هذا النظام يتحكم به ما يقرب من عشرين شخصية كلها تدور في فلك المرشد الأعلى بطريقة غير مفهومة أو على الأقل غامضة سياسيا
عندما يكون الحديث عن إيران فإن الأسئلة متعددة ومتنوعة حول هذا النظام الذي ولد منذ أربعة عقود، ولكنه ولد بطريقة غير غامضة، فهذا النظام وحتى اليوم لا يمكن لأحد الجزم بأنه دولة أو ثورة أو كلتيهما أو لا شيء من ذلك.
هذا النظام يتحكم به ما يقرب من عشرين شخصية كلها تدور في فلك المرشد الأعلى بطريقة غير مفهومة أو على الأقل غامضة سياسيا، والحقيقة أن الدولة الثيوقراطية في إيران لا يمكن تصنيفها، وهذا ما جعل من النظام الإيراني نظاما متلونا في السياسة، ولأنه كذلك فهناك أربعة أسئلة تدور حول الخريطة الجيوسياسية الإيرانية يجب طرحها، مع تنامي مؤشرات فاعلة حول هذا النظام تستوجب طرحها.
أربعة أسئلة هي في حقيقتها مهددات فعلية للخارطة الجيوسياسية الإيرانية، فواحد من بين هذه الأربعة كفيل بإعادة رسم هذه الخريطة من جديد، وخاصة إذا ما كانت مؤشرات هدم النظام الإيراني تحقق تصاعدا في بورصة السياسة، وهذا محتمل بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى.
أولا: السلاح النووي الإيراني، فلا أعتقد أن هناك من سؤال مقلق أكثر من إمكانية حصول إيران على سلاح نووي يغير خارطة المنطقة ويفتحها إلى سباق تسلح بلا نهايات.
والسؤال هنا: هل ستحصل إيران على سلاح نووي؟ وهذا ما يتطلب معادلة صعبة من الحوار بينها وبين القوى العالمية، وخاصة أن الإصرار الأمريكي بالدرجة الأولى ألا يحدث هذا الشيء، ولكن السؤال المفتوح: ماذا لو يتفاجأ العالم بحصول إيران على سلاح نووي؟ وماذا لو يصحو العالم على ضربات تدميرية فوق المنشآت النووية الإيرانية؟!
ثانيا: تعتمد إيران على الطائفية بشكل كبير، وقد ظلت ملتزمة بهذا النهج من خلال مفهوم تصدير الثورة، ولكن ما يحدث الآن في العراق ولبنان شكل لطمة قوية للمرشد الإيراني؛ فصعود القومية والهوية الوطنية على حساب الطائفية في مثل هذه البلدان، وخاصة العراق الذي يمثل المركز المقدس للطائفة الشيعية وتحديدا في كربلاء، كان عملية غير منتظرة قريبا، والسؤال هنا يدور حول مخلفات هذا التحلل الجزئي للقدسية الطائفية في دول ومجتمعات ظلت تتنفس هذه الطائفية لعقود.
ثالثا: عملت أمريكا خلال سنوات مضت على محاصرة النظام الإيراني اقتصاديا، وبدا ذلك بوضوح خلال عهد الرئيس ترامب، وقد بدأت هذه العقوبات تؤتي ثمارها من خلال موجة من المظاهرات التي تعبر في حقيقتها عن هشاشة كبيرة في تماسك الاقتصاد الإيراني بنظامه الذي اعتاد ألا يلعب سياسيا في الداخل الإيراني بقدر ما كان يمارس تدخلاته في البيئة المحيطة به عبر نزاعات سياسية متعددة، السؤال المهم يقول: ماذا لو تصاعدت حدة هذه المظاهرات وفتحت أبواب انقسامات عرقية مسكوت عنها في الداخل الإيراني؟.
رابعا: لا تبدو الخطوط الخلفية للتناغم الأمريكي الإيراني مقنعة للجميع عبر أربعة عقود مضت، فقد ساهمت أمريكا في لجم إسرائيل مرات عديدة من أن تقوم بهجوم منفرد على إيران كونها سوف تشكل معادلة مقلقة لإسرائيل إذا ما حصلت على سلاح نووي، السؤال: هل يسهم القلق السياسي في الداخل الأمريكي وينعكس على الأداء الاستراتيجي لأمريكا في المنطقة، مما يخول لإسرائيل أن تتصرف وحدها لقطع الطريق نحو القنبلة النووية؟
أربعة أسئلة هي في حقيقتها مهددات فعلية للخارطة الجيوسياسية الإيرانية، فواحد من بين هذه الأربعة كفيل بإعادة رسم هذه الخريطة من جديد، وخاصة إذا ما كانت مؤشرات هدم النظام الإيراني تحقق تصاعدا في بورصة السياسة، وهذا محتمل بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة