الصيد على ضفاف المتوسط.. عادة رمضانية تاريخية في تونس
صيد السمك بالسنارة على ضفاف المتوسط، هي عادة دأب عليها شباب منطقة "حلق الوادي" لتمضية وقت الصيام منذ بداية القرن العشرين.
لكل ثقافة طريقتها في الاحتفال بالشهر الكريم، و لكل فرد منهجه في تمضية وقت الصيام في ساعات النهار، فهناك من يختار القراءة وسيلة لذلك، ولكن هنالك أيضًا من يسلك طريقه إلى البحر للبحث عن الصيد الثمين، والبحث عن خلوة لمخاطبة الأمواج في أجواء مفعمة بالشاعرية.
وعلى الرغم من أن الحجر الصحي الشامل يفرض نفسه واقعا على التونسيين في البلاد، فإن عددا من العادات المرتبطة بالشهر الكريم دافعت عن نفسها وحافظت على استمرارها رغم تعالي المخاوف من "كورونا".
ويختار العشرات من الشباب التوجه كل يوم إلى منطقة "حلق الوادي" الواقعة على ضفاف المتوسط في الضاحية الشمالية من العاصمة تونس، لصيد أجود أنواع الأسماك.
وفي محصلة يوميات الصيد، يظفر كل شخص بما تتيحه رمية "السنارة"، وكأنها لعبة النرد، فهناك من يظفر بالأسماك الملكية، وهناك من يظفر بالأسماك الشعبية إلا أن نكهة خاصة تجمع مئات الشباب كل سنة وتعيد هذه الاحتفالية بشكل تلقائي.
إن صيد السمك بالسنارة على ضفاف المتوسط، هي عادة دأب عليها شباب منطقة "حلق الوادي" لتمضية وقت الصيام منذ بداية القرن العشرين، وتوسعت في السنوات الأخيرة لتكون "ملاذا" لمتساكني العاصمة التونسية.
ويقول قيس بحيرة، رئيس نادي الصيادين الهواة في تونس، لـ"العين الإخبارية": "إن هواية الصيد تتكثف في الشهر الكريم حتى لمن ليس لهم ارتباط بصيد الأسماك طيلة أيام السنة"، لافتاً إلى أن هذه العادة الرمضانية الخاصة بأهالي المنطقة كانت تجمع ديانات أخرى وشخصيات يهودية ومسيحية.
وتابع: كل صياد يلاحق يوميا قوت يومه من خيرات البحر، حتى أن الأطباق الرمضانية لأهالي حلق الوادي لا تخلو في كل موعد للإفطار من مختلف الأنواع السمكية المشهورة في المنطقة.
وتمثل "حلق الوادي" في الذاكرة الجمعية التونسية نقطة الربط بين قرطاج والمدينة العتيقة التونسية، وهي في كل جسر للتعايش بين مختلف الأديان.
ويعتقد عبد المجيد العلوي أستاذ التاريخ، أن علاقة أهل حلق الوادي بالبحر والصيد، هي علاقة مستمدة من العادات الإيطالية وخاصة مدينة "صقلية".
ويقول لـ"العين الاخبارية": "إن حلق الوادي التونسية كانت تسمى "صقلية الصغيرة" نظرا لارتباط أهلها بالبحر، وانغماس ثقافتها في التعايش السلمي بين الأديان.
وعلى الرغم من أن فيروس كورونا قلب موازين العالم، وضرب نسق الحركة في أكثر من بلد، فإن عشاق الصيد في تونس كسروا حواجز الفيروس الملعون للاستمتاع بالبحر في أبعاده الجمالية والحياتية.
aXA6IDE4LjIxOS4yMzEuMTk3IA== جزيرة ام اند امز