علم الحشرات الجنائي.. أصغر المخلوقات تكشف أهم جرائم القتل والاغتصاب
قد يكون الجاني حريصا على ألا يترك خلفه أي دليل، لكنه لن يستطيع السيطرة على واحدة من أصغر مخلوقات الله، وهي الحشرات.
ويمكن أن تتحول الحشرات إلى أداة تستخدمها فرق البحث الجنائي لتحديد هوية الجاني، وهو التخصص الذي يعرف باسم "علم الحشرات الجنائي"، لكنه لا يزال غير معروف بدرجة كبيرة في العالم العربي، باستثناء عدد قليل من الدول، ومنها دولة الإمارات العربية المتحدة.
وأعلنت سارة علي المقهوي، التي تحمل رتبة نقيب وتترأس قسم الفحص الطبي بإدارة الطب الشرعي بالإدارة العامة للأدلة الجنائية وعلم الجريمة في شرطة دبي، في تصريحات صحفية نقلتها "البيان"، أنهم نجحوا في استخدام حشرة للكشف عن جريمة قتل.
وادعى الجاني في الجريمة التي أشارت إليها المقهوي، أنها مجرد حادث دهس غير مقصود، ولكن اكتشاف حشرة معينة تعيش في إحدى إمارات الدولة داخل الجثة، أظهر أن الواقعة جريمة قتل حدثت في إمارة أخرى، وأن المتهم قام بنقل الجثة إلى إمارة دبي.
ويقول الدكتور علي رسمي، أستاذ علم الحشرات بالمركز القومي للبحوث بمصر، وصاحب أحد الكتب العلمية باللغة العربية في مجال "علم الحشرات الجنائي"، أن ما حدث في دبي هو تطبيق لأحد أبرز استخدامات الحشرات في البحث الجنائي، وهو تحديد مكان الجريمة.
ويوضح رسمي لـ"بوابة العين الإخبارية"، أن رائحة الموتى تكون جاذبة لأنواع معينة من الذباب، التي تلتقط هذه الرائحة من مسافات بعيدة للغاية، ومن ثم فإن العثور على نوع معين من الذباب لمنطقة ما في جثة عثر عليها بمنطقة أخرى، فهذا دليل على أنه حدث انتقال لجثة المجني عليه من مكان وقوع الجريمة الأصلي.
وبالإضافة إلى مكان الجريمة، فإن وقت وقوع الجريمة هو معلومة مهمة يمكن أن يساعد الذباب في التوصل إليها أيضا، وقد تقود هذه المعلومة إلى تحديد هوية الجاني.
ويقول رسمي: " الذباب عندما ينجذب لرائحة الجثث، فإنه يضع البيض الخاص به على الجثة، الذي يفقس اليرقات، ليخرج من هذه اليرقات حشرة كاملة، ومن خلال العثور على اليرقات مثلا على الجثة، يمكن حساب الفترة بين وضع البيض وخروج اليرقات، لتحديد وقت حدوث الجريمة".
ويشرح أهمية وقت الجريمة، مضيفا: "قد تكون زوجة متهمة في قتل زوجها، وتحاول تضليل العدالة بادعاء أنها عادت من خارج البيت لتجده جثة هامدة، ولكن إذا تم العثور على اليرقات بالجثة، فهذا يعني أن الجريمة وقعت في وقت مبكر جدا عن الموعد الذي أبلغت عنه الزوجة".
ويذهب رسمي إلى أبعد من ذلك بالإشارة أن بعض الحشرات يمكن أن تحفظ البصمة الوراثية للجناه في جرائم الاغتصاب، بما يمكن الشرطة من تحديد هوية الجاني.
ويقول: "إذا تم العثور على حشرة في مكان الأعضاء التناسلية للفتاة المغتصبة، فهذه الحشرة قد تكون تغذت على ماء الحياة الخاص بالجاني، ومن ثم يمكن باستخدام بعض الطرق العلمية استخراج الحمض النووي (لدي إن إيه) الخاص بالجاني من الحشرة ومضاهاته مع المشتبه فيهم، لتحديد هوية الجاني".
ولا يتوقف دور الحشرات عند جرائم القتل والاغتصاب فقط، بل يمكن أيضا أن تكون مفيدة في الكشف عن بعض جرائم الإتجار في الهيروين، وهو ما حدث في واقعة بأمريكا، يشير إليها رسمي.
وضبطت الشرطة في هذه الواقعة كميات من الهيروين كان يعتقد أن مصدرها احدى الولايات الأمريكية، ولكن فحصها بدقة أظهر وجود حشرة صغيرة لا تعيش في أمريكا وموطنها احدى مناطق المكسيك، وهو ما أرشد الشرطة وقتها إلى مصدر الهيروين.
ورغم أهمية هذا العلم، يقول رسمي، أن استخدامه لا يزال محدود جدا في العالم العربي، وذلك لغياب الأطباء المدربين عليه، وعدم وجود ثقة كبيرة لدى بعض الدول في قدرة هذا التخصص على تذليل كثير من الصعاب التي تواجه رجال البحث الجنائي.
aXA6IDMuMTQyLjEzMy4yMTAg جزيرة ام اند امز