"مونديال القضاة" الوجه الإنساني للساحرة المستديرة.. بسطاء يخطفون الأضواء (صور)
![مونديال القضاة في مصر](https://cdn.al-ain.com/lg/images/2021/10/23/135-100810-football-league-villages-egypt_700x400.jpg)
على مدار شهرين ونصف الشهر، كانت قرية القضاة، بإحدى محافظات مصر، تعمل على إنجاح دورة كرة قدم لها تاريخ طويل باسم "مونديال القضاة".
لا يقل الحماس لدى أهل تلك القرية، وهم يتابعون الدوري الذي يقيمونه منذ سنوات، عن اهتمامهم بمباريات كرة القدم المهمة، فسمعة القرية وفريقها أمر كبير لدى الجميع.
ولا فرق بين ذلك الدوري وغيره في الخطوط العريضة، غير أن التفاصيل تحمل ملامح مختلفة، فهي الكرة ذاتها، والملعب نفسه، والمعلقون والمحكمون، وحتى مدرجات التشجيع. غير أن الملعب ترابي كان على شباب قرية القضاة أن يزينوا أرضيته باللون الأخضر، وهو يضم 8 لاعبين لا 11 لاعبا. والجمهور هنا لا يدفع قيمة حضور المباراة، بل يشترك الكل في عملية التجهيز، والمتابعة ستأتي لاحقا.
منذ الستينات وفريق قرية القضاة يلعبون أكثر من دوري لكرة القدم، يكون التنافس بينهم وبين فرق أخرى ضمن مراكز محافظة الشرقية شمالي البلاد، ويتجهز اللاعبون بالتدريب المكثف، ويحلمون على الدوام بالفوز بالدوري، حيثما كان.
يقول محمود إسماعيل لـ"العين الإخبارية"، وهو أحد أبناء تلك القرية، وكان لاعبا سابقا في فريقها، على مدار سنوات طويلة، إنه كان يتابع تلك المباريات في طفولته، وكان يحلم أن يكون ضمن فريق القرية، إلى أن استطاع المشاركة معهم في الدوري بنسخه التي كانت في أعوام بين 2009 و2018، قبل أن يتوقف عن اللعب، لكنه لم يتوقف عن التشجيع والتنظيم: "اللعب هنا له حماس مختلف، أنت تلعب باسم القرية ومركز شبابها، وتتمنى أن تحصل على الكأس، لا فرق بين اللعب هنا وبين دوري كبير".
على أن تنظيم ذلك الدوري، يقع على عاتق أبناء القرية، بمساعدة من رئيس مركز الشباب، طارق العمدة. وتكون هناك لجنة منظمة للدوري: "يجمع أبناء القرية من بعضهم البعض النقود اللازمة للأمر، في المباراة النهائية التي جرت هذا العام كانت التكلفة لهذه المباراة فحسب بين 30 و40 ألف جنيه مصري".
وفي حين أن البعض يساهم بالمبالغ المدفوعة، فإن آخرين يساهمون بالمجهود البدني، وهناك من يقوم بتجهيز أرضية الملعب الترابية، ورشها بالماء، ومن يزينها باللون الأخضر، ومن يضع شباك المرمى، ومن يتولى عرض اللعب على الشاشات، وتنقل العربات ذلك كله بشكل طوعي، تساهم فيه القرية لنجاح تلك الدورة الكروية المميزة.
في النسخة التي انتهت منذ أيام، كان عدد الفرق المشتركة بالدورة 36 فريقا، وفي بعض النسخ وصل عدد الفرق إلى أكثر من 40. ثم تقام الألعاب والتصفيات انتهاء بالمباراة النهائية الحاسمة. وفي هذه النسخة أيضا كان عدد المباريات 69 مباراة، سبقت النهائية.
يقول إسماعيل وهو الذي أنشأ صفحة "القضاة كورة" المعنية بنشر تفاصيل اللعب، ويساعده في الأمر عدد من أبناء القرية وشبابها، كما أنهم يعدونه رئيس المركز الإعلامي لذلك الدوري الكروي: "لدينا لاعبون مميزون، إلا أننا لم نفز بالنهائي منذ 3 سنوات وهذا شيء محزن"، مشيرا إلى أن اللعب بدأ في أغسطس/ آب الماضي وانتهى في أكتوبر/ تشرين الأول الجاري.
يلعب ذلك الدوري مرة واحدة في العام، بـ8 لاعبين لكل فريق، وهناك 5 تغييرات مسموحة، ولا يتم إلغاء مباراة أو تأجيلها إلا لظرف قهري، كوفاة أحد أفراد القرية، لا سيما إن كان على مقربة من الملعب الذي يتوسط القرية: "لأن الهدف في النهاية إسعاد الناس وإمتاعهم، وليس من اللائق أن تكون هناك مباراة إلى جانب عزاء، هذا أمر شائن".
يكون الحكام من خارج القرية، كي لا تكون هناك مظنة سوء، وفي المباراة النهائية يحضر حكم من الدوري الممتاز، وكان الحكم هذا العام أحمد الغندور، كما أن معلقي المباراة من المشاهير أيضا، فحضر محمد عفيفي ومحمد الغياتي، للتعليق على المباراة. كما تكون هناك شاشات عرض، ووحدة صوت، ووحدة إخراج وخمس كاميرات، إحداهما مسيرة (درون)، وكل ذلك تقع تكلفته الأكبر على شباب القرية.
وفريق نادي القضاة يدربه محمد يوسف، وحصل اللاعب كريم أحمد على أفضل لاعب، إلا أن اللقب نفسه يمنح لخمسة لاعبين آخرين، وكان أفضل حارس في نسخة العام الجاري 2021، عبد الصبور محمد، وهو لقب يمنح أيضا لـ3 من حراس المرمى في الفرق الأخرى: "لكن هذا العام خرجنا من المنافسة في المباراة قبل النهائية بركلات الترجيح، لكن عملية تنظيمنا للدوري مستمرة، فهي على أرضنا وهذا شرف لنا" قالها محمود إسماعيل، الذي كان يحرص على أن يدون جميع تفاصيل اللعب على صفحة الدوري الخاص بقريته على فيسبوك.
صباح المباراة النهائية، التي جمعت فريقين من أبو كبير وفاقوس بمحافظة الشرقية، كانت قرية القضاة قد استعدت للحدث، تطل الأسر من شرف المنازل للمتابعة، ويصطف الكبار والأطفال حول الملعب للمشاهدة، ويسبق ذلك كله ساعات طويلة من التجهيز والإعداد. فريق يتولى تنظيم الملعب، وآخر يستقبل الضيوف، ومن يجهز الشاشات ومكبرات الصوت، كل في مهمته التي سبق التخطيط لها: "وكان هناك مصور هو أحمد مصطفى، يوثق لنا أبرز أحداث المباراة".
ويحصل الفريق الفائز على كأس البطولة، وميدالية وكأس صغير لكل لاعب، وأطقم رياضية لكل واحد منهم. ويحتفل أهالي القرية بالفريق الفائز. ومن ثم يكون التجهيز لدوري آخر يقام في الصيف. ويتمنى أبناء قرية القضاة أن يكون الكأس من نصيبهم في النسخة المقبلة من الدوري.
aXA6IDMuMTQ1LjUyLjE4MiA=
جزيرة ام اند امز