"مجرم بجناحين".. هل تشعل "صقور النار" حرائق الغابات؟
مع ارتفاع حرارة يوليو/تموز إلى مستويات غير مسبوقة في التاريخ، تشهد الجزائر واليونان ودول أخرى حول العالم حرائق غابات مستعرّة.
وتسببت موجة حرائق الغابات الأخيرة في عشرات القتلى والجرحى، وخلّفت خسائر مادية فادحة، فيما تستمر جهود تلك الدول لإخماد الحرائق ومنع امتدادها.
ويُجِمع العلماء وخبراء البيئة والمناخ على تسبب التغيرات المناخية والاحتباس الحراري وانقطاع الأمطار وتزايد الجفاف في هذه الحرائق، بينما يشير البعض إلى متهم آخر.
وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، تداول مستخدمون مقاطع فيديو لطائر يعرف بـ"صقر النار" أو "الحدأة"، مع مزاعم بتورطه في حرائق الغابات بالحر والنار التي تخرج من جوفه.
ويظهر المقطع المتداول نوعًا من الطيور الجارحة، يصدر وميضًا كهربيًا، ويحرق الأراضي ويسبب حرائق الغابات، وهو الأمر الذي ينطوي على مغالطات فنّدتها بحوث ودراسات علمية.
"صقر النار"
يشير لقب "صقر النار" إلى مجموعة من الطيور الجارحة، يمكنها التحكم في تمديد حرائق الغابات بنقل الأوراق والغصون المشتعلة عبر مناقيرها أو مخالبها إلى مواقع جديدة.
وكشفت دراسة أجريت عام 2018 ونُشرت في مجلة "Journal of Ethnobiology" أن هذه الطيور الجارحة تستغل حرائق الغابات وتسعى إلى زيادة رقعتها للمساعدة في العثور على الطعام.
وتضمن حرائق الغابات لهذه الطيور الجارحة هروب الحشرات والسحالي والفئران والحيوانات والطيور الصغيرة الأخرى من موائلها هربًا من النار، ومن ثم تصبح فريسة سهلة، وتبدأ الجوارح في التقاطها.
وجمع القائمون على الدراسة بياناتها من السافانا الاستوائية في شمال أستراليا، وقال المؤلف المشارك مارك بونتا، وهو عالم جغرافيا في جامعة ولاية بنسلفانيا: "معظم البيانات التي عملنا معها تعاونية مع الشعوب الأصلية، لقد عرفوا هذا على الأرجح منذ 40 ألف عام أو أكثر".
ويضيف: "لعقود من الزمن، اعتبر الناس في شمال أستراليا صقور النار جزءًا من النظام الطبيعي"، ويشير مصطلح صقور النار إلى 3 أنواع من الطيور: الطائرة السوداء Milvus migrans، الطائرة الصفراء Haliastur sphenurus والصقر البني Falco berigora، وفقًا لـ"ناشيونال جيوغرافيك".
فيما يقول المؤلف المشارك في الدراسة بوب جوسفورد، وهو عالم طيور أسترالي ومحام متخصص في حقوق السكان الأصليين: "هذه الطيور الجارحة تزدهر في حرائق الغابات، حيث ترتفع وتقف بالقرب من جبهات الحرائق التي تندلع في السافانا الاستوائية في أستراليا انتظارًا لهروب فريستها".
وفي مقابلة سابقة مع هيئة الإذاعة الأسترالية، قال "جوسفورد": "تأتي صقور النار (الطائرة السوداء والصقور البنية) إلى هذه الجبهات على أمل زيادة رقعة الحرائق، إنه جنون تغذية؛ فمن هذه المراعي تأتي الطيور الصغيرة والسحالي والحشرات وكل شيء يهرب من مقدمة النار ليقع فريسة للجوارح".
طائر الحدأة
وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، ربط مستخدمون بين الحديث عن "صقور النار" وطائر الحدأة الذي حذر منه النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-، مستندين إلى الحديث النبوي "خمس من الدواب كلهن فواسق، يُقتلن في الحرم: الغراب، الحدأة، العقرب، الفأر والكلب العقور".
ويقول الشيخ السيد سليمان، أحد علماء الأزهر الشريف، إن الحديث المشار إليه موجود في صحيح البخاري، موضحًا أن المخلوقات الواردة في الحديث النبوي "ضارة"، فالغراب في المناطق الصحراوية ينقر ظهر البعير وينزع عينيها، والحدأة تعتدي على الطيور وتأكل أطعمتها".
وأضاف "سليمان" لـ"العين الإخبارية": "الفأر كلنا نعرف أضراره، وإذا دخل منازلنا فيأكل الملابس ويفسد الطعام، ويثير الخوف في نفوس الناس، والعقرب معروف بلدغاته القاتلة، والكلب العقور أو المسعور هو الذي يعقر الناس ويهجم عليهم في الطرقات، وكلها مخلوقات تؤذي الإنسان والحيوان".
وأشار إلى أن القاعدة الفقهية تقول "الضرر يزال"، موضحًا في الوقت نفسه أن الحديث النبوي لا يتعارض مع دعوات الرفق بالحيوان، قائلًا: "الرفق يكون مع الحيوانات غير الضارة، حتى الحيوانات والطيور النافعة إذا أصبحت ضارة فيجب التخلص منها، وهو ما حدث وشاهدناه عند انتشار إنفلونزا الطيور".
aXA6IDMuMTQ1LjY0LjI0NSA= جزيرة ام اند امز