تثبيت سعر الفائدة.. كيف يؤثر قرار البنك المركزي على الاقتصاد المصري؟
قرر البنك المركزي المصري الخميس الموافق 18 مايو/أيار 2023 الإبقاء على معدلات العائد الرئيسية.
وقررت لجنة السياسة النقدية للبنك المركزي في اجتماعها، الخميس، تثبيت سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي عند مستوي 18.25%، 19.25% و18.75% على الترتيب. كما تم الإبقاء على سعر الائتمان والخصم عند مستوي 18.75%.
وأوضحت اللجنة في بيانها، أنه على الصعيد العالمي، تراجعت توقعات الأسعار العالمية للسلع مقارنةً بالتوقعات التي تم عرضها على لجنة السياسة النقدية في اجتماعها السابق. كما تراجعت حدة الضغوط التضخمية العالمية نتيجة عدة عوامل منها تقييد السياسات النقدية من جانب العديد من البنوك المركزية، وانخفاض الأسعار العالمية للبترول، بالإضافة إلى تراجع حدة الاختناقات في سلاسل الإمداد العالمية. وفي ذات الوقت، استقرت التوقعات الخاصة بمعدلات نمو الاقتصاد العالمي، كما تراجعت حدة التقلبات في الأوضاع المالية للاقتصادات المتقدمة مقارنةً بما تم عرضه على لجنة السياسة النقدية في اجتماعها السابق.
وعلى الصعيد المحلي، سجل معدل نمو النشاط الاقتصادي الحقيقي 3.9% خلال الربع الرابع من عام 2022 مقارنةً بمعدل نمو بلغ 4.4% خلال الربع الثالث من ذات العام. وبالتالي، سجل النصف الأول من العام المالي 2022/2023 معدل نمو بلغ 4.2%.
وتوضح البيانيات التفصيلية للربع الثالث من عام 2022 أن النمو في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي جاء مدفوعاً بالنشاط الاقتصادي للقطاع الخاص، وخاصةً قطاعات السياحة والزراعة وتجارة الجملة والتجزئة. وبالإضافة إلى ذلك، تشير معظم المؤشرات الأولية إلى تباطؤ معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي خلال الربع الأول من عام 2023.
وقد اتسقت التطورات الأخيرة في معدل نمو السيولة المحلية (M2) مع المؤشرات الأولية لتباطؤ معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي، حيث انخفض معدل نمو السيولة المحلية في شهر مارس/آذار 2023. ومن المتوقع أن يتباطأ معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي خلال العام المالي 2022/2023 مقارنةً بالعام المالي السابق له، على أن يتعافى بعد ذلك. وفيما يتعلق بسوق العمل، سجل معدل البطالة 7.2% خلال الربع الرابع من عام 2022 مقارنةً بمعدل بلغ 7.4% خلال الربع الثالث من ذات العام، ويرجع ذلك بشكل أساسي إلى زيادة أعداد المشتغلين.
وتباطأ المعدل السنوي للتضخم العام في الحضر ليسجل 30.6% في أبريل/نيسان 2023 مقارنةً بمعدل بلغ 32.7% في مارس/آذار 2023، مسجلاً أول تراجع له منذ يونيو/حزيران 2022. كما تباطأ المعدل السنوي للتضخم الأساسي للشهر الثاني على التوالي، مسجلاً 38.6% في أبريل/نيسان 2023، وذلك بعد وتيرة تصاعدية استمرت منذ منتصف عام 2021. ويرجع هذا التباطؤ في معدلات التضخم إلى التأثير الإيجابي لفترة الأساس بشكل رئيسي، وكذلك انحسار أثر صدمات العرض (مثل اختلالات سلاسل الإمداد المحلية وتأثيرها على أسعار السلع الغذائية الأساسية)، بالإضافة إلى تداعيات تطورات سعر صرف الجنيه المصري على معدلات التضخم.
وتشير المؤشرات الحالية إلى اتساق التوقعات بدرجة كبيرة مع البيانات التي تم عرضها على لجنة السياسة النقدية خلال اجتماعها السابق. وستواصل اللجنة تقييم أثر السياسة النقدية التقييدية التي تم اتخاذها- وتحديداً رفع أسعار العائد بمقدار 1000 نقطة أساس منذ مارس 2022 ورفع نسبة الاحتياطي النقدي الالزامي بمقدار 400 نقطة أساس في سبتمبر/أيلول 2022- لاحتواء الضغوط التضخمية وفقاً للبيانات الاقتصادية الواردة خلال الفترة القادمة. وفى ضوء ما تقدم، قررت اللجنة الإبقاء على أسعار العائد الأساسية لدى البنك المركزي المصري دون تغيير.
هذا، وتؤكد اللجنة أن مسار أسعار العائد الأساسية يعتمد على معدلات التضخم المتوقعة وليس معدلات التضخم السائدة وأن الحفاظ على الأوضاع النقدية التقييدية يعد شرطاً أساسياً لتحقيق معدلات التضخم المستهدفة والبالغة 7% (± 2 نقطة مئوية) في المتوسط خلال الربع الرابع من عام 2024 و5% (± 2 نقطة مئوية) في المتوسط خلال الربع الرابع من عام 2026. وستتابع اللجنة عن كثب المخاطر المحيطة بالتضخم التي قد تنجم عن إضطرابات سلاسل الإمداد وكذا التوترات الجيوسياسية وغيرها من العوامل. كما ستتابع كافة التطورات الاقتصادية ولن تتوانى عن تعديل سياستها من أجل تحقيق هدف استقرار الأسعار.
تداعيات تثبيت الفائدة على الاقتصاد
ومن جانبه، قال الدكتور محمد عبدالرحيم الخبير المصرفي في تصريحات خاصة لـ "العين الإخبارية"، إن قرار المركزي المصري بتثبيت سعر الفائدة اليوم، جاء بالتزامن مع تباطؤ معدلات التضخم خلال أبريل/نيسان الماضي، إضافة إلى استبعاد أي تحرك في سعر صرف الدولار في السوق خلال الفترة الماضية
وأضاف أن قرار تثبيت سعر الفائدة سيؤدي إلى استقرار الأوضاع في البنوك فيما يخص أسعار الفائدة على القروض والودائع، موضحًا أن سعر الفائدة في البنوك مرتبط بقرار تحديد المركزي باعتباره أداة الدليل في البنوك الحكومية والخاصة والشركات العاملة في القطاع المصرفي المصري.
وأكد الخبير المصرفي أن البنك المركزي المصري تجنب رفع سعر الفائدة، لأنة يكلف الدولة أكثر من 20 مليار جنيه عند رفع 1%، نظرا لارتفاع قيمة الديون التي تأخذها الدولة المصرية من الخارج، لأنها تتعامل بالدولار وليس الجنيه المصري.
كان الدكتور محمد معيط وزير المالية أكد في وقت سابق، أن ارتفاع سعر الفائدة بمقدار 1% سيرفع حجم الدين في الموازنة بمقدار 70 مليار جنيه.
بينما اعتبر الدكتور أحمد شوقي الخبير المصرفي، أن قرار تثبيت سعر الفائدة يضمن عدداً من التأثيرات الإيجابية على الاقتصاد المصري ، حيث تستقر تكلفة التمويل، ومن ثم دفع عجلة الاستثمار والتنمية، خلافًا إلى عدم تحمل الموازنة العامة للدولة بفوائد وديون اضافية تصل إلى 70 مليار جنيه مصري عن كل 1% رفع في سعر الفائدة .
وأشار الخبير المصرفي إلى أن تثبيت سعر الفائدة وسط تراجع معدلات التضخم لشهر أبريل/نيسان الماضي، خاصة مع زيادة المصانع التي تم افتتاحها خلال الفترة، التي تهدف إلى زيادة الإنتاج وتقليل الاستيراد، سيساهم في ضخ الاستثمارات وزيادة معدلات النمو الاقتصادي، فضًلا عن تلاشي نسب الركود.
وأضاف الخبير المصرفي أن قرار البنك المركزي بتثبيت الفائدة سينعكس ايجابيًا على البورصة، نظرًا لأنه سيساهم في حدوث أريحية لنشاط البورصة للاستثمار المباشر، وذلك بالتزامن مع الطروحات الحكومية التي أعلن عنها رئيس الوزراء في بداية العام الماضي.
وأكد الخبير المصرفي أن الأزمة التضخمية التي تمر بها الدولة، ليست أزمة ناتجة عن زيادة الطلب، بل ناتجة عن ارتفاع تكاليف الانتاج خاصة في سلاسل الإمداد وأسعار الطاقة.