محافظ المركزي الأفغاني السابق يفتح خزانة أسراره: حلم الرخاء بأفغانستان يتبدد
قال أجمال أحمدي محافظ البنك المركزي الأفغاني السابق إن التحليلات المنتشرة عن الرخاء في أفغانستان غير واقعية.
وبعد أسابيع على انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان والإطاحة بحكومة الرئيس الأفغاني أشرف غني وسيطرة حركة طالبان على العاصمة الأفغانية، أعلنت الحركة أمس أسماء حكومتها الانتقالية، في ظل بعض التوقعات المتفائلة التي ترى وجود فرصة لاندماج أفغانستان في الاقتصاد العالمي رغم صعود طالبان وانسحاب الولايات المتحدة.
وأشار عدد من المحللين إلى أن الصين التي اعتبرتها حركة طالبان حليفا قويا، يمكن أن تصبح الداعم الاقتصادي الرئيسي لأفغانستان وقد تساعدها في البقاء كجزء من النظام العالمي.
ولكن أجمال أحمدي محافظ البنك المركزي الأفغاني السابق له رؤية مختلفة حيث قال في تحليل نشرته وكالة بلومبرج للأنباء إن هذه التحليلات غير واقعية، لأنها تتجاهل نظام العقوبات الدولية المفروضة على حركة طالبان على سبيل المثال. فهذه العقوبات تشمل ليس فقط التعاملات المالية وإنما التعاملات التجارية والاقتصادية أيضا. فكل الشركات وليس فقط البنوك يجب أن تلتزم بإطار العمل الرامي إلى منع تمويل الإرهاب وعمليات غسل الأموال.
المركزي الأفغاني والعقوبات الدولية
ويقول أحمدي إن البنك المركزي الأفغاني الذي كان يرأسه حتى دخول طالبان كابول، كان يعمل مع الشركاء الدوليين لمنع مثل هذه التعاملات غير المشروعة. ولكن من المحتمل معاملة البنك المركزي الأفغاني تحت سيطرة طالبان باعتباره مؤسسة خاضعة للعقوبات الدولية من جانب باقي دول العالم.
وإلى جانب التداعيات المالية، يرى أحمدي ثلاث تداعيات إضافية للموقف الراهن. أولى هذه التداعيات، حدوث نقص في العملات النقدية المحلية المتاحة في السوق الأفغانية لأن البنك المركزي لا يطبع العملة المحلية للبلاد وإنما تقوم بذلك شركات أجنبية.
وكان البنك يتوقع الحصول على ملياري أفغاني وهو اسم العملة المحلية في صورة أوراق نقدية من الفئات الصغيرة من إحدى شركات العملات البولندية خلال أغسطس/آب الماضي.
كما وقع البنك عقدا مع شركة فرنسية لتوريد 100 مليار أفغاني أخرى خلال العام المقبل.
أما ثانية التداعيات، فتتمثل في احتمال توقف مشروع خط أنابيب الغاز الطبيعي بين تركمانستان والهند والذي يمر بكل من أفغانستان وباكستان وتقدر تكلفته بسبعة مليارات دولار. فهذا الخط سينقل 33 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي من حقل جالكينيش، ثاني أكبر حقول الغاز الطبيعي في العالم، إلى كل من باكستان والهند عبر الأراضي الأفغانية حيث ستحصل أفغانستان على مئات الملايين من الدولارات كرسوم عبور.
ويقول أحمدي إنه يعرف هذا الموضوع جيدا لأنه ظل لخمس سنوات ممثلا لأفغانستان في مجلس إدارة المشروع.
كما ساهم في تحويله من مجرد فكرة غامضة في فترة حكم طالبان الأولى خلال تسعينيات القرن العشرين إلى مشروع حقيقي. فقد تم الانتهاء من الأعمال الهندسية وتوقيع الاتفاقيات الثنائية الخاصة به وبدأت عملية الاستحواذ على الأراضي المطلوبة لتنفيذه.
وفد من طالبان في تركمانستان
وقد زار وفد من طالبان دولة تركمانستان في وقت سابق من العام الحالي للتأكيد على حماية الخط. ويقول أحمدي إنه يتذكر هذه الزيارة جيدا، لأنها تزامنت مع انفجار قنبلة في سيارة مدير المشروع بكابول ولحسن الحظ نجا من الموت.
وبغض النظر عن التطمينات والضمانات التي ستقدمها طالبان، من غير المحتمل أن تواصل الشركات الأوروبية توفير المعدات والتمويل اللازم للمشروع في ظل العقوبات الدولية والمخاوف الأمنية المحيطة بسلطة طالبان في أفغانستان.
الموارد الطبيعية لأفغانستان
وأخيرا فإن الآمال في الاستفادة من الموارد المعدنية الكثيرة للبلاد ستتراجع أو ستختفي، بما في ذلك الآمال في الاستفادة من منجم أيناك للنحاس أحد أكبر احتياطيات النحاس غير المستغلة في العالم والتي حصلت شركة ميتالورجيكال كوربورشن الصينية على حقوق استغلاله في 2008.
وكذلك الحال بالنسبة لمنجم هاجيجاك لخام الحديد أحد أكبر مناجم خام الحديد في العالم والذي وقعت إحدى الشركات الهندية عقدا لاستغلاله. وهناك حقل نفط أمو داريا الذي حصلت شركة تشاينا ناشيونال بتروليوم كوربورشن على حق التنقيب فيه.
كل هذه المشروعات قد لا تجد التمويل الدولي اللازم لإنجازها. ومن غير المحتمل أن تورط أي شركة عالمية لها سمعتها نفسها في مثل هذه المشروعات التي تنطوي على مخاطرة كبيرة.
علاوة على ذلك من المنتظر إلغاء برامج دعم التجارة والتي ساهمت في زيادة صادرات أفغانستان بأكثر من 100 مليون دولار سنويا، حيث صدرت أفغانستان حبات الصنوبر إلى الصين والفواكه الطازجة إلى الهند والسجاد إلى إيران والمنتجات اليدوية إلى أوروبا بفضل برنامج حكومي لدعم النقل الجوي للصادرات الأفغانية.
طالبان تلجأ إلى باكستان
وفي حين يرى بعض المحللين إمكانية لجوء طالبان إلى باكستان للحصول على دعم اقتصادي منها، فإنهم يتجاهلون حقيقة أن الاقتصاد الباكستاني في حالة سيئة، ولا يزيد احتياطي النقد الأجنبي لدى باكستان على 20 مليار دولار.
كما أن معدل الدين العام الباكستاني يبلغ 90% من إجمالي الناتج المحلي وهو رقم كبير بالنسبة لدولة نامية.
ويقول أحمدي إنه يمكن أخيرا القول إن حكم طالبان سيواجه نفس التحديات الاقتصادية التي واجهها نظام الحكم السابق، ولكن في ظل العقوبات الدولية وتراجع الدعم المالي الدولي، سيكون الموقف أسوأ. وعلى حكام أفغانستان الجدد مواجهة الواقع، وتشكيل حكومة ممثلة لمختلف أطياف المجتمع الأفغاني والالتزام بالمعايير الدولية وإلا فإنهم سيسقطون ومعهم الشعب الأفغاني في المزيد من الفقر.
aXA6IDMuMTM2LjE5LjIwMyA= جزيرة ام اند امز