مشغل حياكة الحرير في فلورنسا.. حارس إرث ليوناردو دا فينشي
في هذا المشغل تُخيّط أقمشة وقطع من الدانتيل وشرائط أنيقة تشبه الطابع الراقي لفلورنسا، وتتراوح الأسعار بين 200 يورو و1500 للمتر
تشكل الذكرى المئوية الـ5 لوفاة ليوناردو دا فينشي العام المقبل مناسبة لأحد أقدم محترفات نسج الحرير في أوروبا في قلب مدينة فلورنسا الإيطالية، للتعريف بإحدى الآلات الكثيرة التي اخترعها هذا العبقري من زمن النهضة.
- هدية للعالم.. اللوفر أبوظبي يعرض لوحة ليوناردو دافينشي"سلفاتور مُندي"
- أعمال ليوناردو دافينشي تستعيد الحياة في معرض جديد
وفي مشغل "لانتيكو سيتيفيتشو فيورنتينو" بحي سان فرديانو التاريخي، لا تزال أنوال تقليدية، يعود تاريخها إلى سنوات القرن الـ17 إلى الـ19، تنسج خيوط الحرير الثمينة.
غير أن التحفة الأبرز في الموقع الذي شيد العام 1786، ويحمل رمزية كبيرة بين محترفات فلورنسا، هي آلة صممها قبل خمسة قرون ليوناردو دا فينشي (1452 - 1519)، وتستخدم لسحب الخيوط من لفائفها ووضعها على المنسج.
وتوضح الموظفة في المشغل بياتريس فاتسيني: "هذا مغزال مصنوع في نهاية القرن الـ17 بحسب المخططات الأصلية للمعلم (دا فنشي)، ولا نزال نصنع حتى اليوم مزركشات باستخدام هذه القطعة الخشبية العمودية بالكامل".
هذه القطعة تتخطى كونها مجرد أداة، إذ تشكل تحفة فنية تستخدم في تحضير الخيوط قبل وضعها على المنسج، بحسب تقنية سرية توارثتها عائلات النبلاء في فلورنسا منذ قرون.
وتُخيّط في هذا المشغل، الذي اشترته في 2010 عائلة المصمم الإيطالي ستيفانو ريتشي، أقمشة وقطع من الدانتيل وشرائط أنيقة تشبه الطابع الراقي لفلورنسا خلال عصر النهضة.
وخلال حكم عائلة ميديشي الثرية، المؤلفة من تجار احترفوا الأعمال المصرفية في عصر النهضة، عرفت صناعة النسيج أيامها الذهبية على ضفاف نهر أرنو.
من إيطاليا إلى العالم
وتزين بعض المنسوجات الفاخرة المنتجة في مشغل "أنتيكو سيتيفيتشو فلورنتينو" القصور الجمهورية في إيطاليا (القصر الرئاسي ومجلس الشيوخ)، فضلا عن مقار ملكية في بلدان عدة بينها الدنمارك وأيضا في الكرملين في موسكو.
ويضم المشغل خصوصا بين زبائنه الحاليين والسابقين شخصيات بارزة، بينها البابا فرنسيس ومغنيا الأوبرا ماريا كالاس وأندريا بوتشيلي.
وتوضح مهندسة الديكور والمسؤولة في القطاع التجاري بريزا داتي: "هذا متحف ومصنع أيضا".
ويضم المشغل حصرا حرفا يدوية تتبع وتيرة عمل الحائك، "وتحمل بصمة العائلة التي كانت تنتمي إليها في الماضي"، وفق داتي.
وتشير سيمونا بوليميني، 26 عاما، العاملة في المشغل، والتي تدربت في مدرسة الحياكة في فلورنسا: "كل منسوجة يجب أن يحيكها الشخص عينه بوتيرة محددة لا تتغير خشية ظهور عيوب".
العمل في متحف
وتحفظ الرسوم والزخرفات المستخدمة في حياكة المنسوجات بعناية كبيرة في قسم المحفوظات التاريخية في المشغل.
ومن بين الأنسجة المصنعة في المشغل التاريخي هناك، قطع من البروكار الدمشقي وحرير التفتا مع زخرفات على شكل ورود أو أشكال هندسية، وتتراوح أسعار هذه القطع الفريدة بين 200 يورو و1500 للمتر الواحد.
ويعمل في المشغل نحو 15 امرأة، وهن يفاخرن بالامتياز الممنوح لهن بصنع هذه الأنسجة الثمينة من الحرير، وأيضا من الكتان والقطن، والتي ألهمت فنانين كثيرين وكان يستخدمها الملوك والأباطرة.
وتقول سيمونا بوليميني: "أنا محظوظة لكوني أعمل هنا وسط مناسج عائدة لقرون عدة خلت، لكني لا أشعر أني في متحف بل في بيئة خاصة".
ويفتح المشغل أبوابه لمجموعات من التلامذة والسياح عند الطلب من دون وقف الإنتاج.
aXA6IDMuMTQ1LjE1NC4yNTEg جزيرة ام اند امز