، على ساونا في مبانيها.
وقال رئيس وزراء فنلندا الأسبق والمفوض الأوروبي السابق للبلاد جيركي كاتينين: "إنها الأجواء. عندما يتواجد الناس هناك، يكونون متساويين، لا جدال أبدا في الساونا، الأجواء يسودها الاسترخاء. لا ترفع صوتك قط، لا تهين، ولا تجادل أبدا. من المفهوم أن الناس يجدون نبرة مشتركة في هذا النوع من الأجواء".
وخلال الفترة التي شغل فيها منصب رئيس الوزراء من عام 2011 إلى 2014، تواجد كاتينين "في الساونا كثيرا"، وفي بعض الأحيان برفقة الضيوف في مقر الإقامة الرسمي لرئيس الوزراء في هسلنكي. وقال: "الشيء الوحيد الذي ندمت عليه أثناء وجودي في بروكسل هو أننا لم يكن لدينا الساونا الخاصة بنا".
وتردد كاتينين على الساونا بمكتب التمثيل الدائم، والتي يعتبرها "لطيفة جدا"، كما أن بإمكانه الدخول لموقع حصري أكثر، وهو الساونا الموجودة في بيرلايمونت، مقر المفوضية الأوروبية.
لكنه قال: "أخجل من قول إنني لم أجربها قط. يقول الناس إنها صغيرة جدا". ولم تستخدم أوربيلينين أيضًا الساونا الموجودة في بيرلايمونت، على الأقل جزئيا بسبب إغلاقها خلال جائحة كوفيد-19.
وذكرت "بوليتيكو" أن أكبر مشجع لدبلوماسية الساونا في التاريخ الحديث ربما كان الرئيس الأطول خدمة في فنلندا أورهو ككونن.
وقالت الباحثة بالمعهد الفنلندي للشؤون الدولية، مينا ألاندر: "كان جزءا من استراتيجيته (السياسية). طريقة للتعامل مع العلاقة الحساسة للغاية مع الاتحاد السوفياتي".
وفي عام 1957، زار نيكولاي بولجانين رئيس وزراء الاتحاد ونيكيتا خروتشوف السكرتير الأول للحزب الشيوعي، ككونن في هلسنكي، ودعيا لزيارة الساونا بمقر الإقامة الرئاسية. وفي حين رفض بولجانين ذهب خروتشوف وككونن، الأمر الذي أثار استياء المكتب السياسي.
ولم يكن الساسة فقط من انضموا إلى ككونن في الساونا، حيث كان فيليب أمير بريطانيا زائرا منتظما وفي عام 1969 طُلب من شركة فنلندية بناء ساونا خشبية في أراضي قلعة بالمورال، مقر إقامة العائلة الملكية في اسكتلندا.
aXA6IDUyLjE0Ljg4LjEzNyA= جزيرة ام اند امز