هل تعثرت محطة الاتفاق الإطاري بالسودان؟ مؤشرات متضاربة وأزمة ثقة حادة
"هناك أزمة ثقة بين المدنيين والعسكريين، نحن نعمل في سياق صراع سياسي حاد"، تصريحات أممية، كشفت عن عراقيل تواجه الاتفاق الإطاري بالسودان.
ذلك الاتفاق الذي وقع في الخامس من ديسمبر/كانون الأول الماضي، وأطلقت قبل أيام المرحلة الثانية منه، يواجه العديد من التحديات، بينها تزايد المعارضة له، واتهام البعض له بأنه أهمل قضايا أساسية مثل المساءلة، فيما يراه آخرون أنه وقع تحت "ضغوط دولية".
وأمام هذه التحديات الجوهرية، تقف بعض القوى السياسية في البلد الأفريقي على أعتاب المرحلة الثانية من الاتفاق الإطاري، التي تهدف إلى الوصول لتسوية سياسية، مترقبة، فيما تحشد الأخرى للسباحة عكس التيار.
اتفاق جديد؟
تلك القوى كانت بينها حركة العدل والمساواة التي كشف رئيسها جبريل إبراهيم عن "تفاهمات" جرت مع قادة الجيش ترمي إلى إنتاج اتفاق جديد بين القوى السياسية بديلا عن الاتفاق الإطاري.
وفي تصريحات له خلال مخاطبته حشدًا جماهيريًا بنيالا في جنوب دارفور، قال السياسي السوداني، إن قادة الحركة اتفقوا خلال لقائهم ورئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان ونائبه محمد حمدان دقلو، على العمل الجماعي "من أجل الوصول لاتفاق جديد يزيح كل العيوب التي اعترت الاتفاق الإطاري"، مشيرًا إلى أن "الاتفاق القادم سيكون أفضل من الحالي".
وفيما قال جبريل إن العسكريين والمدنيين "توصلوا لقناعة بأن الاتفاق الإطاري بصورته الحالية لن يحقق توافق جميع الأطراف"، كشف عن تشكيل لجان مُشتركة "يأمل أن تؤدي إلى اتفاق سياسي جديد يشمل الجميع".
انتقادات للإطاري
ووجه السياسي السوداني سهام انتقاداته للاتفاق الإطاري، قائلا إنه "يعمل على تسييس القضاء والنيابة، وتكوين شرطة حزبية تحت مسمى الأمن الداخلي، بهدف تأسيس مليشيات حزبية لقمع المعارضين"، داعيًا إلى تمكين الشرطة وإصلاح جهاز الأمن الحالي بدلًا من التفكير في إنشاء قوة جديدة.
واتهم مجموعات حزبية "صغيرة" بفرض أجندتها والسيطرة على القرار السياسي، قائلا إن "الاتفاق الإطاري أهمل قضايا النازحين واللاجئين وتجاهل تحقيق العدالة للضحايا".
تلك الإشارات عن التراجع عن الاتفاق الإطاري، ألمح إليها المتحدث باسم قوى الحرية والتغيير (المجلس المركزي)، جعفر حسن، والذي قال في تصريحات صحفية، قبل يومين، إن "المكون العسكري قد يتراجع عن العملية السياسية إذا شعر بتراجع الاحتجاجات"، مطالبًا باستمرار التظاهرات.
حشد للشارع
السياسي السوداني جعفر حسن قال إن إن هناك عاملين وصفهما بـ"المهمين"، يجب أن يستمرا وهما ضغط الشارع والمجتمع الدولي؛ لأن تراجعهما قد يؤدي إلى "تراجع العملية السياسية"، على حد قوله.
وحاول جعفر حسن التقليل من "الخلافات بين المجموعات الجذرية وقوى الاتفاق الإطاري"، قائلا إن بنود الاتفاق الإطاري تحمل بعض المطالب المشتركة بين المجموعتين مثل خروج المؤسسة العسكرية من السلطة وتحقيق شعار "لا مساومة" عبر العدالة الانتقالية الشاملة التي تضمنتها العملية السياسية.
وأشار إلى أن الخلاف بينهما ينحصر في "الوسائل المستخدمة"، فـ"هناك من يرفض التفاوض والعملية السياسية باعتبارها تفاوضًا مع العسكريين، لكن السياسة هي فن الممكن".
في المقابل، رد الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في السودان فولكر بيرتس، على الانتقادات الموجهة للاتفاق الإطاري، قائلا إنه كان ولا يزال، هناك معارضة للاتفاق الإطاري؛ لأن "بعض القوى والأشخاص لا يريدون التسوية السياسية".
الأمم المتحدة على الخط
ونفى المسؤول الأممي أن يكون هناك تزايد لمعارضة الاتفاق الإطاري، قائلا: "العكس هو الصحيح، إذ رأينا في الأسابيع الأخيرة أن عددا متزايدا من القوى السياسية والمدنية اتصلت بنا وقالت لنا إنها ستوقع على هذا الاتفاق. ما يعني أن القبول يتزايد أكثر وأكثر".
كما نفى وجود أية ضغوط دولية لتوقيع الاتفاق، قائلا: "ليس صحيحا. كان هناك بالتأكيد تشجيع دولي لأي عملية تقود إلى تسوية معقولة ومعترف بها ومستدامة".
وحول المرحلة الثانية من الاتفاق الإطاري، قال المسؤول الأممي إن: الأمور تسير ببطء، لكن تسير على المسار الصحيح. عُقدت ندوة جيدة جدا حول خريطة الطريق لفك النظام القديم، النظام الديكتاتوري، مضيفًا: أنا شخصيا كنت متحمسا بشكل إيجابي جدا إزاء جدية النقاش والتعاطي بين السودانيين والسودانيات أنفسهم.
وأشار إلى أن هذه المرحلة الثانية والنهائية من العملية السياسية "مهمة جدا"، طالما كان الهدف منها الوصول إلى حل سياسي وتسوية سياسية، فإنها ستقود حتما إلى إنشاء حكومة مدنية وإلى مرحلة انتقالية جديدة، أو بالأحرى إلى عودة الانتقال السياسي نحو السلام الداخلية والانتخابات والحكم الديمقراطي.
وحول مهام الحكومة الجديدة، فقال فولكر، إنها تتمثل في:
- ستكون حكومة انتقالية بتفويض محدود وواضح إلى حد ما.
- عليها أن تنظر إلى وتعالج الوضع الاقتصادي والاجتماعي بالدرجة الأولى.
- عليها أن تراعي تنفيذ اتفاق جوبا بكامل أبعاده.
- عليها أن تنخرط في مفاوضات مع الحركات التي لم توقع على اتفاق سلام حتى الآن.
- عليها أن تحضر للانتخابات لتنهي المرحلة الانتقالية بانتخابات نزيهة.
أما عن "أزمة الثقة" بين المكونين المدني والعسكري، فقال فولكر، إن "هناك أزمة ثقة بين المدنيين والعسكريين، بين القوى المدنية المختلفة وحتى بين قوى عسكرية وقوى مسلحة أخرى"، إلا أنه أكد "أن هذا الشيء طبيعي، فنحن نعمل في سياق صراع سياسي حاد. ولا نستطيع الانتظار حتى تأتي الثقة لنبدأ العملية السياسية لاحقا".
وتابع: ننادي بالقيام ببعض الإجراءات خاصة لإعادة بناء الثقة في نطاق السماح للحق بالتظاهر السلمي دون استخدام العنف ضد المتظاهرين والتنسيق بين المتظاهرين والشرطة وما إلى ذلك، هذا مهم جدا وأيضا إطلاق سراح المعتقلين وغير ذلك من المسائل من هذا القبيل.
aXA6IDMuMTQzLjI0MS4yNTMg جزيرة ام اند امز