ظاهرة فلكية تسجل لأول مرة.. قزم أبيض يومض ثم ينطفئ فجأة
استخدم فريق من علماء الفلك، يقوده باحثون من جامعة دورهام بالمملكة المتحدة، قمرًا صناعيًا مخصصا للبحث عن الكواكب، وذلك لرؤية نجم من الأقزام البيضاء يشهد ظاهرة غريبة تسجل لأول مرة، وهي أنه يومض ثم ينطفىء وميضه فجأة.
والأقزام البيضاء هي ما تصبح عليه معظم النجوم بعد أن تحرق الهيدروجين الذي يغذيها، وهي بحجم الأرض تقريبًا، لكن كتلتها أقرب إلى كتلة الشمس، والقزم الأبيض الذي لاحظه الفريق يتراكم أو يتغذى من نجم مرافق يدور حوله.
وخلال الدراسة المنشورة، الإثنين، في دورية "نيتشر أسترونومي"، استخدم الباحثون بقيادة جامعة دورهام بالمملكة المتحدة، القمر الصناعي الاستقصائي للكواكب الخارجية العابرة (تيس)، التابع لناسا لمراقبة هذا القزم، ليكتشفوا ظاهرة أنه يومض ثم يفقد السطوع في 30 دقيقة.
ويتأثر سطوع القزم الأبيض المتراكم بكمية المواد المحيطة التي يتغذى عليها، لذلك يقول الباحثون إن شيئًا ما يتداخل مع إمداداته الغذائية، ويأملون أن يساعدهم هذا الاكتشاف في معرفة المزيد عن الفيزياء الكامنة وراء التراكم، حيث تتغذى أجسام مثل الثقوب السوداء والأقزام البيضاء والنجوم النيوترونية على المواد المحيطة من النجوم المجاورة.
ويقع النظام الثنائي للقزم الأبيض "تي دبليو بيكتوريس"، والذي يحوي هذه الظاهرة النادرة، على بعد حوالي 1400 سنة ضوئية من الأرض، ويتكون هذا النظام من قزم أبيض يتغذى من قرص تراكم محيط، حيث يتغذى بالهيدروجين والهيليوم من نجمه المرافق الأصغر، عندما يأكل القزم الأبيض- أو يتراكم- يصبح أكثر إشراقًا.
وباستخدام تفاصيل الرصد الدقيقة التي قدمها القمر الصناعي "تيس"، والتي تُستخدم عادةً للبحث عن كواكب خارج نظامنا الشمسي، شهد الفريق البحثي بقيادة جامعة دورهام هبوطًا مفاجئًا وارتفاعات في السطوع لم يسبق لها مثيل في قزم أبيض متراكم في نطاقات زمنية قصيرة (30 دقيقة تقريبا).
ونظرًا لأن تدفق المواد إلى قرص تراكم القزم الأبيض من النجم المرافق له ثابت نسبيًا، فلا ينبغي أن يؤثر بشكل كبير على لمعانه في مثل هذه الفترات الزمنية القصيرة، لذلك يعتقد الباحثون أن ما يشهدونه يمكن أن يكون إعادة تشكيل المجال المغناطيسي لسطح القزم الأبيض، فأثناء وضع التشغيل، عندما يكون السطوع عالياً، يتغذى القزم الأبيض من قرص التراكم كما هو معتاد، وفجأة ينطفئ النظام وينخفض سطوعه.
ويقول الباحثون إنه عندما يحدث هذا، فإن المجال المغناطيسي يدور بسرعة كبيرة لدرجة أن حاجز الطرد المركزي يوقف الوقود من قرص التراكم الذي يسقط باستمرار على القزم الأبيض.
وخلال هذه المرحلة، يتم تنظيم كمية الوقود التي يستطيع القزم الأبيض أن يتغذى عليها من خلال عملية تسمى البوابة المغناطيسية.
وفي هذه الحالة، ينظم المجال المغناطيسي الدوار للقزم الأبيض مرور الوقود عبر "بوابة" إلى قرص التراكم، مما يؤدي إلى زيادات صغيرة شبه منتظمة في السطوع التي يراها علماء الفلك، وبعد مرور بعض الوقت، يتم "تشغيل" النظام بشكل متقطع، ويزداد السطوع مرة أخرى إلى مستواه الأصلي.
ويقول المؤلف الرئيسي الدكتور سيمون سكارينجي، من مركز علم الفلك خارج المجرة في جامعة دورهام بالمملكة المتحدة، في تقرير نشره الموقع الإلكتروني للجامعة، بالتزامن مع نشر الدراسة: "إن الاختلافات في السطوع الملحوظة في الأقزام البيضاء المتراكمة تكون بطيئة نسبيًا بشكل عام، وتحدث في فترات زمنية تتراوح من أيام إلى شهور".
ويضيف: "إن رؤية سطوع القزم الأبيض بنظام (تي دبليو بيكتوريس) ينخفض في 30 دقيقة هو بحد ذاته أمر غير عادي لأنه لم يسبق رؤيته في الأقزام البيضاء المتصاعدة الأخرى، وهو أمر غير متوقع تمامًا من فهمنا للكيفية التي من المفترض أن تتغذى بها هذه الأنظمة من خلال قرص التراكم".