هذه الجريمة التي ارتكبها المدعو محمد الشمراني، الذي تبرأت منه عائلته وبلدته والشعب السعودي كله بمختلف فئاته، لا يمكن وصفها إلا بالبشعة
الجريمة الغريبة والمستهجنة وقعت في قاعدة تابعة للبحرية الأمريكية في منطقة بنساكولا بولاية فلوريدا الأمريكية مؤخراً وأودت بحياة ثلاثة عسكريين أمريكيين وتورط فيها عنصر في القوات الجوية السعودية، أُرسل للولايات المتحدة للتدريب العسكري.
إن جريمة بنساكولا الإرهابية هي تذكير بخطورة التطرف الفردي الكامن لدى بعض الأفراد، والذي قد يورط حكومات وشعوبا بأكملها في مشكلات وإشكاليات لا علاقة لها بها، كونها جرائم فردية تحدث في أي مكان ولا علاقة لها بدين مرتكبها ولا جنسيته ولا هويته
هذه الجريمة التي ارتكبها المدعو محمد الشمراني، الذي تبرأت منه عائلته وبلدته والشعب السعودي كله بمختلف فئاته، لا يمكن وصفها إلا بالبشعة، ليس فقط لأنها استهدفت أبرياء دون وجه حق، ولكن أيضاً، وهذا هو الأهم، لأنها أضرت بوطنه الذي أنفق عليه وأرسله لكي يتدرب ويكون عنصرا من عناصر قواته المسلحة الباسلة، وأساءت إلى أبناء شعبه وإلى المسلمين جميعاً، بل وإلى الدين الإسلامي ذاته الذي يتستر هذا الشخص وغيره من المتطرفين بعباءته، وهو من أعمالهم وأفكارهم بريء.
هذه الجريمة تعيد التأكيد مجدداً على أهمية تعزيز الجهود الرامية إلى مواجهة الفكر المتطرف، لا سيما الكامن منه، فالمتطرفون الكامنون هم أكثر خطراً على دولهم من المتطرفين الظاهرين الذين يمكن ملاحقتهم وتعقبهم، لأنه يصعب اكتشافهم، ومن ثم التعامل معهم سواء بالأساليب الأمنية أو بالأساليب الفكرية والدينية.
وهذه المشكلة تعاني منها جميع دول العالم بلا استثناء. كما أن بعض الأشخاص قد يكونون طبيعيين ثم يتحولون فجأة نتيجة لأي سبب إلى أشخاص متطرفين، أو يتم استغلالهم من قبل أطراف أخرى لها أهداف مشبوهة لتنفيذ أجندات معينة تضر بالدولة التي ينتمون إليها أو بعلاقاتها مع الدول الأخرى.
وهذا السلوك الفردي الشاذ لا يقلل بحال من الأحوال من الجهود الكبيرة التي تبذلها المملكة العربية السعودية الشقيقة تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز "ملك الحزم والعزم"، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، الذي يقود أكبر عملية انفتاح وتحديث تشهدها المملكة في تاريخها الحديث، والتي ربما تثير حقد وغضب بعض الفئات التي لا تريد للمملكة وشعبها الخير والتقدم والازدهار.
فقد بذلت المملكة جهودا لا ينكرها إلا جاحد في مجال مكافحة التطرف والإرهاب، وهي قادت، وتقود، بفاعلية وحزم الجهود الإقليمية الرامية إلى التصدي للأفكار المتطرفة والجماعات المتطرفة والإرهابية والقوى التي تدعمها، كما تقوم بجهود جبارة من أجل مكافحة التطرف والأفكار المشبوهة في داخلها، وحققت نجاحات كبيرة في هذا الصدد، توجتها بإنشاء المركز العالمي لمواجهة الفكر المتطرف (اعتدال) الذي افتتحه الملك سلمان والرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي عام 2017.
الإدارة السعودية الحكيمة لهذه الجريمة الفردية أبطلت مفعول تأثيراتها السلبية المحتملة على العلاقات السعودية - الأمريكية وعلى صورة المملكة ودورها الكبير في مجال مكافحة التطرف والإرهاب، حيث أخذت المملكة بزمام المبادرة وسارعت إلى إدانة هذه الجريمة على كل المستويات الرسمية والشعبية، وأكدت بوضوح أن هذا السلوك الفردي الشاذ لا يمثل المملكة وشعبها، وقدمت كل أشكال التعاون مع الأجهزة الأمنية الأمريكية لكشف أسباب وملابسات هذا الحادث، وهو أمر أشادت به الإدارة الأمريكية، وسحب البساط من تحت أقدام الذين لا يريدون الخير للمملكة وشعبها الشقيق.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة