حتى لا تفقد الكرة بريق الذهب.. جوائز الأفضل بين التاريخ والمستقبل
"لماذا لم أختر ليفاندوفسكي؟.. بحثت عنه ولم أجد له أهدافا مع منتخب ألمانيا"، إجابة عبر تطبيق "إنستجرام" نشرها أحد المشجعين، مدعيا تواصله مع صحفي أوزبكي قام بالتصويت في جائزة الكرة الذهبية 2021.
الإجابة لقيت انتشارا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي، ونقلتها مواقع إخبارية حول العالم، لتثبت جهل بعض الصحفيين المخول لهم التصويت في إحدى أشهر جوائز كرة القدم على مر التاريخ، خاصة أن روبرت ليفاندوفسكي البولندي لا يلعب لمنتخب ألمانيا بالأساس.
تلك الإجابة استفادت منها حملات التشكيك التي قادتها كبريات الصحف الأوروبية بشكل عام والألمانية خصوصا، بعد تتويج الأرجنتيني ليونيل ميسي بالبالون دور للمرة السابعة في تاريخه، ليستغلها البعض كدليل دامغ على وجود خلل ما في المعايير التي يتم اللجوء إليها في اختيار الفائز بالجائزة.
الصحفي الأوزبكي جريجوري رتفلادزي اختار بالترتيب لجائزة الأفضل في 2021 كلا من: الفرنسي كيليان مبابي مهاجم باريس سان جيرمان، والإنجليزي ماسون ماونت لاعب تشيلسي، وليونيل ميسي، والإيطالي جورجيو كيليني، والبلجيكي كيفين دي بروين.
"العين الرياضية" حاولت التواصل مع الصحفي الأوزبكي، لكن يبدو أنه قرر الابتعاد عن وسائل الإعلام، غير أنه كان أحد 171 صحفيا اتسمت بعض تصويتاتهم بالانتماء لأوطانهم أحيانا أو بالغرابة أحيانا أخرى.
فتحت الرسالة الباب أمام الجدل الدائم الذي يرافق الإعلان عن أي جوائز فردية في عالم الساحرة المستديرة، مما دفعنا للغوص في كواليس تلك الجوائز، والبحث عن المعايير.. فكيف يتم اختيار اختيار الصحفيين المصوتين أولا، ثم قبول أصواتهم ثانيا؟ وهل تلك الجوائز حقا عنوان للحقيقة؟
بداية، لا يختلف اثنان على كوكب الأرض على مهارة ليونيل ميسي، وتفرده بمكانة لم يصل إليها بعد أي لاعب آخر، لكن هل هذا هو معيار التتويج بجائزة سنوية؟
كانت بعض أصوات الصحفيين التي كشفت عنها مجلة "فرانس فوتبول" الجهة المانحة للكرة الذهبية إما غريبة أو مفاجئة للغاية.. مثلا الصحفي جيمس جولدن إلوي من جزر القمر صوت لصالح كريم بنزيما للفوز ولم يختر ميسي في المراكز الـ5 الأولى، ونفس الأمر قام به الصحفي ماتياس أينا من توجو.
تاراس هليبينكو من قيرغيزستان صوّت لصالح البرتغالي كريستيانو رونالدو في المركز الأول ولم يضع ميسي ضمن خياراته، وكذا فعل التركي فاتح دوجان.
اعتقد الأيسلندي فيدير سيجوردسون والبرازيلي كليبر ماتشادو أن دي بروين كان يجب أن يفوز بالكرة الذهبية، في حين أن البرتغالي يواكيم ريتا لم يضم رونالدو ضمن خياراته على الإطلاق، على الرغم من أنه مؤهل للقيام بذلك.
بدلاً من ذلك، صوت ريتا لصالح الفرنسي نجولو كانتي للفوز بالبالون دور، ولم يكن ميسي ضمن الـ5 الأوائل في خياراته أيضًا.
جائزة الكرة الذهبية.. ما أهميتها؟
عادة ما ينتظر عشاق كرة القدم نجومهم في مباريات معينة أو بطولات كبرى، لكن في نهاية كل عام "تقريبا" يقف اللاعبون ومشجعوهم جنبا إلى جنب، بانتظار أهم مشهد خارج الملاعب، عندما يتزين النجوم للظهور مع عائلاتهم ومحبيهم في حفلات جوائز الأفضل.
ومع الإيمان بأن الجوائز ليست بقيمتها المادية، فأشهر جائزة كروية لا تتجاوز قيمتها راتب نصف ساعة لنجم بحجم ليونيل ميسي، لكن رغم ذلك يبذل اللاعبون من أقصى الأرض لأدناها جهدا مضاعفا، للظفر بها.
عرفت كرة القدم جوائز الأفضل منذ فترة بعيدة، نعم ليست بنفس قدم اللعبة الأشهر والأكثر شعبية في العالم، لكن على الأقل لأكثر من 65 عاما.
وكان المنطق أنه عندما يتوج منتخب أو فريق بدرع أو كأس، وتنتعش خزائنه بالأموال، ويعلو تصنيفه بين منافسيه، فإن ما يحققه من إنجاز يكون بأقدام لاعبيه وعقول مدربيه، ومن هنا جاءت فكرة الجوائز الفردية، سواء داخل الفريق الواحد أو المسابقة أو القارة، أو على مستوى العالم.
انطلقت إذن بهذا المنطق جائزة الكرة الذهبية أو "البالون دور" التي استطاعت على مدار 60 نسخة أن تصبح الجائزة الأشهر، حتى أكثر من "ذا بيست" تلك الجائزة الوليدة التي يطلقها الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا"، وبعدهما جلوب سوكر فخر الشرق الأوسط، التي تصدر من دبي درة الإمارات.
فكرة جوائز الأفضل تبدو متسقة مع قانون الطبيعة، فكما ينال المخطئ عقابا، يحصد المتميز التقدير اللازم.. هكذا كانت الفكرة، وهكذا استمرت لسنوات طويلة، قبل أن تحيد مؤخرا وتطاردها سهام المنتقدين بسبب معايير عفى عليها الزمن ولم تطور مثلما تطورت كل الحياة.
حادث طائرة يفتح طريق الذهب
دعونا نتحدث عن البداية، من أين جاءت فكرة الكرة الذهبية؟
ربما لم يكن يدرك صاحب الفكرة شخصيا أن حادثا عرضيا سيغير دفة الكرة في العالم أجمع، هذا بالضبط ما حصل مع الفرنسي جابرييل هانوت عندما تعرض لحادث طيران فقرر التخلي عن فكرة لعب كرة القدم، والتوجه للعمل في الصحافة.
هانوت لعب لأندية مغمورة وخاض 12 لقاء مع منتخب فرنسا، وحمل شارة قيادة الديوك في مباراته الأخيرة، ويعد إحدى أشهر أيقونات كرة القدم في تاريخ فرنسا، وسيرته مليئة بالأحداث، بينها هروبه من معسكر اعتقال ألماني في الحرب العالمية الأولى، ليتطوع للانضمام لسلاح الطيران التابع للجيش الفرنسي.
وبعد نهاية الحرب العالمية تولى هانوت تدريب منتخب فرنسا عام 1945 واستمر في منصبه حتى 1949، ومن أشهر وأغرب مغامراته أنه كتب مقالا في صحيفة "ليكيب" الفرنسية تحت اسم مستعار للمطالبة بإقالته هو شخصيا من تدريب المنتخب، بسبب عدم تحسن النتائج.
نفس الصحيفة قرر هانوت العمل فيها، بعدما تخلى عن الكرة، ولأن الحاجة "أم الاختراع" كما يقولون فقد جاءت فكرة الجوائز من النجم السابق، لكنها لم تكن الاختراع الوحيد الذي قدمه، فقد سبقتها ولحقت بها أفكار أثرت في تطور اللعبة في العالم.
بعد واقعة إقالته من المنتخب بنحو 5 سنوات قاد هانوت مقترحا بدعم من زملائه في "ليكيب" لتدشين بطولة أوروبا (دوري أبطال أوروبا لاحقا) أقدم بطولة قارية للأندية في العالم، والتي انطلقت بالفعل في العام التالي 1955 بعدما تبنى الاتحاد الأوروبي للعبة مقترح الصحيفة.
لم يهدأ اللاعب السابق، فبعد نهاية أول نسخة من البطولة أطلق فكرة "الكرة الذهبية"، بهدف اختيار الأفضل في أوروبا، وذلك بمشاركة شبكة من صحفيي "ليكيب" في القارة العجوز، بواقع صحفي واحد من كل بلد.
ولاحقا واصل هانوت مقترحاته، حيث يرجع له الفضل في إدخال النظام الاحترافي للعبة في فرنسا، والنهوض المبكر بالكرة النسائية، بجانب بعض الأطروحات لمساعدة المنتخب على مقارعة كبار أوروبا في أربعينيات القرن الماضي.
الفائز الأول
في النسخة الأولى كان الفائز بالكرة الذهبية هو الإنجليزي ستانلي ماتيوز، الذي حصد 47 صوتا مقابل 44 للإسباني ألفريدو دي ستيفانو و33 للفرنسي ريموند كوبا، وكان كل صحفي يختار 5 لاعبين يحصل الأول على 5 نقاط والثاني على 4 والثالث على 3 والرابع على نقطتين والخامس نقطة واحدة.
وصوت في تلك النسخة 16 صحفيا من دول النمسا وبلجيكا وتشيكوسلوفاكيا وإنجلترا وفرنسا والمجر وإيطاليا وهولندا والبرتغال واسكتلندا وإسبانيا والسويد وسويسرا وتركيا وألمانيا الغربية ويوغوسلافيا.
كانت الجائزة مقتصرة على اللاعبين الأوروبيين فقط، قبل أن تقرر مجلة فرانس فوتبول التابعة لمؤسسة ليكيب منحها لأفضل لاعب في العالم بداية من عام 1995 بغض النظر عن جنسيته، وحينها حصدها الليبيري جورج ويا، وهو الأفريقي الوحيد الذي حصل عليها حتى الآن.
وبعد 15 عاما من ذلك اندمجت الجائزة مع جائزة أفضل لاعب في العالم والتي أطلقها الاتحاد الدولي لكرة القدم في التسعينيات.
استمرت الشراكة 5 سنوات، قبل أن تنفصل الجائزتان مجددا في 2015، وتعود فرانس فوتبول لنظامها السابق، وتصبح ذا بيست أو الأفضل هي الجائزة المقدمة من الفيفا.
ورغم رسمية الجائزة الأخيرة فإنها ظلت أقل أهمية من "البالون دور" ذات الصيت والتاريخ والصدى البراق.
انتقادات في كل الاتجاهات
عادة ما تواجه جوائز الأفضل انتقادات واتهامات بتدخل المعلنين وأصحاب الأموال في توجيه الاختيارات نحو نجم بعينه، لكن هذا العام كان هناك إجماع على أن المعايير التي تم وضعها قبل 66 عاما لم تعد تصلح للاختيار في الوقت الراهن.
واعتبرت العديد من الصحف أن تتويج الأرجنتيني ليونيل ميسي بجائزة الكرة الذهبية للمرة السابعة بمثابة "فضيحة"، وحملت إدارة مجلة "فرانس فوتبول" الفرنسية مسؤولية ما حصل.
الصحافة الألمانية كانت ترى أن البولندي روبرت ليفاندوفسكي مهاجم بايرن ميونخ هو من يستحق البالون دور، وأن ميسي لم يقدم ما يشفع له للتتويج بالجائزة.
صحيفة "بيلد" الألمانية واسعة الانتشار كتبت على صدر غلافها "فضيحة"، مع صورة لليونيل ميسي وهو يحمل الجائزة. وقالت إن ليفاندوفسكي تعرض للظلم حين تم إلغاء جائزة 2020 بسبب الجائحة، وأنه حتى في موسم 2021، حقق أرقاما مذهلة تتفوق بكثير على ما قام به ليونيل ميسي الذي عانى الأمرين مع برشلونة، وكذلك لم يكن هو من قدم الأداء الأفضل في الأرجنتين حين توجت بكأس كوبا أمريكا، بحسب تعبير الصحيفة.
ولم تتوقف الانتقادات بعد منح الجائزة لميسي عند ألمانيا، بل تعدتها إلى إسبانيا وإنجلترا، حيث ذكر العديد من النجوم الحاليين والسابقين أن ليفاندوفسكي كان الأحق بها، بينهم إيكر كاسياس حارس منتخب إسبانيا وفريق ريال مدريد الأسبق، وكذلك الألماني توني كروس نجم الريال الحالي.
وحتى رونالدو ثاني أكثر المتوجين بالبالون دور شكك في أحقية ميسي بالتتويج بالكرة الذهبية عندما علق بكلمة واحدة "حقائق"، على منشور لأحد الحسابات الداعمة له على "إنستجرام"، جاء فيه: "النجم البرتغالي يستحق الكرة الذهبية، في ظل الأرقام التي حققها مع يوفنتوس خلال الموسم الماضي، وأهدافه مع مانشستر يونايتد هذا الموسم، بالإضافة إلى تألقه مع منتخب البرتغال، وفوزه بلقب هداف يورو 2020.. بينما لم يسجل ميسي في ريال مدريد منذ رحيل رونالدو، واختفى في المباريات الكبرى، وفاز بكأس الملك فقط مع برشلونة وكوبا أمريكا مع الأرجنتين التي كانت تقام كل 4 أعوام لكنها أصبحت تقام كل عام تقريبا من أجل أن يفوز بها، ولم يسجل في النهائي أو نصف النهائي، ويقدم أداء باهتا مع باريس سان جيرمان".
المنشور قال إن رونالدو عليه أن يقدم 300% من الجودة ورغم ذلك سيسرقون الجائزة لميسي الذي يمكنه تقديم موسم ضعيف للغاية ويمنحونه الكرة الذهبية في النهاية.
عبد السلام ضيف الله، مدير قسم الرياضة بإذاعة "موزاييك إف إم" التونسية، كان أحد الذين تعرضوا للتشكيك، بعدما استبعد الفرعون المصري محمد صلاح من اختياراته رغم ما يقدمه من مستوى مميز.
صحف مصرية وعربية نشرت قوائم المصوتين لمحمد صلاح، ومن استبعدوه، ليصبح ضيف الله بين ليلة وضحاها عدوا لم يدعم أبناء عروبته، وهو ما دفعه للتعليق على ذلك في تصريحات لـ"العين الرياضية" قائلا: "ما قمت به نابع من قناعاتي بأن صلاح لم يرتق بعد لدخول قائمة أفضل 5 لاعبين في العالم، ولو أنه ظهر بشكل رائع مع ليفربول طوال عام 2021".
وأكد الصحفي التونسي الشهير أن محمد صلاح لم يستوف الشروط العامة التي وضعتها مجلة "فرانس فوتبول" والمتمثلة في النجاح الفردي فضلا عن تتويجه بلقب مع منتخب بلاده بجانب التقييم الشخصي من ناحية المهارات والسلوك خارج الملعب.
وأكمل ضيف الله : "صلاح سفير قوي لكرة القدم العربية، لكن التصويت لا يتم وفقا لاعتبارات غير رياضية على غرار الانتماء الجغرافي والدين والعرق".
إجابات ممثل الصحافة التونسية في التصويت للبالون دور كانت ستصبح منطقية لو كان استبعد ليفاندوفسكي الذي لم يتوج بلقب مع منتخب بولندا، لكنه وضعه ثانيا بعد كريم بنزيما وبعدهما ميسي وجورجينيو وكانتي.
معايير مختلفة
تضع كل جائزة معايير مختلفة لاختيار الأفضل، فبينما يفضل بعض المانحين الاستعانة بالآراء الفنية فقط، يعتمد البعض على لغة الأرقام فحسب، وجوائز أخرى تعتمد عدة معايير مختلفة.
فمثلا تقدم فرانس فوتبول قائمة مبدئية من اختيارات محرريها، يتم عرضها على مراسليها وصحفيين آخرين حول العالم بواقع صحفي واحد من كل بلد، وهو المعيار الذي لم يتغير منذ نشأة الجائزة.
ويختار كل صحفي 5 لاعبين يحصل الأول على 5 نقاط والثاني على 4 والثالث على 3 والرابع على نقطتين والخامس نقطة واحدة.
ومنذ عام 2016 عندما قرر الفيفا العمل بمفرده بعيدا عن "فرانس فوتبول" واستحداث جائزة "الأفضل"، وضع التصويت بين 4 فئات بالتساوي، بنسبة 25% لكل منها، وهي الجماهير عبر تصويت على منصات التواصل الاجتماعي، والصحفيون بواقع صحفي من كل بلد، ومدربو المنتخبات الوطنية وقادة تلك المنتخبات، على ألا يصوت مرشح لنفسه لضمان نزاهة عملية التصويت.
ويبدو أن الفيفا أراد إشراك كل عناصر اللعبة المعروفين إعلاميا دون التفكير في محللي الأداء أو الإحصائيين أو الذكاء الاصطناعي فبقي الاختيار شخصيا في النهاية.
وبالنسبة لجوائز "جلوب سوكر"، يتم تقسيم نتيجة التصويت بين لجنة فنية بنسبة 40% والجماهير بنسبة 60%، وتضم لجنة جائزة جلوب سوكر مجموعة من أهم رجالات كرة القدم العالمية الحاليين والسابقين.
وفي 2021 ضمت اللجنة أنطونيو كونتي مدرب توتنهام الإنجليزي وأدريانو جالياني الرئيس التنفيذي السابق لميلان، ونجم ريال مدريد السابق إيميليو بوتراجينيو، ونجم الكرة الإيطالية السابق ديميتريو ألبرتيني، والفرنسي إيريك أبيدال لاعب برشلونة السابق، والإيطالي فابيو كابيلو مدرب ميلان وريال مدريد الأسبق، وأوجستو سيزار ليندوريو لاعب ديبورتيفو لاكورونا الإسباني المعتزل، ومدير عام يوفنتوس الأسبق إنريكو بيندوني.
اللجنة كذلك تضم أسطورة روما وإيطاليا فرانشيسكو توتي، والحكم الألماني الشهير فيليكس بريتش، وأسطورة ميلان وإيطاليا جينارو جاتوزو، وإيان راش نجم ليفربول السابق، ونجمي ريال مدريد السابقين إيكر كاسياس ولويس فيجو، ومارشيلو ليبي مدرب إيطاليا بطل العالم في 2006، والحكم الإيطالي نيكولا ريزولي.
كما تضم أيضا شخصيات شهيرة أخرى عالميا وعربيا، مثل فيران سوريانو المدير التنفيذي لنادي مانشستر سيتي، والمدرب الإماراتي مهدي علي، وميجيل أنخيل جيل الرئيس التنفيذي لنادي أتلتيكو مدريد، والإماراتي محمد الكمالي عضو اللجنة القضائية في الفيفا، والمدرب الكولومبي خورخي بينتو، وخالد الدوسري مالك ومدير موقع كورة، وجيوفاني برانشيني وكيل المدرب الإيطالي ماسيميليانو أليجري، وسعيد حارب الأمين العام لمجلس دبي الرياضي، والإعلامي مصطفى الأغا، وروب يانسن وكيل أعمال رونالد كومان مدرب برشلونة السابق، وغيرهم.
ومع تنوع أعضاء اللجنة الفنية، مما يمنح الجائزة خيارات أكثر دقة، فإن وضع 60% من التصويت في يد الجماهير يعيدنا لأهمية البحث عن معايير إضافية لضمان النزاهة التامة في الاختيار.
ولا يختلف الأمر كثيرا بالنسبة للاتحادات القارية، حيث يقوم الاتحاد الأوروبي بالحصول على تصويت 80 مدربًا من الأندية التي شاركت في مراحل المجموعات في ذلك العام من دوري أبطال أوروبا والدوري الأوروبي بالإضافة إلى 55 صحفيا، يمثلون الاتحادات الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لكرة القدم.
في المقابل، يمنح الاتحاد الآسيوي جائزة الأفضل باستخدام نظام النقاط، بمنح عدد نقاط معين لأفضل اللاعبين في المباريات، وذلك بحسب البطولة.
وحال حصول اللاعب على لقب الأفضل في مباراة بكأس العالم يحصد 60 نقطة مقابل 25 في الدور الرابع من تصفيات كأس العالم و20 في الدور الثالث، و40 في نهائيات كأس آسيا و20 لتصفياتها النهائية و40 لمباريات دورة الألعاب الأولمبية و15 لدوري أبطال آسيا و10 لكأس الاتحاد الآسيوي.
ويتم اختيار أفضل لاعب في المباراة من قبل مجموعة التحليل الفني في البطولة التي تقام بنظام التجمع من قبل المحلل الفني في الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، ومن قبل مراقب المباراة في البطولات التي لا تقام بنظام التجمع.
وبعد إعداد قائمة مختصرة للمرشحين بالاعتماد على عدد النقاط التي يحصل عليها كل لاعب، وتتم إضافة إنجازات اللاعب من البداية، ثم وضع اللعب النظيف ضمن المعايير، بحيث يتم خصم 10 نقاط للحصول على بطاقة حمراء و5 نقاط للبطاقة الصفراء، وفي حال التعادل يتم النظر لعدد الأهداف المسجلة (للمهاجمين ولاعبي الوسط).
ورغم كل ذلك فإن الأفضل قد لا يتوج باللقب حال عدم حضوره حفل توزيع الجوائز السنوي، ويعاب على هذا النظام الاختيارات الفردية لمراقبي المباريات أحيانا.
وكان الاتحاد الأفريقي لكرة القدم أكثر صرامة، حيث يمر اختيار الفائزين بالجوائز بالعديد من المراحل، بدايةً من اختيار المرشحين في القائمة المبدئية، والتي تحددها اللجنة الفنية في "الكاف".
اللجنة الفنية يترأسها التنزاني ليوديجار تينجا، وتضم 16 عضوا، على رأسهم المصري حازم إمام، والسوداني عبدالمنعم شطة، والسنغالي خليلو فاديجا.
وتتعاون اللجنة الفنية مع نظيرتها الإعلامية في "الكاف" من أجل الاستقرار على القائمة قبل النهائية، والتي تضم 10 لاعبين في جائزة أفضل لاعب.
بعد ذلك يقوم أساطير كرة القدم الأفريقية الذين سبق لهم الفوز بالجائزة باختيار المرشحين الـ3 للفوز بجائزة أفضل لاعب في القارة السمراء.
ويعتبر السنغالي الحاج ضيوف، والمغربي مصطفى حجي، والكاميروني صامويل إيتو، والإيفواري ديدييه دروجبا، والزامبي كالوشا بواليا، أبرز من سبق لهم الفوز بالجائزة.
ويتم اختيار أفضل لاعب من قبل مدربي وقائدي المنتخبات الـ54 الأعضاء في الاتحاد الأفريقي لكرة القدم.
ويختار مدربو وقائدو الأندية المشاركة في دور المجموعات من بطولتي دوري أبطال أفريقيا والكونفدرالية الأفريقية الفائز بجائزة أفضل لاعب داخل القارة.
حتى لا تفقد الكرة بريق الذهب
ومع اختلاف المعايير التي يتم بها اختيار جوائز الأفضل من جهة، ولأن الجائزة الأكثر شهرة لم تتغير طريقة تصويتها رغم تطور اللعبة وفنياتها وقوانينها أكثر من مرة، ولضمان اختيار الأفضل، فإنه لا بد أن تضم معايير الاختيار عنصرا مهما، بات هو المستقبل، يتمثل في الذكاء الاصطناعي.
الذكاء الاصطناعي كان إحدى وسائل عودة ليفربول مؤخرا لصفوة أندية أوروبا من خلال تطبيقه في الصفقات والتعاقدات التي أبرمها النادي في السنوات الأخيرة في عهد المدرب الألماني يورجن كلوب.
شركة "SIA PARTNERS" الفرنسية كشفت عن إمكانية استخدام الذكاء الاصطناعي في اختيار أفضل اللاعبين والمقارنة بينهم بناء على أسلوب علمي وليس آراء شخصية مبنية على الحب والبغض.
الشركة المتخصصة في أبحاث الذكاء الاصطناعي والتي حققت أرباحا فاقت 420 مليون دولار أمريكي منذ إنشائها قبل 22 عاما، وضعت عدة أسس لاختيار الأفضل بناء على الحسابات الرقمية.
ومن بين تلك المعايير أكثر اللاعبين خلقا لمواقف تسجيل الأهداف وأكثر اللاعبين تسجيلا للأهداف من الفرص ومهارات اللاعبين وإمكانياتهم وكذا مقارنة قدرات كل لاعب بالآخر وقدرته على التسجيل بالقدم أو قدمين أو بالرأس وغيرها من العوامل.
ولضمان أن يكون العنصر الفني غالبا على اختيارات الأفضل في العالم، يفضل أن تكون نسبة اختيارات الذكاء الاصطناعي لا تتجاوز 30%، فيما تكون 40% للأصوات الفنية، سواء من المدربين أو المحللين الفنيين، وتقتصر اختيارات الصحفيين والجمهور على النسبة المتبقية، على أن يكون للجمهور النسبة الأقل في الاختيار.
ويبدو أن باسكال فيوري رئيس تحرير فرانس فوتبول، بات مقتنعا بأهمية تحديث معايير منح الجائزة، حيث كشف عن نيته إجراء تعديلات على نظام التصويت دون الكشف عن طبيعة تلك التغييرات.
رئيس تحرير المجلة الشهيرة قال في تصريحات نقلها مراسل "العين الرياضية" إن فرانس فوتبول تبحث بشكل دائم تحسين طرق اختيار اللاعبين الفائزين دون الدخول في تفاصيل هذا الأمر.
وأكمل: "يمكننا التفكير في تغيير طريقة التصويت ولكن مع احترام تاريخ الجائزة المبني على تصويت الصحفيين".
ويبدو أن تصريحات رئيس التحرير الفرنسي جاءت دبلوماسية أكثر منها باحثة عن حل لأزمة عدم إيمان كثيرين بالعدل في اختيار الفائزين بالجائزة.
الاعتراض على استئثار الصحفيين بالنصيب الكامل في التصويت لجائزة الكرة الذهبية لا يلقى قبولا حتى من أصحاب المهنة، ويقول كريم سعيد رئيس تحرير موقع "يلاكورة" المصري الشهير: " وجهة نظري إن الزمن عفى على فكرة اختيار الصحفي لأمر فني، لأن أغلب الصحفيين لا يملكون مهارة التحليل والاختيار الفني".
وأردف: "من المؤكد أن هناك فئة قليلة تستطيع فعل ذلك لكن سيكون ذلك استثناء وليس قاعدة، ولذلك نشاهد كل عام اختيارات غريبة تبقى مثار سخرية شديدة على منصات التواصل الاجتماعي، وتقلل من هيبة الجوائز، وأفضل بطبيعة الحال أن يتم استطلاع رأي المدربين ومحللي الأداء فقط".
تواصلنا مع أيمن محمد أحد محللي الأداء، والذي عمل بالدوري المصري وبقناة النادي الأهلي، حيث أيد الطرح نفسه قائلا: "مع كامل احترامي للصحفيين ومهنة الصحافة، فمن الظلم تحميلهم مهام المدرب أو المحللين المعتمدين، فالصحفي عمله بين الخبر والنقد ولكن ليس التقييم الفني، خاصة أن العالم تغير فنيا وتكتيكيا خلال آخر 15 عاما".
وواصل: "عامل آخر مهم، أن الاختيارات الشخصية قديما لم يكن لديها تأثير كبير، لكن مع تطور العالم أصبحت مباريات كرة القدم تحظى بمشاهدة سكان كوكب الأرض في وقت واحد، وبالتبعية أصبحت اختيارات الصحفيين تحظى بالنقد الشديد، والأمر لا يتعلق فقط بالأسماء الـ3 الأولى، ولكن بقائمة الـ5.
ونوه لأمر آخر مهم، قائلا: "حتى الآن لا نعرف هل تكون الجائزة لموسم رياضي كامل أم عام ميلادي، ولماذا يتم الإعلان عنها في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني مع العلم بأنه من الأفضل الاعلان عنها في أغسطس/ آب، منعا لتشتت وإثارة سخط الجماهير التي ترى مستويات اللاعبين الآن بعد مضي ربع الموسم الجديد ولا تتذكر من كان بهذا المستوى العام الماضي".
ورغم ذلك هناك من لا يزال يدافع عن اختيارات الصحفيين، حيث قال نافع بن عاشور رئيس الجمعية التونسية للإعلام الرياضي: "أعتقد أن جائزة الكرة الذهبية لها قيمة أفضل بالاعتماد على تصويت الصحفيين، بحكم حيادية أغلبهم وعدم سقوطهم في فخ المحاباة".
وشدد الإعلامي التونسي على أهمية مواصلة مجلة "فرانس فوتبول" في نفس الاستراتيجية القائمة على منح الفرصة للإعلاميين من أجل اختيار أفضل لاعب في العام.
وختم بن عاشور كلامه قائلا: "أعتقد أن فوز ميسي بالجائزة للمرة السابعة في تاريخه يعتبر أمرا منطقيا، خاصة أنه يستجيب للمعايير التي وضعتها مجلة فرانس فوتبول".
تعقيب العين الرياضية
بعد نحو 3 شهور من تحقيق "العين الرياضية"، أعلنت فرانس فوتبول تعديل لوائح منح الكرة الذهبية في إطار سياسة تطويرية تاريخية.
ربما لم تكن "العين الرياضية" وسيلة الإعلام الوحيدة التي كشفت بعض تناقضات الجائزة، لكن التطوير الذي أعلنته الجهة المانحة للكرة الذهبية شمل معظم الملاحظات التي ضمها التحقيق.
وأكدت شبكة "فرانس فوتبول" في بيان بثته في مارس/آذار 2022 أن نسخة الكرة الذهبية لهذا العام ستكون عن موسم 2021-2022 بأكمله، ولن تدخل فيها بطولة كأس العالم 2022، على عكس النسخ السابقة التي كانت تعتمد على عام ميلادي واحد.
ولن يكون صحفيو "فرانس فوتبول" هم المنوط بهم اختيار القائمة الأولية التي تضم 30 لاعبا، بل تم اختيار المهاجم الإيفواري ديدييه دروجبا سفيراً للكرة الذهبية، ومنحه صلاحية اختيار المرشحين بالتعاون مع بعض الصحافيين.
وبعدما كان نظام التصويت في جائزة الكرة الذهبية يعتمد على منح صحفي من كل دولة في العالم حق التصويت على الكرة الذهبية، قررت "فرانس فوتبول" اقتصار قائمة المصوتين على صحفي من كل دولة في قائمة أفضل 100 دولة بحسب تصنيف "الفيفا".
وربما كان الهدف من هذا التعديل استبعاد أصوات الصحفيين الذين ينتمون إلى دول لا تتمتع بثقافة عالية في كرة القدم، بالتالي سيكون التصويت مقتصراً على 100 صحفي بدلا من 170 كما كان في السابق.
وللمرة الأولى قرر المنظمون أن تكون هناك معايير واضحة للمصوتين على الكرة الذهبية.. وسيكون المعيار الأول متعلقاً بالأداء الفردي للاعب في المقام الأول، متقدماً على الأداء الجماعي لفريقه خلال الموسم، مع التأكيد على أن الجائزة فردية وليست جماعية، بالتالي يجب التقييم بناءً على أداء اللاعبين فردياً وما يقدمونه داخل الملعب، ثم يأتي المعيار الثاني المتعلق بالأداء الجماعي الذي يشمل ألقاب الفريق وخلافه.
aXA6IDMuMTQ3LjY4LjIwMSA= جزيرة ام اند امز