خبيرة في النظم الغذائية: نحتاج إلى أنظمة مستدامة لمواجهة تغير المناخ
نيكول بيتا: المزارعون أصحاب الحيازات الصغيرة الأكثر تضررا بتغير المناخ
في السنوات الأخيرة، ظهر تأثير تغير المناخ بوضوح على الأمن الغذائي في العالم، وازدادت نسبة الجوع بشكل لافت في مناطق عديدة، ممّا يستدعي ضرورة العثور على حلول لتأمين الغذاء والتكيف مع تغير المناخ.
"العين الإخبارية" حاورت نيكول بيتا، مديرة بمؤسسة "فريق الخبراء الدولي المعني بالنظم الغذائية المستدامة"، وهي منظمة عالمية تضم العديد من المهتمين بالأنظمة الغذائية المستدامة، والتي ستساعد على مواجهة آثار تغير المناخ .
وإلى نص الحوار:
كيف يؤثر تغير المناخ على غذاء العالم ويزيد من الجوع والفقر؟
تؤدي موجات الحر المتزايدة، وفترات الجفاف والفيضانات إلى التأثير الشديد على الزراعة ونقص المحاصيل، وهو ما ينتج عنه تعرض الملايين من الناس في العالم لانعدام الأمن الغذائي الحاد والفقر، وللأسف تكون البلدان الأكثر فقراً في الجنوب العالمي والمزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة هم أول وأشد المتضررين من تغير المناخ، رغم أنهم لم يتسببوا في هذه الأزمة.
ببساطة، لا تمتلك أفقر بلدان العالم الموارد اللازمة لاتخاذ الإجراءات العاجلة لتحويل أنظمتها الغذائية وبناء القدرة على التكيف مع تغير المناخ، وهذا يعود أيضاً إلى أنها لم تحصل على التمويل المناخي الكافي الذي يساعدها على تحقيق ذلك، إضافة إلى أنها مضطرة إلى سداد ديون ضخمة، وبالتالي ينتهي الأمر بهذه البلدان إلى استيراد المواد الغذائية الأساسية والمعاناة من ارتفاع أسعارها بشكل مستمر
باختصار، هذه البلدان عالقة في حلقة مفرغة من الفقر، والديون، والجوع، وتغير المناخ ، ولا بد ان نعثر على حلول لكسرها
ماذا نعني بالنظم الغذائية المستدامة؟
النظم الغذائية المستدامة هي أنظمة توفر أنواع مغذية من الطعام وبأسعار معقولة، ومقبولة ثقافيا، وتدعم حماية الأمن الغذائي دون المساس بقدرة الأجيال القادمة على توفير الغذاء، لكن للأسف، فإن النظم الغذائية التي لدينا اليوم غير مستدامة بكل المقاييس، لأن العالم ينتج كميات كبيرة من الأغذية الأساسية لكن هذه الطريقة تؤدي إلى تضخم أزمة تغير المناخ، كما يتضرر التنوع البيولوجي، والنظم البيئية، وصحة التربة، وصحة الإنسان، ويدفع الثمن الملايين من المجتمعات الزراعية الصغيرة ويتم تهديد سبل عيشهم.
كيف يمكن أن يساعد التحول إلى النظم الغذائية المستدامة على التكيف تغير المناخ؟
النظم الغذائية مسؤولة عن ثلث إجمالي انبعاثات غازات الدفيئة العالمية، وإذا استمررنا بهذه الطريقة سنتخطى هدف اتفاقية باريس لتغير المناخ والذي يطالب بألا تتخطى زيادة درجة حرارة الأرض 1.5 درجة مئوية
وتنتج عملية إنتاج الغذاء الانبعاثات من خلال طرق عديدة، أبرزها تربية الماشية، والزراعة الأحادية كثيفة الاستخدام للمواد الكيميائية ، وإزالة الغابات، وإزالة الأراضي لإفساح المجال للزراعة، وهذه الممارسات لها آثار قاسية على التنوع البيولوجي والتربة والبيئة، و صحة الإنسان، وبالتالي فإن الابتعاد عنها يمكن أن يحقق فوائد كبيرة للاستدامة
وفي هذا السياق، نحتاج إلى التحول من الزراعة كثيفة الاستخدام للمواد الكيميائية إلى أنظمة الإنتاج الزراعية الإيكولوجية المتنوعة، مع تحويل النظم الغذائية لتعتمد بشكل أكبر على النباتات وأنظمة الإنتاج المستدامة
اقترب COP28، ما أهم القضايا التي يجب أن تكون لها أولوية النقاش في المفاوضات؟
من المبشر أن نرى رئاسة دولة الإمارات العربية تدعو البلدان لتضمين حماية الأنظمة الغذائية ضمن خطط المناخ الخاصة بها، وللأسف في الوقت الحالي، تتجاهل هذه الخطط إلى حد كبير النظم الغذائية، إضافة إلى ذلك، هناك حاجة إلى تمويل ضخم للمناخ وتخفيف شامل للديون، ويجب إيلاء المزيد من الاهتمام للمزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة الذين يمثلون محاربي الصفوف الأولى في مواجهة تغير المناخ
ما هو شكل المستقبل الذي ينتظرنا إذا تفاقمت أزمة تغير المناخ وزاد تأثيرها على توفر الغذاء؟
على مدى السنوات القليلة الماضية، شهدنا بالفعل زعزعة استقرار الإمدادات الغذائية بسبب تغير المناخ، مع تداخل تأثيرات جائحة كوفيد-19، والحرب الأوكرانية، مما أدى إلى ارتفاعات هائلة في أسعار الغذاء، وكانت النتيجة عدم قدرة البلدان الفقيرة على استيراد الأطعمة التي تعتمد عليها، وارتفاع معدلات الجوع بنسبة 20% مقارنة بمستويات ما قبل الوباء
إذا استمررنا بنفس الطريقة، فيمكننا أن نتوقع نقصًا كبيرًا في الغذاء، وستظل البلدان الفقيرة هي الأكثر تضررا
ما الذي تحتاج إليه الدول النامية لتعزيز قدرتها على مواجهة مخاطر تغير المناخ على الغذاء؟
نحتاج في المقام الأول إلى أن تحصل الدول الفقيرة على التمويل المناخي الضخم الذي تحتاج إليه لحماية مجتمعاتها من آثار تغير المناخ، ونحتاج أيضاً إلى التخفيف الشامل من الديون.
هذا هو ما سيساعد بلدان الجنوب العالمي على التعافي من آثار الظواهر المناخية المتطرفة، وبناء أنظمة غذائية مرنة ومتنوعة، واستخدام نظم زراعية قادرة على إطعام المجتمعات في مواجهة أزمة المناخ.
aXA6IDMuMTQyLjU0LjEzNiA= جزيرة ام اند امز