آلاء العمور.. مدربة كرة قدم فلسطينية تحلم بالوصول للعالمية
آلاء العمور مدربة كرة قدم في قطاع غزة بفلسطين تحلم بالوصول إلى العالمية.. تعرف على التفاصيل.
من فتاة تستعد لضرب الكرة لأخرى تستعد لالتقاطها، مشهد تصنعه مدربات شابات في ملعب مغلق بإحدى ضواحي غزة، يخترقن المعهود، ويكسرن حاجز الجليد المضروب على أعمال الفتيات والنساء.
حكاية جديدة تكتبها شابات فلسطينيات يجدن في أنفسهن إمكانيات لا تقل عن إمكانيات الشباب في أي ميادين الحياة، ولو كان بتربية العضلات والركض خلف الكرة والمشاركة في المباريات وإعداد دوريات رياضية خاصة بالنساء.
البيئة الكروية
آلاء العمور شابة تبلغ من العمر 25 عاماً، خريجة جامعية تخصص تعليم أساسي، نشأت في أسرة كروية، فوالدها لاعب ومدرب قديم، وشقيقها كان لاعباً في المنتخب الفلسطيني، وشقيقتها من أوائل الإعلاميات في مجال الرياضة والتحليل الكروي، دخلت مجال التدريب بتشجيع منهم، ولكنها اعتمدت في البداية على طموحها أن تشكل أول فريق كرة قدم للنساء.
تقول العمور لـ"العين الإخبارية": "الفكرة بدأت منذ طفولتي، كنت ألعب كرة القدم وأنا صغيرة مع أشقائي ونتخاصم على الفوز والخسارة، وكبرت على حب كرة القدم، حتى وجدت فرصتي بأن أدرب أول فريق للفتيات في قطاع غزة بملعب المشتل، وعندما بدأت بإعداد الفريق ظهرت أمامي الكثير من الصعاب والعقبات، لم أعطها تفكيري بقدر ما غلبني اهتمامي بتشكيل فريق الناشئات كروياً".
وأضافت: "بعد تدريبات تجاوزت 100 يوم، أستطيع القول إنني أقنعت الفتيات بمواصلة طريقهن نحو تشكيل الفريق الكروي، ونستعد في هذه الأيام لاقتحام ميدان كرة القدم من خلال الاعتراف الرسمي بنا، لذا رفعت العديد من المخاطبات للاتحاد العام لكرة القدم والجهات المعنية بضرورة ترسيم فريق كرة القدم النسوي في قطاع غزة، لكي يتسنى له خوض المباريات وتشكيل فرق نسوية أخرى لكي تنافس".
العادات والتقاليد
وواصلت العمور: "أكثر العقبات التي كانت تواجهنا وما زالت هي نظرة المجتمع للفتيات اللاتي يلعبن كرة القدم، ولا أنكر شدة وطأة الضغوط التي تمارس عليهن من أجل ترك هذا الأمر، ولكنني أقنعهن بأنها مرحلة وسيستقبلها بعد ذلك المجتمع ويقبل بها، وأنهن أوائل الفتيات اللاتي سيفتحون المجال لغيرهن من بعدهن، وسيُحسب لهن أنهن كن القادرات على تحقيق حق من حقوق المرأة في المجتمع الفلسطيني".
وتابعت: "يتضمن برنامج تدريبي للفتيات حصصاً للتوعية والإرشاد، وكيفية مواجهة المعارضين في المجتمع، ولقد أنجزنا ما يحسب لنا في مجال إقناع الفتيات، وبدأت طلبات جديدة تُقدم لنا للالتحاق بالفريق النسائي لتدريبهن، ولكننا نعمل ضمن إمكانيات ذاتية، وبعيداً عن أي دعم أو مساندة مجتمعية أو رسمية، والتدريب يحتاج إلى تكاليف ومصاريف وتجهيزات ليست متوفرة، لذا ناشدنا الاتحاد العام لكرة القدم والجهات المتخصصة الاعتراف بنا كفريق كروي نسوي لتفتح أمامنا مجالات الدعم".
حلم العالمية
لم تتأخر آلاء العمور عن أداء واجباتها الأسرية والتعليمية والمجتمعية، بل أدت لكل صاحب حق حقه، والآن تطالب المعنيين بضرورة أن يقفوا معها لإنجاح أول فريق نسوي لكرة القدم وتأهيله دولياً، وتزويده بالإمكانيات والمتطلبات الضرورية، بل فتح آفاق جديدة له من خلال السفر والتعسكر في مخيمات رياضية عربية ودولية، لكي يخوض مبارياته على الوجه المطلوب.
وأوضحت: "العالمية حلمي منذ صغري وهذا ليس ببعيد، بدأت خطواتي الأولى بتشكيل فريق كروي للفتيات، سنكمل غايتنا بالاعتراف بنا وتحقيق دعمنا لكي نصل إلى ما نريد، فالفتيات اللاتي يتدربن في عمر 10 حتى 16 سنة، وهذا يعني أن أعمارهن مناسبة لكي يأخذن نصيبهن من الرعاية والاهتمام والتدريبات الكافية، وهناك نماذج محترمة في الوطن العربي في هذا المجال، لماذا لا نحذو حذوهم ونخوض بعد ذلك مباريات عربية ودولية؟".
المنافسة بوابة التميز
لا تنكر العمور أنها ليست أول مدربة لكرة القدم في قطاع غزة، بل شاركت مدربات زميلاتها في الجهد المؤسس لأول فريق كروي للنساء، وتواصل معهن تحقيق الحلم الكبير، وأن المنافسة بين المدربات ستخلق بيئة جيدة لتشكيل فرق نسوية تتنافس بشكل كبير على ألقاب وجوائز مهمة، وكلهن يدعمن ترسيم فريق كروي للنساء وتشكيل فرق في كل محافظات قطاع غزة.
إبراهيم أبوسليم، نائب رئيس الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم، يقول لـ"العين الإخبارية": "الاتحاد يشجع تشكيل الفرق الكروية النسوية، ولكنه ليس الجهة التي تمنح التراخيص لهذه الفرق، بل يجب أن تكون الفرق منتمية للأندية الرياضية، ومن ثم هذه الأندية تقوم بإجراءات الترخيص مع وزارة الرياضة والشباب، وليس مع الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم".
وحسب تقرير صادر عن أحد مراكز المعلومات الفلسطينية، فإن السنوات القليلة الماضية شهدت قفزة نوعية في الرياضة النسوية الفلسطينية، حيث كان هناك اهتمام كبير من قبل بعض الاتحادات الرياضية واللجنة الأولمبية الفلسطينية بقضية تطوير الرياضة النسائية وإشراكها في جميع الفعاليات بقوة.
التطور الكبير ظهر في لعبة كرة القدم التي يتم التركيز عليها بصورة أكبر من باقي الألعاب، وذلك من خلال افتتاح دوري نسوي فلسطيني؛ كما شارك المنتخب النسوي في تصفيات غرب آسيا التي أقيمت في الأردن، وفي الدورة العربية التي أقيمت في العاصمة الإماراتية أبوظبي؛ وحل في المركز الرابع، إضافة إلى مشاركته في العديد من البطولات العربية والآسيوية، وتحقيقه نتائج لافتة بالنظر إلى حداثة تشكيله.
ورغم التركيز الكبير الذي تحظى به كرة القدم النسوية، فإن هناك العديد من الألعاب الرياضية النسوية المنتشرة في فلسطين كلعبة كرة السلة، وكرة الطائرة، وألعاب القوى، وتنس الطاولة، والكاراتيه، وسباق السيارات.
تغريد العمور، عضو المكتب التنفيذي لاتحاد الإعلام الرياضي الفلسطيني، وهي شقيقة آلاء، تقول لـ"العين الإخبارية": "في السنوات الأخيرة فُتح المجال لممارسة الرياضة من قبل الفتيات، من خلال مشاريع مؤسسات المجتمع المدني التي تمكنت من تعزيز وجود المساحات الرياضية الصديقة للفتيات، سواء في كرة القدم أو السلة او الطائرة، إلى جانب أنها مكنت خريجات التربية الرياضية من الاندماج المباشر بعد التخرج في البيئة الرياضية العملية".
وأشارت تغريد العمور إلى أنهن استطعن خلق واقع جديد من يوميات عملهن، انعكس على تطور وصقل هذه المشاريع وتطوير فرص العمل التي أتيحت لهن، التي حققت مبدأ دمج الفتيات في الرياضة وحق ممارستها، حتى تمكنت الفتيات تحت سن 18 عاماً في السنوات الـ4 الأخيرة من دخول الأندية وممارسة الحق في اللعب، أمام اضمحلال هذه المساحة الرياضية في عدة مراحل دراسية في قطاع غزة أو جامعية من خلال المسابقات التربوية.
وأتمت: "أؤكد أن ممارسة كرة القدم النسوية شهد نهضة من خلال مشروع دمج ٢٥٠ لاعبة في ١٣ نادياً في قطاع غزة، ومكن أكثر من ٢٠ مدربة ومساعدة مدربة، وفتح الباب لأن تصبح كرة القدم عاملاً معززاً لممارسة الرياضة وتعزيز الجوانب الإيجابية لممارستها على الفتيات، لكن هذه المساحة ليست كافية لإعادة كرة القدم النسوية لزخمها في قطاع غزة، والمطلوب تشكيل فرق كروية نسوية داخل الأندية من جديد لانخراطها ضمن دوري لكرة القدم بإشراف الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم".
aXA6IDE4LjIyNi4xODAuMTU4IA== جزيرة ام اند امز