بالصور.. أول نقود سعودية منذ 92 عاما
الإصدارات النحاسية أول نقود سعودية رسمية.. وبدايتها النصف والربع قرش.
شهدت صناعة العملة المعدنية خلال العقود الماضية في السعودية تطورات عديدة تتيح إعادة تصميم فئات العملة المعدنية بألوان وأشكال أكثر جاذبية، وبأحجام أصغر وأوزان أخف تساعد على حملها وتداولها، بما يُظهر قيمة العملة وتدعو للثقة فيها واحترامها، وبما يتناسب مع مكانة الاقتصاد السعودي.
وعانت الجزيرة العربية قبل توحيد المملكة العربية السعودية على يد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، رحمه الله، من التشتت في الوضع النقدي والاقتصادي، فكانت المنطقة تعيش في حالة من الفوضى السياسية، وقد انعكس ذلك بشكل كبير على الأوضاع الاقتصادية التي كانت تعاني انهياراً في معظم مقوماتها، ما أدى إلى تحويل معظم مجتمعاتها إلى قبائل رحل.
دارة الملك عبدالعزيز نقلت الذاكرة إلى بداية تاريخ استخدام العملات في الحركة التجارية ومزاولة البيع والشراء وتبادل السلع، عادة "الطويلة" المسكوكة من النحاس أقدم عملة استخدمت على نطاق محلي في عهد الدولة السعودية الثانية، وقد عثر على إحداها في محافظة الهفوف وترجع لعام 757م، فيما كثر استعمال عملة "ريال ماريا تريزا" ويحمل صورة الملكة تريزا وهي إمبراطورة النمسا، في كل أنحاء الجزيرة العربية وهي أكثر شعبية من غيرها كونها من الفضة الخالصة.
وعرفت الدارة بعملة "الروبية الهندية" التي كانت سائدة في سائر مناطق الخليج والأحساء وفي وسط نجد، وانتشرت هذه العملة بين التجار خاصة الذين يتعاملون مع بلدان الخليج العربية، و"الجنيه الإنجليزي الذهبي" وكان يستخدم في الأحساء بشكل كبير متدرجة في استعراض التتابع التاريخي لوجود العملات، حيث تطورت النقود والنظام النقدي في المملكة العربية السعودية، عندما اعتمدت التعاملات النقدية على خليط من العملات الأجنبية مثل "الريال الفرنسي" والريال الفضي العثماني وذلك قبل عام 1344هـ الموافق 1926م .
وبعد عام 1344هـ الموافق 1926م اعتمد سك القرش الأميري من معدني النحاس والنيكل، وصدر في عام 1346هـ الموافق 1928م أول نظام نقد سعودي واعتماد الريال العربي الفضي عملة رسمية للبلاد ووقف التعامل بالريال العثماني، ثم سك في عام 1454هـ الموافق 1935م ريال فضي جديد يحمل اسم المملكة العربية السعودية، وبعدها في عام 1372هـ الموافق 1952م أنشئت مؤسسة النقد العربي السعودي.
وعرجت الدارة على الوضع النقدي للبلاد قبل دخول الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود - رحمه الله - مدينة الرياض عام 1319هـ الموافق 1902م، حيث كانت تعيش حالة التشتت والفوضى وضياع اللحمة والترابط، إلى أن دخل الملك عبدالعزيز مدينة الرياض، ليحل الأمن وتُبنى دولة مترامية الأطراف، وتوضع الأنظمة والقوانين التي تسير أمور الدولة سياسيًّا واقتصاديًّا عقب مسيرة التوحيد المظفرة لتصبح النقود أهم مظهر من مظاهر سيادة الدولة، ومن المقومات المهمة للحياة.
واستعرضت ما اشتهر من تلك النقود مثل "الريال المجيدي" نسبة إلى السلطان العثماني عبدالمجيد خان، و"البارات" وهي نقود من "الكوبر نيكل"، وتمثل في حقيقتها أجزاء للريال المجيدي، كذلك جرى تداول العديد من النقود الأخرى كالقروش المصرية ونقود بعض الدول المجاورة في الجزيرة العربية، ونقود دول شرق آسيا خاصة نقود الهند الشرقية، أو ما يعرف حاليًّا بـ إندونيسيا.
وعلى الرغم من تداول هذه النقود إلا أن ذلك يؤدي إلى عدم الاستقرار الاقتصادي، حيث حاجة السوق المحلية كانت تتطلب كميات أكبر من النقود، الأمر الذي دفع الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود - رحمه الله - إلى سك نقود تفي بحاجة السوق، فجرى سك كميات كبيرة من النقود النحاسية من فئة نصف القرش، وفئة ربع القرش، التي نقش على وجهها اسم الملك عبدالعزيز كاملًا "عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل السعود" على هيئة طغراء أو بالخط الطغرائي، وتاريخ سكها عام 1343هـ أما ظهر الفئتين فقد نقش عليها القيمة النقدية لكل منهما، ومكان سكها أم القرى.
وأفادت الدارة أنّ هذا الإصدار النقدي بفئتيه "نصف قرش، وربع قرش" أول الإصدارات السعودية النقدية، بل إنه نقد قانوني جرى التعامل به وفقًا للأوامر الصادرة آنذاك وما نقش عليه من عبارات لا تختلف في مضمونها عن أي نقد آخر.
وتحدثت الدارة حول طرح أول نقد سعودي حمل الاسم الجديد للدولة بعد توحيدها، وكان ذلك على الريال الفضي الجديد وأجزائه من فئة نصف الريال، وفئة ربع الريال، وذلك بعد أن تمكن الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، رحمه الله، من توحيد أجزاء البلاد المتناثرة وتحويل البلاد من مملكة الحجاز ونجد وملحقاتها إلى المملكة العربية السعودية، وتقرر استخدام لقب "ملك المملكة العربية السعودية" بدلًا من لقب "ملك الحجاز ونجد وملحقاتها"، ونظرًا لعدم وجود سلطة نقدية مركزية، تحكم وتنظم إصدارات الدولة من النقود التي كانت تسك خارج البلاد، وترد على دفعات، أو بشكل غير منتظم، فقد أدّى إلى تدني قيمة صرف الريال الفضي السعودي، كذلك أدى إلى حدوث فارق كبير لا يتمشى مع قيمة الريال كمعدن في السوق العالمية، الأمر الذي دفع بالعديد من الصيارفة إلى القيام بتهريبه خارج البلاد وبكميات كبيرة خاصة إلى أسواق الهند التي شكلت منطقة جذب لهم، وهنا رأى الملك عبدالعزيز أن البلاد بحاجة ماسة إلى وجود جهاز مصرفي يتولى إدارة دخل الحكومة الذي يشهد تناميًا مطردًا، بفضل الدخل المتزايد من الصادرات النفطية، كما يتولى تنظيم الأوضاع النقدية التي تعاني اضطرابًا كبيرًا، بسبب التقلبات الحادة لأسعار معدني الذهب والفضة، اللذين يشكلان العمود الفقري لعملة الدولة .
ورصدت حرص الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود - رحمه الله - على إنشاء مصرف وطني يتولى إصدار النقود السعودية وكانت مؤسسة النقد العربي السعودي التي تعد ثاني أقدم بنك مركزي في العالم العربي، وباشرت عملها في 14 / 1 / 1372هـ الموافق 4 / 10 / 1952م، ومقرها الرئيس جدة، وكان من المهام الأولى لها طرح الجنيه الذهبي السعودي واستكمال سك الريالات الفضية، حيث قامت بسك الريال الفضي الموسوم باسم الملك عبدالعزيز عام 1373هـ الموافق 1953م، وبذلك أصبحت عملة البلاد تصدر عن مؤسسة وطنية سعودية قادت منذ بداية تأسيسها وحتى اليوم المحافظة على قيمة الريال السعودي بين عملات دول العالم.
وأبانت الدارة أن المركز الرئيس للمؤسسة نقل من جدة إلى الرياض في أواخر عام 1398هـ، وكان الإصدار الأول للعملات النقدية الورقية الرسمية بموجب نظام النقد الصادر في المرسوم الملكي في عهد الملك سعود بن عبدالعزيز آل سعود - رحمه الله -، ثم طرح الإصدار الثاني من النقود الورقية في التداول بتاريخ 1387هـ الموافق 1968م، في عهد الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود - رحمه الله -، فالإصدار الثالث عام 1396هـ الموافق 1976م في عهد الملك خالد بن عبدالعزيز آل سعود - رحمه الله -، ثم الإصدار الرابع عام 1404هـ الموافق 1984م في عهد الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود - رحمه الله-، وعقب ذلك طرح الإصدار الخامس في عهد الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - رحمه الله - عام 1428هـ الموافق 2008م.
وفي عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - أطلقت مؤسسة النقد العربي السعودي، الإصدار السادس من العملة الورقية والمعدنية " ثقة وأمان"، ويتضمن الإصدار من العملات الورقية العديد من المعالم والصور التي تعكس الثوابت الدينية والتاريخية والتطورات الاقتصادية التي تحققت في المملكة، حيث تتصدر صورة مؤسس هذا الكيان العظيم الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود - رحمه الله - وجه أعلى فئات الإصدار الورقي وهي فئة الخمس مئة ريال، وكذلك على وجه أعلى فئات الإصدار المعدني وهي فئة الريالين، كما تضمن الإصدار صورة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود - حفظه الله - على وجه باقي فئات الإصدار الورقي، إضافةً لفئة الريال المعدني.
وتضمنت فئات الإصدار السادس من العملة الورقية عدة معالم وصور قيمة، روعي في تصميمه الجوانب الجمالية وذلك من خلال إضافةِ ألوان متناسقة وجذابة، وزخارف هندسية فريدة مستوحاة من التراث المعماري الإسلامي، أما من ناحية المواصفات الفنية ومستوى الأمان في الأوراق النقدية لهذا الإصدار، فقد حرصت مؤسسة النقد العربي السعودي على إنتاج ورق طباعة بمواصفات فنية عالية تواكب أحدث المستجدات في هذا المجال، وتساعد على إطالة عمرها الافتراضي.