بعد صحوة 2023 الكبرى.. إلى أين تتجه أسعار الذهب في 2024؟ (شارك برأيك)
مرت أسعار الذهب بعام متذبذب سعريا بشكل واضح، في ظل صعود وهبوط مع ترقب البيانات الأمريكية ، ولاسيما الفائدة والتضخم وسوق التوظيف،
فضلًا عن تأثر المعدن النفيس بالتطورات الجيوسياسية المتعددة التي شهدتها الأشهر الماضي.
فمع كل ترقب لقرارات الفيدرالي الأميركي حول الفائدة كان الذهب يرتفع أو ينخفض وفقًا لتوقعات السوق لمدى إمكانية استمرار سياسة التشديد النقدي التي بدأها الاحتياطي الفيدرالي منذ مارس/آذار 2022، والتي شهدت رفع معدل الفائدة من 0.25% إلى 5.5%.
يشار إلى أن الفيدرالي الأمريكي أعطي تلميحات في نهاية 2023 إلى أن سياسة التشديد النقدي في سبيلها إلى الانتهاء، بل وربما يتجه البنك إلى تقليص سعر الفائدة مستقبلا، بما سيكون له أثره على أسعار الذهب مستقبلًا.
أسعار الذهب خلال 2023
شهد سعر الذهب تقلبات عنيفة، ولكن بقي الإتجاه العام النهائي صعودًا، حيث ارتفع سعر الذهب بنسبة 11% تقريبا بين مستواه في أول يناير 2023 وإغلاق 19 ديسمبر 2023، ولعل القمة السعرية التي بلغها في 4 ديسمبر 2023 ببلوغه 2150 دولارا للأوقية تعكس مدى الإقبال على شراء المعدن النفيس خلال العام.
فسعر الذهب وصل إلى مستوى متدني بسعر 1783 دولارا للأوقية في 19 ديسمبر 2022 وكان هذا هو أدنى سعر يسجله خلال عام قبل أن يسجل قمته السعرية بعدها بعام تقريبا بنسبة زيادة فاقت 20%.
وعلى الرغم من نهاية الذهب للعام مرتفعا إلا أن أنه سعره شهد تذبذبات عنيفة، فمثل في شهر وحد، وهو ديسمبر 2023، تخطى الذهب 2060 دولار للأوقية، إلا أنه عاد وأنخفض لمستوى دون 1960 دولارا في 11 ديسمبر قبل أن يعاود الارتفاع مرة أخرى.
وتعكس هذه التغيرات المتكررة في فترات زمنية قصيرة عمليات مضاربة كثيفة وفقًا لخبراء أسواق المال والمعادن النفيسة، في ظل تأثر المعدن الأصفر بعوامل كثيرة تجعل توقع سعره صعبًا للغاية وتجعل المضاربة عليه مجالا متسعًا وممكنًا.
مستقبل أسعار الذهب في 2024
ويتوقع المهندس لطفى المنيب، نائب رئيس شعبة الذهب والمجوهرات باتحاد الغرف التجارية في مصر، أن أسعار الذهب عالميا في طريقها للوصول إلى مستويات مرتفعة جديدة في 2024.
وفي حديثه لـ"العين الإخبارية"، برر المنيب اتجاه أسعار الذهب للصعود بسبب لجوء الفيدرالي إلى تثبيت سعر الفائدة، ما يرجح لجوء الناس إلى الاستثمار في الذهب.
ويعتقد المنيب أن لجوء الفيدرالي الأمريكي إلى تثبيت سعر الفائدة مؤشرا لانخفاضها بمثابة محرك إيجابي لزيادة أسعار الذهب خلال الربع الأول من العام المقبل على الأقل .
وأوضح نائب رئيس شعبة الذهب والمجوهرات باتحاد الغرف التجارية في مصر، أن انخفاض سعر الفائدة سيؤثر على الدولار ويتسبب في إضعافه، وهو ما يفسح المجال أمام مزيد من الارتفاع في سعر الذهب.
كان مجلس الاحتياطي الاتحادي (المركزي الأمريكي) أبقى أسعار الفائدة دون تغيير، وأشار إلى أن التشديد التاريخي للسياسة النقدية على مدار العامين الماضيين ربما وصل إلى نهايته وأن أسعار الفائدة ستبدأ في التراجع في 2024.
وتضع الفائدة المنخفضة في الولايات المتحدة ضغوطا على الدولار وعوائد السندات، وتحوم عوائد سندات الخزانة الأمريكية لأجل عشر سنوات قرب أدنى مستوياتها منذ يوليو/ تموز.
وفي هذا الإطار فإن الأزمات السياسية التي تظل في الأفق تدفع لاستقرار أسعار الذهب أو ارتفاعها، ذلك لأن استمرار حربي غزة وإسرائيل وروسيا وأوكرانيا لمدة أطول تعني حتمية استمرار لجوء الناس لشراء الذهب كملاذ آمن لمدخراتهم، وبقانون العرض والطلب فإن كثرة الشراء ستؤدي إلى ارتفاع الأسعار.
وبمفهوم المخالفة فإن أي هدوء في النزاعات السياسية سيلقي بدوره على تحسين مناخ الاستثمار في كافة المجالات على حساب التخلي عن الحذر والتحوط في الذهب وبالتالي سيؤدي إلى انخفاض سعر الذهب بالتبعية.
المستوى المقبل للذهب 2300 دولار
ومن جانبها، تتوقع شركة "ويزدم تري" للتداول المالي وإدارة الثروات أن يتخطى سعر الذهب 2300 دولار للأوقية، أي أن يرتفع بنسبة 15% تقريبا عن مستوياته الحالية، لاسيما في ظل استمرار المخاوف المتعلفة بالركود في الاقتصاد الأميركي وبالديون في الاقتصاد الصيني، وهما اأكبر قوتين اقتصاديتين في العالم.
وترجع الشركة أن الأسباب التي أدت لارتفاع الذهب، وفي مقدمتها التوترات الجيوسياسية ستبقى متواصلة العام المقبل على الأقل، مع زيادة قدر من الاستقطاب في التجارة العالمية أيضًا، وتراجع نسبي في التجارة الحرة، وكل هذا يصب في مصلحة التحوط بشراء المعادي النفيسة وليس التوسع في الاستثمار، بما يدعم ارتفاع سعر الذهب.
والشاهد أن صعود الذهب سيشهد مستويات مقاومة كالمعتاد، ولكن من المنتظر أن تتسبب تضافر عدد من العوامل في تخطي هذه المستويات بشكل أسرع من المعتاد، بما سيسمح للذهب بالمزيد من الارتفاع سعريًا، ما لم تحدث مفاجآت غير منتظرة حاليًا بتراجع التوترات الجيوسياسية وخاصة في أوروبا، وهدوء التورات الأميريكية- الصينية، وتجاوز مخاوف الركود والتضخم.
كما أن التوجه المتصاعد من عدد من البنوك المركزية لتنويع احتياطاها بصورة أكبر بما يشمل شراء الذهب من شأنه أن يسهم في مواصلة الذهب لاتفاع أسعاره خلال عام 2024، في ظل تدعيم دول أوروبية وروسيا وبعض الدول النامية لهذا التوجه مرخرا.