هدية للعالم.. اللوفر أبوظبي يعرض لوحة ليوناردو دافينشي"سلفاتور مُندي"
اللوحة كانت مدرجة في مجموعة الملك تشارلز الأول
اللوفر أبوظبي يعرض لوحة دافنشي يوم 18 سبتمبر.. تاريخها يعود لأكثر من 500 سنة، وستغير من سيناريو العرض المتحفي لمتحف اللوفر أبوظبي.
أعلنت دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي أنه سيتمّ الكشف عن لوحة "سلفاتور مُندي"، منقذ العالم، للفنان العالمي ليوناردو دافنشي، في اللوفر أبوظبي يوم 18 سبتمبر (أيلول) من هذا العام، والتي تم اقتناؤها من قبل دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي العام الماضي.
وتمثّل هذه اللوحة أحدث إضافة فنية إلى مجموعة المقتنيات الثقافية الخاصة بإمارة أبوظبي، وتعود أهمية وشهرة هذا اللوحة الفنية إلى كونها واحدة من أقل من 20 لوحة معروفة لأهم رسامي النهضة الإيطالية، وآخر عمل فني يتم اقتناؤه لأشهر فنان في التاريخ.
وقال رئيس دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي، محمد خليفة المبارك: "تعكس لوحة سلفاتور مُندي جوهر السرد المتحفي للوفر أبوظبي، وكذلك مهمة أبوظبي في نقل رسائل التسامح والسلام وقبول الآخر إلى سائر العالم، وهي فرصة لقاطني أبوظبي وزوارها من جميع أرجاء العالم لمشاهدة تلك التحفة الفنية التي تتمتع بقيمة ثقافية عالمية كبيرة هنا في اللوفر أبوظبي، فبعد أن كانت بعيدة عن الأنظار لفترة طويلة في ملكية خاصة، فإننا نعيد تقديمها اليوم هدية من أبوظبي للعالم، لتصبح بذلك ملكاً لكل من سيحظى بفرصة الوقوف أمامها وتقدير إبداع وبراعة ليوناردو دافينشي".
وأضاف: "كان دافنشي عبقريا حقيقياـ ومن بين أكثر الفنانين نفوذاً في التاريخ، ولا يقتصر الأثر الذي تركه في عالم الفن فحسب بل في مجال العلوم أيضًا، فقد تجاوزت نباغته ونزعته الفنية الحدود الجغرافية والزمنية، فضلاً عن جرأته في الخروج عن المعتاد والتقليدي وطرح أفكار ومعايير فنية جديدة ومبتكرة آنذاك، ملهماً بذلك أجيالاً من الفنانين من بعده. وحتى يومنا هذا، لا يبدو أنه يوجد أي اسم آخر يرمز لعصر النهضة ويجسّد جوهره مثل اسم ليوناردو دا فنشي".
وتعتبر لوحته سلفاتور مُندي فصلاً مهماً في تاريخ الفن، فهي تقدم رؤية شاملة لإبداعاته باعتباره أحد أهمّ الفنانين في التاريخ، إضافة إلى أنها ستلعب دوراً محورياً في السرد المتحفي للوفر أبوظبي لما تجسده من لحظة تحول فارقة في تاريخ الفن، أسهمت في إنارة الطريق للمجتمع في ذلك العصر؟
قيمة اللوحة التاريخية والفنية:
ويعود تاريخ لوحة "سلفاتور مُندي" لما يزيد عن 500 سنة (1490-1515)، وهي لوحة زيتية رُسمت على خشب الجوز تصوّر المسيح كمنقذ للعالم، وهو يواجه المشاهد، فيما يرتدي ثوباً باللون الأزرق السماوي والقرمزي، ويمسك بيده اليسرى كرة زجاجية فيما يشير بيده اليمنى إلى إشارة النعمة كما لو أنه يبارك بكل مشاهد يزوره، ويُعتقد أنّ اللوحة تجمع بين لوحتي الفنان الشهيرتين "لابيل فرونيير" المعروضة حالياً في متحف اللوفر أبوظبي و"موناليزا" المعروضة في متحف اللوفر الباريسي بطريقة معاصرة.
ويعتبر ليوناردو دافنشي اليوم الرمز الأبرز لعصر النهضة، ففضوله اللامتناهي عادل قدرته على الإبداع، وعبقريته كمنت في جمعه بين عشرات العلوم بما فيها علم التشريح والجيولوجيا والرياضيات والهندسة والمسرح والبصريات وغيرها الكثير. ففي لوحة "سلفاتور مُندي"، تظهر خبرة دافنشي في البصريات واضحة من خلال رسمه للكرة الزجاجية بدقة علمية جميلة، حتى إنه تظهر على الجزء السفليّ الأيمن منها ثغرات دقيقة ذات أشكال غير متساوية كالتي تميّز البلّور.
ومن جهته، قال وكيل دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي سعيد غباش: "ما زالت لوحة "سلفاتور مُندي" التي يتجاوز عمرها 500 عام تتمتع بحضور لافت، وتتميّز بغموضها الذي يكتنف أعرق أعمال ليوناردو دافينشي. لقد ترك الفنان بصفته أحد أعظم الرسامين والمفكرين في التاريخ بصمته في مجالات عدة صاغت شكل العالم الحديث، وتلعب أعماله بالتالي دوراً مهماً في تعزيز السرد المتحفي لمتحف اللوفر أبوظبي التي تلخّص تاريخ البشرية عبر الفن. وسيتسنّى لنا ترسيخ لحظة مهمة في التاريخ تركتها لنا عبقرية دافنشي المبدعة من خلال عرض هذه الأيقونة، ومشاركتها مع العالم لإلهام الأجيال القادمة والقادة الثقافيين ورواد الفكر على مر العصور".
اللوحة الأغلى في العالم والأكثر مشاهدة
وتعتبر لوحة "سلفاتور مندي" من أهمّ الاكتشافات الفنية في التاريخ الحديث؛ إذ أنها الاكتشاف الأول للوحة من رسم الفنان ليوناردو دافنشي منذ عام 1909، حين نُسبت لوحة "بينوس مادونا" الموجودة حالياً في متحف "إرميتاج" في سانت بطرسبورج إليه، وقد أثار الكشف عن العمل الفني قبل بيعه في مزاد كريستيز في نيويورك اهتماماً عالمياً. ويشار إلى أنّ أكثر من 27 ألف شخص شاهد اللوحة خلال جولتها عبر هونج كونج ولندن وسان فرانسيسكو ونيويورك، مسجلةً بهذا رقماً قياسياً من حيث عدد مشاهدات العمل الفني الفرديّ قبل بيعه وفقاً لدار كريستيز للمزادات.
ويرجح بأن اللوحة قد تم إنجازها للعائلة الملكية الفرنسية قبل أن تشتريها الملكة هنرييتا ماريا لإنجلترا عندما تزوّجت الملك تشارلز الأول، وكانت مدرجة في مجموعة الملك تشارلز الأول (1600-1649) إذ سُجّلت في لائحة مخزونات المجموعة الملكية.
وأعيد اكتشاف لوحة "سلفاتور مُندي" التي اعتُقد أنها أتلفت عام 2007، عندما جرى ترميمها على يد دايان دواير مودستيني، الخبيرة والباحثة الكبيرة في برنامج "كريس" لصون اللوحات في معهد الفنون الجميلة في جامعة نيويورك.
ومنذ إكمال مرحلة الترميم الأولى عام 2007، درست جهات مختصة بالفنان ليوناردو دافنشي اللوحة ونسبتها بشكل لا لبس فيه إلى أهمّ رسام في عصر النهضة وأحد أبرز رموز تاريخ الفنّ.