انطلاق أول انتخابات محلية «مباشرة» منذ عقود في مقديشو
انطلقت، الخميس، في العاصمة الصومالية مقديشو أول انتخابات محلية بنظام «صوت واحد لكل شخص» منذ أكثر من 50 عاما، في محطة مفصلية توصف بأنها اختبار حقيقي للمسار السياسي في البلاد والاستحقاقات المرتقبة في 2026.
وتوافد صوماليون للإدلاء بأصواتهم في انتخابات المجلس المحلي لإقليم بنادر الذي يضم العاصمة مقديشو في جميع مراكز الاقتراع المنتشرة عبر أحياء المدينة الـ 16.
وشوهد آلاف الناخبين يصطفون منذ ساعات الصباح الأولى للإدلاء بأصواتهم في هذا الاستحقاق التاريخي، وفق مصادر إعلامية محلية.
وأُلغي نظام التصويت المباشر في الصومال بعد تولي الرئيس محمد سياد بري السلطة عام 1969. ومنذ سقوط حكومته عام 1991، يقوم النظام السياسي في البلاد على هيكل قبلي.
استعدادات وأرقام غير مسبوقة
والأربعاء، قال رئيس الهيئة الوطنية المستقلة للانتخابات والحدود، عبد الكريم أحمد حسن، إن نحو 480 ألف مواطن تسلموا حتى الآن بطاقات تسجيل الناخبين، ما يؤهلهم للمشاركة في الانتخابات.
وأوضح أن الهيئة قامت بتدريب 5200 موظف انتخابي جرى توزيعهم على أكثر من 500 مركز اقتراع في عموم إقليم بنادر، بهدف ضمان سير العملية الانتخابية بسلاسة ووفق المعايير المعتمدة.
وأشار إلى أن الانتخابات تُجرى في 16 دائرة انتخابية، تضم 213 مركز اقتراع و523 موقع تصويت، مشيرا إلى أن عملية التصويت بدأت في الساعة السادسة صباحا وتستمر حتى السادسة مساءً بالتوقيت المحلي.
وأكد أن الناخبين المتواجدين في الطوابير عند انتهاء الوقت الرسمي سيُسمح لهم بالإدلاء بأصواتهم، في حين لن يُسمح لمن يصل بعد هذا التوقيت بالمشاركة. كما حذّر الأحزاب السياسية من ممارسة أي دعاية انتخابية داخل مراكز الاقتراع أو محيطها.

مقاطعة المعارضة
في المقابل، قاطعت قوى المعارضة الرئيسية في الصومال الانتخابات، ووصفتها بأنها "عملية موجهة من الحكومة وتفتقر إلى توافق سياسي شامل".
واتهم منتدى الإنقاذ الصومالي المعارض، في بيان، الحكومة بـ"تدبير عملية انتخابية أحادية الجانب لصالح حزب واحد".
وأكد المنتدى أن "أي انتخابات نزيهة لا يمكن أن تُجرى إلا بتوافق جميع الأطراف المعنية، بغض النظر عن خلافاتها السياسية"، مشيرا إلى أن "التوترات القائمة بين الحكومة الفيدرالية وبعض الولايات الأعضاء، لا سيما بونتلاند وجوبالاند، تقوض فرص نجاح هذا النموذج الانتخابي في المرحلة الراهنة.

يوم تاريخي
من جانبه، قال الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، عشية انطلاق الانتخابات، إن مقديشو "ستُظهر قوتها الديمقراطية"، واصفا الاستحقاق بأنه "حدث تاريخي ورمز لاستعادة البلاد لسيادتها".
وأضاف أن "نحو 20 منظمة سياسية تتنافس في هذه الانتخابات، التي تُعد الأولى من نوعها في العاصمة منذ أكثر من 57 عاما"، مؤكدا أن هذا اليوم "جدير بالاحتفال".
وشدد الرئيس الصومالي على أن "الانتخابات تمثل دليلا على تحسن الوضع الأمني في العاصمة"، معتبرا أن "سكان إقليم بنادر شعب متحضر ومحب للسلام، ومستعد لاختيار من يمثله ديمقراطيا".
ودعا المواطنين المسجلين إلى المشاركة الواسعة، محذرا من أي محاولات ترهيب أو عرقلة قد تمس حقوقهم الدستورية، كما حث الأجهزة الأمنية على ضمان أمن العملية الانتخابية وتيسيرها، داعيا الجمهور إلى الإسهام في ترسيخ الاستقرار.
وأكد أن "أنظار العالم تتجه إلى مقديشو اليوم وأن سير الانتخابات سيكون بمثابة تقييم دولي لمدى التقدم الديمقراطي في الصومال".

إجراءات أمنية مشددة
وضمن الترتيبات الأمنية واللوجستية، أعلنت هيئة الطيران المدني الصومالية إغلاق مطار عدن عدي الدولي في مقديشو طوال يوم الخميس.
وقالت الهيئة، في بيان رسمي، إن جميع الرحلات الجوية من وإلى العاصمة ستُعلق خلال فترة الإغلاق، داعية شركات الطيران والمسافرين إلى تعديل جداولهم، على أن تُستأنف الحركة الجوية فور رفع القيود المرتبطة بالانتخابات.
ويأتي قرار إغلاق المطار بالتزامن مع تنفيذ خطة أمنية واسعة تشمل نشر نحو 10 آلاف عنصر من الشرطة لتأمين مراكز الاقتراع وضمان سلامة العملية الانتخابية.
وتمثل انتخابات مجلس بنادر اختبارا بالغ الحساسية للدولة الصومالية، بين رهان الحكومة على ترسيخ نموذج "صوت واحد لكل شخص" قبيل الانتخابات الرئاسية المرتقبة في 2026، وتشكيك المعارضة في جدواه في ظل الانقسامات السياسية القائمة.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTAzIA== جزيرة ام اند امز