ضابط بريطاني سابق: الغرب مسؤول عن مأساة حلب
الضابط البريطاني السابق، إميل سيمبسون، يرى أن الغرب يتحمل نصيبه من المسؤولية عن المأساة الإنسانية والتاريخية التي تحدث في حلب السورية.
"إن كان هناك درس يجب أن يكون الغرب قد تعلمه من فترة حرية التدخل بعد الحرب الباردة، فهو إما أن تتدخل بشكل حاسم، وتكون مستعدا للاستثمار في ذلك التدخل على المدى الطويل، أو أن تبقى بعيدا".
منطلقا من هذه القاعدة كأساس لبناء أفكاره، وجه إميل سيمبسون، الضابط السابق في الجيش البريطاني وزميل جامعة "هارفارد"، انتقادا لاذعا محملا الجميع مسؤولية المأساة الإنسانية والتاريخية التي تحدث في حلب الآن، مؤكدا أن الأمر تجاوز أعداد القتلى والمصابين التي لم يعد لأجهزة الإعلام حول الكرة الأرضية هم سوى عدد الأرقام، فما يحدث على هذه الأرض هو فناء لحضارة صمدت طويلا قبل أن تأتي الأله العسكرية للقرن الـ21 لتحيلها رمادا.
جاءت هذه الرسالة التقريعية من الضابط البريطاني في مقال مطول نشرته مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية؛ حيث استهل سيمبسون حديثه بتكرار ما أعلنه الزعماء الغربيون، وكأنه يقول لهم: أليس هذا حديثكم حول كون سقوط حلب وصمة عار على الضمير الإنساني لنا جميعا، وأنه كان يجب عليهم فعل المزيد لوقف المأساة الإنسانية في سوريا، قبل أن يعلق على هذه التصريحات البراقة بالقول: "من ناحية إنسانية بحتة، فإن هذا صحيح، فيمكن للحكومات أن تفعل المزيد دائما لإيصال المساعدات الإنسانية، لكن من ناحية عسكرية، فإن فكرة أنه كان بإمكان الغرب (فعل المزيد) هي ضرب من الخيال، وتعكس عدم استيعاب دروس التاريخ، حتى القريب منه".
وأوضح سيمبسون في محاولة لتقديم مساعدة واقعية لضحايا حلب بعيدا عن الأقوال الرنانة التى تجذب الآذان فقط: "صحيح أنه كانت أمام الغرب فرصة للإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد مع بداية ما أطلق عليه حينها "الربيع العربي" عام 2011، وذلك عبر دعم الثورة السورية، التي لم تكن بعد قد تلوثت بالإرهاب، ومما لا شك فيه أن مثل هذا التغير كان سيضع سوريا على طريق الديمقراطية والاستقرار والسلام، ولكن الأمور لم تكن بهذه السهولة".
وأضاف أنه في ظل غياب قوات برية غربية لحفظ السلام في 2011، فإن انتصار الثوار في سوريا كان ربما سيصبح مثل التدخل الفاشل في ليبيا في العام ذاته، فبعد الفرح جاءت أحزان التفتت، فانقسمت البلاد إلى دويلات صغيرة كل منها واقعة تحت سيطرة فيصل من المليشيات محلية الانتاج، وهذا ما كانت ستؤول له سوريا. وكما حدث في ليبيا، كان ذلك التفتت سيفتح الباب أمام اتساع نفوذ الإرهابيين، وسيكون على الغرب حينها قبول الفوضى والنفوذ الإسلامي المتزايد في دولة فاشلة أخرى".
- بوتين: استعادة حلب مهمة جدا لحل النزاع السوري
- موسكو ترى ترامب أفضل من أوباما لعدم مطالبته برحيل الأسد
ولكن هل كان على الغرب نشر قوات له في سوريا عام 2011؟، ويجيب الضابط البريطاني السابق بالقول إنه لو فرضنا جدلا وقام الغرب بنشر قواته في سوريا دعما للثوار، فإنه كان من المحتمل أن تواجه هذه القوات صراعا مع الإرهابيين، وذلك بقراءة التاريخ الحديث وما حدث في أفغانستان والعراق؛ ففي الأولى لا تزال القوات الغربية منتشرة، وفي الأخيرة اضطرت القوات للعودة لمنع انهيار تام للدولة، وكان الحال سيكون أسواء في سوريا؛ حيث سيمتد الصراع الي مدى زمنى لا يستطيع أحد التكهن بموعد نهايته.
وأضاف سيمبسون "لا أستطيع تخيل كيف يمكن لحل تفاوضي أن يوصل إلى أي شيء غير النتيجة التي وصلت إليها ليبيا في مناطق الثوار؛ حيث يقوم المسلحون بفرض سيطرتهم، ما لم يضع الغرب قوات على الأرض. أن هذه هي النقطة الحساسة التي تقود إليها كل السبل، فعلى الرغم من تعقيدات الوضع في سوريا ومأساويته، إلا أن المحصلة تتمثل في إجابة السؤال: هل الغرب مستعد لأن ينشر قواته على الأرض لكسب الحرب وتأمين السلام؟”.
وأشار الكاتب إلى أن "هناك من يرى بأنه كان على الغرب التدخل مهما كان الثمن، ويرون أن الغرب مذنب بالتقصير في إيقاف الجرائم التي قام بها آخرون، إلا أن الكاتب البريطانى رفض هذه الفكرة بشدة قائلا: "أنا أعتقد أن هذا كلام فارغ، فالأسد وموسكو وطهران هم المسؤولون عن الجرائم في سوريا، وليست أمريكا ولا الغرب".
وأكد سيمبسون أن الحقيقة الأساسية هي أنه وعلى الرغم من التقدم التكنولوجي، فإن الحرب اليوم لا تزال تكسب عن طريق القوات البرية على الأرض، وهناك حدود لما تستطيع أي قوات بالنيابة القيام به، ويتبع ذلك القول إنه إن كان الغرب جادا حول فكرة التدخل العسكري في الشرق الأوسط فإنه بحاجة إلى إرسال قواته، وأن يكون مستعدا للبقاء فترة طويلة.
وأضاف الكاتب في لهجة تقريع أن "الأصوات المنادية بالتدخل العسكري الإنساني ستختفي عندما تنتشر أجساد الجنود الممزقة بالقنابل المحلية الصنع، في محاولات لا نهاية لها لإصلاح السياسات الفاشلة لدول أخرى".
وخلص الكاتب في نهاية رسالته التقريعية إلى القول إنه "مع أن الغرب ليس مسئولا عن الجرائم في حلب، إلا أننا مسؤولون أخلاقيا لإعطاء الثوار أملا كاذبا عام 2011، عندما قدمنا لهم الدعم عبر الكلامات والوعود البراقة في البداية، ثم المادي، لكن لم تكن لدينا الإرادة الحقيقية لتأييدهم، لذا فعلى كل المتباكين على حلب إما أن يقدموا مساعدة حقيقية أو يتوقفوا عن البكاء والحديث عن الأطلال".
aXA6IDE4LjIyMy4yMDkuMTE0IA== جزيرة ام اند امز